أعدت إيزابيل كيرشنر تقريراً نشرته صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان «الضغوط المالية تهدد استقرار السلطة الفلسطينية»، أوردت فيه أنه مع مرور الذكرى التاسعة عشر على توقيع اتفاقات أوسلو مع إسرائيل، تواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية يقول الخبراء إنه من شأنها أن تهدد العمليات والاستقرار في المستقبل. فقد أعلن صندوق النقد الدولي في العام الماضي أن السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب شيدت المؤسسات والسياسات المالية اللازمة لإدارة الاقتصاد في دولة مستقبلية. وفي هذا الصدد يقول أسامة كنعان، رئيس بعثة الصندوق إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، إنه لم يطرأ أي تغيير. ولكن أصبحت احتمالات إقامة الدولة الفلسطينية في الوقت الراهن ضعيفة، بينما امتدت اتفاقات أوسلو، التي كان من المفترض أن تكون بمثابة ترتيبات مؤقتة تمنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً محدوداً، إلى حوالي عقدين من الزمان على نحو أسفر عن ترسيخ الأوضاع التي تحد من التنمية الاقتصادية.
ويشير التقرير إلى أن السلطة الفلسطينية، التي واجهت غضباً شعبياً متزايداً بشأن تدابير التقشف وغلاء الأسعار التي تُعزى إلى حد كبير إلى عوامل خارجية، تحتاج على الفور إلى 400 مليون دولار لتغطية الفجوة في ميزانية عام 2012. وبعيداً عن ذلك، يرى كنعان أنه في سبيل بناء اقتصاد مزدهر دائم والحد من البطالة ودعم الإصلاحات المختلفة، ينبغي تخفيف القيود التي تفرضها إسرائيل على التجارة والتنقل من قبل الفلسطينيين، وأن تقدم الجهات المانحة قدراً كافياً من المساعدات. ويحذر كنعان أنه في حالة عدم تحقيق ذلك، قد تضيع المكاسب التي تحققت خلال السنوات الأخيرة في بناء المؤسسات وتنفيذ الإصلاحات، وفي نهاية المطاف لن تكون السلطة الفلسطينية قادرة على العمل. ويُسند كنعان تقييمه إلى نتائج توصل إليها خلال زيارة أخيرة قادها إلى الأراضي الفلسطينية لتقصي الحقائق، ومن المزمع تقديم تقرير حول هذه النتائج إلى مؤتمر للمانحين في الأمم المتحدة في 23 من الشهر الجاري. وسيثير ذلك التقرير الانتباه إلى أن السلطة الفلسطينية التي مقرها الضفة الغربية تواجه «مخاطر جمة»، من بينها عدم القدرة على توفير الأموال الأساسية مثل أموال الرواتب، بما يؤثر بشكل كبير على الاستقرار. هذا وقد شهدت الضفة الغربية على مدى العامين الماضيين وعكة اقتصادية مع تراجع قيمة إجمالي الناتج المحلي إلى 5 % من 9 % في الفترة ما بين 2008-2010.
وأدت التحديات المالية الصعبة خلال العشرين شهراً الماضي إلى تأخر المدفوعات على الصعيد الداخلي وتزايد الديون للبنوك التجارية. ورغم أن السلطة خفّضت اعتمادها على المساعدات الدولية عقب الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها، لم تكن الأموال التي تتسلمها منذ ذلك الحين كافية لتغطية متطلباتها.
ويوضح التقرير أن جزءاً من العجز يُعزى إلى تراجع المساعدات المقدمة من قبل الدول العربية. فقد كان المانحون العرب يقدمون في السابق 500 مليون دولار، ولكن المبلغ انخفض في عام 2011 إلى أقل من 200 مليون دولار. وتعاني السلطة الفلسطينية بالفعل من ضغوط متزايدة نتيجة للاحتجاجات الشعبية التي شهدتها خلال الأيام القليلة الماضية ضد غلاء المعيشة، والتي توجهت في معظمها ضد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض.