لو أخذنا أطول فترة ممكنة لبيانات المؤشر السعري لأسعار المستهلك المنشورة من قبل دائرة الاحصاءات العامة في الأردن منذ العام 1967 وحتى الآن لوجدنا أن مستويات الأسعار في زيادة مستمرة وأن الاتجاه السعري متصاعد ويرافقه على طول الفترة تذبذب حاد في مستويات التضخم تتزامن مع معدلات نمو متواضعة في الناتج المحلي الاجمالي، ومن الملاحظ أن نمو الناتج المحلي الاجمالي ترافقة زيادة في الأسعار تفوق بكثير نمو الانتاج وكأن هناك سباقا غير متوافق عليه بين الطرفين.
واذا نظرنا للمنظر الأكبر وعلى مدى الخمس واربعين سنة الماضية نجد ان الأسعار لمختلف السلع والخدمات تأخذ اتجاها صعوديا تتسابق فيه مع مستويات الدخول والدخل المحلي للاقتصاد، فبالرغم من تحسن معدل الدخل السنوي في الاقتصاد المنظم الا أن جزءا من هذه الزيادة تآكل بسبب التضخم المصاحب. ومن المتعارف عليه أن هناك علاقة طردية بين الانتاج والأسعار بحيث أن زيادة الأول تؤدي الى زيادة الثاني نتيجة زيادة الطلب التي يحدثها ارتفاع الدخول للمؤسسات والأفراد، ولكنه من المتعارف عليه ايضا والأوضاع الطبيعية ان تكون الزيادة في الدخول والانتاج اكبر من نسبة الزيادة في الأسعار لكن ما نشهده في الأردن في الاونة الأخيرة نسب تضخم تجاوزت تلك في الانتاج والدخول أدت الى اضعاف نمو الاقتصاد الأردني وتخفيض القوى الشرائية للأفراد.
ان هذا الاحتباس السعري يمكن أن يعزى الى عدة أسباب تزامنت مع بعضها البعض نجملها بـ: التضخم المستورد من جراء استيراد السلع الأساسية والوسيطة ومدخلات الانتاج الأخرى، عمليات الاحتكار لبعض السلع الغذائية، ارتفاع اسعار الطاقة، ارتفاع مقابل الايجار وارتفاع اسعارى الأراضي وباقي العقارات، زيادة عدد السكان الأجانب ودخول تدفقات نقدية للأردن من جراء الظروف السياسية المحيطة توجهت لشراء العقارات والانفاق الاستهلاكي المسرف، تحسن مستويات الدخول في الأردن وتغير السلوك الاستهلاكي للأفراد، ارتفاع الأسعار العالمية، وانتشار الطمع بين الناس. هذه الأمور مجتمعة، أدت الى حدوث الاحتباس السعري في الاردن.