السودان ترفع الأجور للحد الأدنى

تاريخ النشر: 03 يناير 2013 - 11:55 GMT
لقد عادل دخل العامل ثمن وجبة غذائية وأخرى غير غذائية، أي الاكتفاء بالفطور والعشاء
لقد عادل دخل العامل ثمن وجبة غذائية وأخرى غير غذائية، أي الاكتفاء بالفطور والعشاء

رفع الحد الأدنى للأجور مطلب عمالي حمله اتحاد عمال غندور واتحاد عمال غندور هو الاتحاد العام لعمال السودان، وهناك عادة سودانية قد تكون موروثة من العهد النوبي القديم أو التأثير الفرعوني في حضارة وادي النيل جنوباً وشمالاً، هذه العادة تتلخص في اختصار الكيان باسم رئيسه، إما تقليلا لشأن الكيان أو تعظيماً لشأنه خصوصاً إذا كان الرئيس من أهل السطوة والحظوة والقبول الإلهي، مثلاً هلال البرنس «سابقاً» معناها هلال السودان، وبعد «تأمرخ» «البرنس» فإن مريخ العجب، أي مريخ فيصل العجب سيصبح مريخ العجب والبرنس، والفضل في ذلك يعود للبرنس والبرير، إذ لم يراع الأول تاريخه ولم يراع الثاني تاريخ الأول.

انتصار العمال بزيادة حدهم الأدنى للأجور لا تعتقد عزيزي القارئ بأنه وليد اهتمام الدولة بعمالها أو ترده إلى أنهم قرروا الدخول في إضرابات وأن الحكومة قد خافت وارتعدت فرائصها، والعمال يهددونها بالإضراب والنزول إلى الشارع.. وأصل حكاية العمال تتلخص في طلبهم رفع الحد الأدنى للأجور في ظل ضائقة معيشية وارتفاع معدل التضخم ومع تخلي الحكومة عن دعم الصحة والتعليم فإن دخل العامل عادل ثمن وجبة غذائية وأخرى غير غذائية، أي الاكتفاء بالفطور والعشاء.. مع ملاحظة أن الوجبة الواحدة ليلاً وصباحاً من فئة واحدة.. وجاء في الأنباء بأن وزارة المالية لا زال موقفها متأرجحاً بين القبول بزيادة الأجور ورفض الزيادة إلا بعد وصول تقرير اللجنة الرئاسية التي تم تكوينها للنظر في طلب اتحاد العمال زيادة الحد الأدنى للأجور، والمعروف بالضرورة عمالياً أن منحة الرئيس البشير والبالغة مائة جنيه لكل من يعمل في القطاعين العام والخاص لم تنفذ والدليل قول رئيس اتحاد العمال «منحة الرئيس لم تطبق في كثير من مؤسسات الدولة» وهذه المنحة أعلنها المشير البشير في بداية الأزمة الاقتصادية ومع تفاقمها فإن عدم تطبيقها يعطي صورة لمآلات أحوال العمال.

والقضية التي تفجرت بين اتحاد العام ووزارة المالية كانت بسبب موازنة العام الجديد 2013م؛ إذ لم تتضمن زيادة الحد الأدنى للأجور، وفي لقاء جمع قادة اتحاد العمال بالمكاتب التنفيذية للنقابات المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال، أكد غندور تمسك الاتحاد برفع الحد الأدنى للأجور في ظل أوضاع اقتصادية ضاغطة وأن تحركهم هذا لرفع الحد الأدنى للأجور من منطلق مسؤوليتهم الوطنية، وأضاف غندور «هناك جهات تريد مرمطة الاتحاد وهذا ما لن يحدث»، والمرمطة عنوانها الأبرز «البشتنة» ومرمطة وبشتنة تعني بصريح العامية السودانية أن العمال في حالة مادية ومعنوية لا تساهم في رفع الإنتاج، وهذا عين ما قالته نقابة الزراعة «كيف يطالب وزير المالية العامل بزيادة الإنتاج وراتبه لا يغطي تكلفة المواصلات». إلا أن غندور قائد العمال والقيادي البارز في الحزب الحاكم لم يترك لوزارة المالية الأمر بالرفض لزيادة الأجور أو القبول على مضض ولكن حذر الجميع الوزير والحكومة قائلاً: «إذا كُسرت هذه المؤسسة (اتحاد العمال) سينكسر مرق كبير في الدولة» «والمرق» عُود يوضع في منتصف الدائرة ليشد سقف الغرفة إلى فوق حتى يحول دون سقوط «السقف». وأخيراً حتى لا ينكسر «مرق الدولة» وتنهار بالتالي، ويخرج العمال إلى الشارع مطالبين «بالمرق» بفتح «الميم»، فقدت قررت اللجنة الرئاسية الموافقة على مطالب العمال وزيادة الحد الأدنى للأجور، وبذلك تنتقل فصول الرواية إلى القطاعين العام والخاص، وتتحول مطالب العمال من رفع الحد الأدنى للأجور إلى استلام الحد الأدنى للأجور!.