تونس: "القرض الوقائي" من صندوق النقد الدولي يشكل خطرا في الوقت الراهن

تاريخ النشر: 03 مارس 2013 - 11:45 GMT
ساهم الوضعين الاجتماعي والسياسي بالبلاد في التأثير على الوضع الاقتصادي
ساهم الوضعين الاجتماعي والسياسي بالبلاد في التأثير على الوضع الاقتصادي

المعارضة التونسية تعتبر أن "القرض الوقائي" من صندوق النقد الدولي في الوقت الراهن يشكل خطرا جسيما على الاقتصاد التونسي الذي يعاني أصلا من أزمات متعددة.

أثارت المفاوضات التي تجريها الحكومة التونسية المؤقتة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض إئتماني وُصف بالوقائي بقيمة 2.7 مليار دينار"1.74 مليار دولار"، جدلا واسعا بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد.

وسارعت المعارضة إلى رفض هذا القرض، وإلى التحذير من شروطه وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة على القدرة الشرائية للمواطن التونسي التي تدهورت بشكل لافت خلال الأشهر الماضية، فيما تسعى الحكومة المؤقتة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية إلى التحذير من "تسييس" هذا الموضوع و"مغالطة" الرأي العام بشأنه.

وتجري الحكومة التونسية حاليا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض المذكور، حيث قال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي إن هناك إمكانية منح تونس قرضا وقائيا من صندوق النقد الدولي.

وأوضح في تصريحات إذاعية أن هذا القرض الذي ستبلغ قيمته 2.7 مليار دينار"1.74 مليار دولار" "رهين بالإصلاحات التي ستتم على مستوى المنظومة الاقتصادية والاجتماعية و خاصة في مستوى سياسة الدعم".

من جهته قال أمين ماطي رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بتونس إن المفاوضات بين المؤسسة الدولية والحكومة التونسية "بلغت مرحلة متقدمة، وسنتابع الوضع فى تونس من جديد عند تشكيل الحكومة المقبلة".

وقال ماطي ـ حسب وكالة الأنباء التونسية الرسمية ـ "سنقوم بتحديد أفضل السبل لمساعدة البلاد على إنجاز الأهداف الرامية إلى تحقيق نمو أكثر اندماجا والتقليص من معدل البطالة".

وكان الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي قد أعلن في الخامس والعشرين من شهر يناير الماضي، أن بلاده تتفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ائتماني بقيمة 2.7 مليار دينار"1.74 مليار دولار"، لمدة عامين.

واعتبر أن"الاقتراض يشكل السبيل الوحيد لدفع عجلة الاقتصاد الوطني خاصة وأن مستوى الإدخار في تونس ما يزال ضعيفا جدا"، لافتا إلى أن بلاده "بامكانها التحكم في معدل المديونية، الذي يبلغ حاليا 47% من إجمالي الناتج المحلي الخام".

وفي الرابع من الشهر الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي أنه يعتزم خلال الأسابيع المقبلة التوقيع مع تونس على اتفاقية حول "خطة مساعدة وقائية" أي قرض بقيمة 2.7 مليار دينار"1.74 مليار دولار"، وذلك لمساعدتها على مواجهة "الصدمات "الاقتصادية التي تطرحها الأوضاع الدولية.

ولم يتم توقيع إتفاقية هذا القرض خلال الشهر الماضي بسبب الأزمة السياسية التي عرفتها تونس في أعقاب عملية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير/شباط الماضي، واستقالة رئيس الحكومة حمادي الجبالي في 19 من الشهر نفسه.

وبحسب منجي الرحوي النائب بالمجلس الوطني التأسيسي والقيادي بالائتلاف اليساري المعارض "الجبهة الشعبية"، فإن قرض صندوق النقد الدولي يشكل خطرا جسيما على الاقتصاد التونسي الذي يعاني أصلا من أزمات متعددة.

وحذر في تصريحات إذاعية من أن صندوق النقد الدولي "يحاول فرض برنامج إصلاح هيكلي "خطير" على الاقتصاد التونسي يقضي بإلغاء صندوق الدعم في ظرف 3 سنوات والترفيع في الضغط الجبائي إضافة إلى مراجعة صناديق الجراية وصناديق التغطية الاجتماعية".

وقال إن هذا البرنامج لم يحظ باستشارة المجلس التأسيسي و"مع ذلك تحاول الحكومة الضغط على النواب لتمرير قانون الشراكة رغم رفض أغلب نوّاب التأسيسي"، على حد تعبيره.

غير أن حمادي الجبالي الرئيس الحالي لحكومة تصريف الأعمال رفض هذه الانتقادات والتحذيرات، ودعا إلى عدم "تسييس" موضوع هذا القرض، وإلى الابتعاد عن "مغالطة" الرأي العام بشأنه.

وقال في ختام أعمال مجلس وزاري عُقد مساء الجمعة إن" صندوق النقد الدولي لم يفرض شروطا إضافية غير الشروط التي ألزمت تونس نفسها بها مثل إصلاح القطاعين المالي والمصرفي ومنظومتي التأجير والدعم".

واعتبر أن نقل صورة سلبية للوضعين الاجتماعي والسياسي بالبلاد "ساهم في التأثير على الوضع الاقتصادي، ولاسيما على السياحة والاستثمار".

وفيما يتواصل هذا الجدل، يجمع المراقبون على أن تونس تواجه أزمة اقتصادية خانقة قد تدفعها إلى "مرحلة كارثية تهدد بتكرار سيناريو اليونان"، بحسب حسين الديماسي وزير المالية السابق.

ويُعتبر التخفيض المتتالي في الترقيم السيادي الائتماني لتونس واحد من أبرز سمات هذه الأزمة حيث خفضت وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية، قبل يومين، تصنيف تونس الإئتماني درجة واحدة، إلى مستوى "ب أ 1" من "ب أ 3"، وأدرجتها ضمن قائمة "المقترضين المضاربين".

ولم يستبعد تخفيض تصنيف تونس مجددا بسبب الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، علما أن وكالة التصنيف الائتماني الأميركية "ستاندارد أند بورز"، سبق لها أن قامت بتخفيض جديد للتصنيف التونسي من درجة "بي بي" إلى "بي بي سالب".

وكانت وكالتا "ستاندر اند بورز" و"موديز" قد خفضتا خلال الشهر الماضي من تصنيف تونس الإئتماني السيادي بسبب حالة "عدم الاستقرار السياسي" في البلاد.

ورغم ذلك، اعتبر رضا السعيدي الوزير المكلف بالملفات الاقتصادية والاجتماعية أن بلاده "لا تواجه أي إشكال في الوفاء بإلتزاماتها المالية تجاه شركائها الدوليين".وأرجع أسباب تخفيض وكالة التصنيف "موديز" للترقيم السيادي لتونس "إلى التجاذبات السياسية وتعطل تشكيل الحكومة الجديدة".