الاقتصاد العماني يشهد فترة من النمو المتراكم

تاريخ النشر: 22 أبريل 2008 - 11:00 GMT

بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" – الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية– سلطنة عمان- الاقتصاد الكلي - واصل الاقتصاد العماني نموه القوي محافظا على النمو البارز الذي حققه خلال العام 2007 وذلك بالتزامن مع موجة ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي. كما سجلت عمان نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 5.7 في المائة في العام 2006 واستقطبت الاستثمارات الأجنبية واهتمام المستثمرين الأجانب والمستثمرين من القطاع الخاص في السوق المحلي على حد سواء.

فخلال العام الثاني من خطة التنمية للفترة ما بين العام 2006-2010، سجل الاقتصاد العُماني نموا في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمعدل نمو سنوي بلغت نسبته 13.1 في المائة ليصل إلى 15.5 مليار ريال عماني في العام في 2007. بينما خلال العامين الماضيين، بدأت الإصلاحات الهيكلية والمتمثلة في تخفيف تطبيق القوانين الضريبية في شهر سبتمبر من العام 2003 ومبادرات الخصخصة الصادرة بموجب المرسوم الملكي رقم 77 لسنة 2004، والتي تشمل الإصلاحات في قطاعات البنية التحتية والسياحة، تؤتي ثمارها. هذا وسجل الاقتصاد العُماني فائضا في الموازنة، كما أدى النمو السكاني المعتدل بالإضافة إلى تبني سياسة اقتصادية توسعية إلى نمو دخل الفرد الواحد بمعدل سنوي مركب بلغت نسبته 13.7 في المائة خلال الفترة ما بين العام 2002 والعام 2007. وتضاعف تقريبا معدل دخل الفرد العُماني، حيث ارتفع من 7,998 دولار أمريكي في العام 2002 إلى 15,180 دولار أمريكي في العام 2007. في حين ساهم الاستقرار المالي الناتج عن ذلك في حصول السلطنة على تصنيف "A " من مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية مع نظرة مستقبلية "مستقرة" في شهر يناير من العام 2007، بينما حصلت على تصنيف "A2" مع نظرة مستقبلية "مستقرة" من مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني في شهر يوليو من العام 2007.

بدأت جهود سلطنة عمان في تنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل تجني ثمارها خلال فترة الخطة الحالية. وفيما يتعلق بالاقتصاد العماني، تعد زيادة إمدادات الغاز الطبيعي من العناصر الأساسية في إستراتيجية الحكومة لتنويع الاقتصاد والتصنيع من خلال الصناعات التكميلية في قطاعي النفط والغاز مثل صناعة البتروكيماويات. وتحتاج أيضا السلطنة إلى إمدادات إضافية من الغاز الطبيعي لتزويد محطات الطاقة وتحلية المياه بالوقود اللازم بالإضافة إلى السماح لمشاريع الغاز الطبيعي المسال في عُمان بأن تعمل بكامل طاقتها، وفي نفس الوقت تزويد شركة تنمية نفط عُمان بالغاز الكافي لكي تواصل برنامج الاستخلاص المعزز للنفط والذي يتم تنفيذه من خلال الغاز الطبيعي، الذي يلعب دورا محوريا في عملية التنويع الاقتصادي.

وعلى صعيد الاستثمارات في سلطنة عُمان، تتسبب المشاريع التي تجتذب الاستثمارات الرئيسية التي تتراوح تكلفتها ما بين 10 إلى 12 مليار دولار أمريكي في زيادة الطلب وهي تتمثل في مشروع الموجة، مشروع المدينة الزرقاء، مدينة يتي، نادي مسقط للجولف والنادي الصحي. وبالإضافة إلى ذلك، مضي برنامج الخصخصة في مساره الصحيح في العام 2007 وذلك فيما يتعلق بقطاعات المياه والكهرباء؛ حيث ستيسر عملية إعادة هيكلة هذه القطاعات استثمارات القطاع الخاص. وبالنظر إلى خطط الحكومة العمانية لتنويع اقتصادها، تنظر الحكومة إلى قطاع السياحة باعتباره وسيلة أخرى لتحقيق أهدافها. وقد حرصت الحكومة العمانية على تطوير قطاع السياحة الذي  قدرت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2007 بنسبة 1 في المائة فقط، غير أنه يتمتع بإمكانيات نمو كبيرة. وقد رصدت الخطة الحالية للتنمية الاقتصادية المخصصات المالية اللازمة لتمويل المشاريع السياحية التي يتوقع إتمامها في العام 2008.

