اما وقد وضعت حملات الانتخابات النيابية أوزارها وتم انجاز يوم الاقتراع بما له وما عليه لتشكيل البرلمان السابع عشر، يترقب الاردنيون والمراقبون اداء النواب الجدد في كافة مناحي حياة المواطنين سياسيا واقتصاديا واداريا واجتماعيا، وبالرغم من التحديات السياسية التي تهيمن على دول المنطقة وشعوبها، تتقدم الملفات الاقتصادية الاجتماعية باعتبار الاقتصاد معيشة الناس، من الغلاء ، الى البطالة والفقر، وتوفير المزيد من فرص عمل جديدة، وتباطؤ الاقتصاد وتأزم اوضاع قائمة ليست قصيرة من الشركات والمشاريع بخاصة الشركات المساهمة العامة، وصولا الى الملفات الكبيرة والشائكة في مقدمتها اسعار الطاقة الكهربائية والمحروقات الى عجز الموازنة العامة للعام المالي الحالي، وادارة الدين العام الذي تخطى حاجز 23 مليار دولار مدعوما بفتح شهية الحكومات المتعاقبة للاستدانة برغم تأثيراتها السلبية على مناخ الاستثمار، ثم يأتي مكافحة الفساد... الملف القضائي اصلا .
الغالبية العظمى لشعارات المرشحين كانت تفتقر للبرامج الاقتصادية الحقيقية، واقتصرت على مناشدات وشعارات غير منتجة، اي ان الناخبين الذين توافدوا على الصناديق دوافعهم الرئيسة هي انجاز مرحلة مهمة وارسال رسالة الى الجميع ان البناء اصعب من الهدم، وان حماية الاستقرار والامن اغلى من كل الشعارات والبرامج وان كانت في غاية الاهمية في هذه المرحلة، وان الامل ان يساهم البرلمان القادم في تسريع وتيرة الاصلاح الشامل بدون مجاملة، ايمانا بأن الاصلاح يجب ان يتعمق سياسيا واقتصاديا واداريا واجتماعيا، بدءا من قانون الانتخاب الى ابسط متطلبات حياة افضل للمواطنين.
مسيرة الدولة الاردنية الحديثة تؤكد منذ تسعة عقود تمسكها بعقد سياسي اقتصادي واجتماعي ارسى قواعده الهاشميون وارتضاه الاردنيون، وعاشوا بتعاون وتسامح لبناء دولة حديثة، وكان المواطنون اكثر التزاما وتكاتفا في الازمات والملمات، وفي هذا السياق ليس من باب الصدفة ان يجتاز الاردن بثقة في حقول من الغام التغير وما يسمى بـ « الربيع العربي» وتداعيات الازمات الواحدة تلو الاخرى، الا ان القاسم المشترك في مسيرة الاردن يتجسد في التفاف المواطن حول القيادة واللجوء اليها في الازمات، وتتجسد دوما في ضعف الثقة بين المواطنين والحكومات التي انخفضت الى مستويات متدنية لاسيما خلال السنوات القليلة الماضية.
وهنا فأن المجلس السابع عشر مطالب شعبيا ان يقدم صورة متقدمة من تعاون ورقابة حقيقية على الحكومة القادمة، والالتزام بالفصل بين السلطات الثلاث، ورسم خطوط واضحة لمسيرة البلاد، وتبرز الملفات الاقتصادية باعتبارها حجر رحى العمل لتحسين مستويات معيشة الناس، وبصورة ادق ان على النواب التركيز على انضاج سياسات اقتصادية ومالية ونقدية قادرة على انتشال البلاد والعباد مما هم فيه من كرب ومعاناة و السير في البلاد الى التعافي وبلوغ نمو قادر على معالجة الاختلالات الطارئة والمزمنة وهذا ما يترقبه المواطنون والمراقبون.