وبالرغم من ذلك، تراجع إجمالي الطاقة الإنتاجية السنوية للنفط بمعدل 3.7 في المائة في العام 2007 ليصل إلى 259 مليون برميل. وتستهدف الجهود التي يبذلها حاليا السياسيون في عمان، إنفاق 10 مليار دولار بغرض استخراج المزيد من النفط من الآبار الحالية باستخدام تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط وذلك من أجل زيادة إنتاج النفط من المستوى الحالي والبالغ حوالي 710 ألف برميل يوميا إلى مليون برميل يوميا بحلول العام 2012. ولتلبية المتطلبات المتزايدة للبنية التحتية الناتجة عن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي يتجاوز نسبة 5 في المائة، أخذت الحكومة على عاتقها تنفيذ المشاريع الرأسمالية الرئيسية وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة فيها. وبالإضافة إلى ذلك، تسبب إعصار جونو الذي ضرب عمان في بعض الخسائر للاقتصاد العماني خلال العام 2007. وقدرت وزارة الاقتصاد الوطنيِ حجم الضرر الذي لحق بالبنية التحتية في عمان بما قيمته 2.5 مليار دولار أمريكي علاوة على خسائر إيرادات الصادرات المفقودة والتي بلغت 200 مليون دولار أمريكي.

تستبعد الإستراتيجية الحالية لعُمان فك ارتباط الريال العُماني بالدولار. كما أنها قررت عدم الانضمام إلى مشروع العملة الخليجية الموحدة المزمع إطلاقه في العام 2010. وعلى الرغم من أن الارتفاع الحاد في أسعار النفط قد جاء في صالح الاقتصاد العُماني الذي انتهي بتسجيل فائض في العام 2007، إلا أن ارتباط الريال العماني بالدولار الأمريكي أدى إلى إشعال فتيل التضخم كنتيجة لانعكاس قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة. وبالإضافة إلى ذلك، أدى تزايد عرض النقد، ارتفاع أسعار الإيجارات وأسعار السلع المستوردة إلى تصاعد الضغوط التضخمية. ووفقا لوزارة الاقتصاد الوطني، بلغ معدل التضخم السنوي في عُمان خلال شهر فبراير من العام 2008 ما نسبته 11.1 في المائة مقابل 8.3 في المائة في شهر ديسمبر من العام 2007. وظهر الارتفاع الرئيسي في الأغذية، المشروبات، التبغ والإيجارات، لترتفع بمعدل 19.6 في المائة و14.1 في المائة على التوالي في شهر فبراير من العام 2008.

بالكاد تأثر القطاع المصرفي العُماني بانهيار أسواق الائتمان الأمريكية الذي ظهر في منتصف العام 2007؛ حيث ازداد عرض النقد بمفهومه الواسع M2 والذي يشمل النقد بمفهومه الضيق وشبه النقد بنسبة 37 في المائة في العام 2007 ليصل إلى 6,111.4 مليون ريال عماني من 4,461.3 مليون ريال عماني تم تسجيلها في العام 2006. وعلى صعيد عرض النقد بمفهومه الواسع ارتفع عرض النقد الضيق فئة M1 والذي يمثل إجمالي النقد المتداول والودائع تحت الطلب بالريال العماني بنسبة 55.9 في المائة في العام 2007 ليصل إلى 1,916.9 مليون ريال عماني من 1,229.6 مليون ريال عماني في العام السابق. أما بالنسبة لإجمالي أرصدة الإقراض فقد ارتفعت خلال العام 2007 بنسبة 38.5 في المائة وصولا إلى 6.51 مليار ريال عماني من 4.7 مليار ريال عماني في العام 2006.

أظهر الأداء الاقتصادي المرتفع لعُمان، والذي انعكس على أسواق الأوراق المالية، زيادة السيولة ومستوى المشاركة في السوق نتيجة لارتفاع ربحية الشركات المدرجة. حيث أغلق مؤشر سوق عُمان للأوراق المالية أي سوق مسقط للأوراق المالية (MSM-30) عند 9,035.5 نقطة في نهاية العام 2007، بارتفاع بلغت نسبته 62 في المائة عن مستوى إغلاق نهاية العام 2006 والبالغ 5,581.6 نقطة. وأغلق مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية MSM-30 عند 10,102.6 نقطة كما في نهاية شهر مارس 2008 مسجلا نموا منذ بداية العام وحتى تاريخه بنسبة 11.8 في المائة، وهو ما يعد أعلى معدل نمو على مستوى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي خلال  نفس الفترة. هذا ومن شأن اهتمام الحكومة المتزايد بالخصخصة أن يؤدي إلى جذب المزيد من  المشاركة الأجنبية في مشاريع التنويع في سلطنة عمان. ونحن نَعتقد بأن عوامل مثل الزيادة في الفوائض المالية، السياسات النقدية والمالية السليمة، نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل ثنائي الرقم والعدد الكبير من السكان الشباب في عُمان، سوف يساعد في نمو الاقتصاد العماني بوتيرة سريعة ليسجلا بذلك ارتفاعات جديدة.

© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن