الطبقة الوسطى في العالم

تاريخ النشر: 12 نوفمبر 2012 - 01:15 GMT
على مد السنوات تأرجحت شعبية النظام الرأسمالي بين مؤمن ومشكك
على مد السنوات تأرجحت شعبية النظام الرأسمالي بين مؤمن ومشكك

عندما تأسست الأنظمة الاقتصادية العالمية من رأسمالية كانت أو اشتراكية أوغيرها راعت في أسسها دخل الأفراد وكانت تهدف الى إيجاد آلية توزع فيها الدخول بعدالة إما من خلال التدخل المباشر للحكومات في تحديد قيمها والمساواة بين الجميع مثل الاشتراكية , أو ترك السوق ليتفاعل ليحدد دخول الأفراد والقيم الحقيقية لأجورهم مثل الرأسمالية.

وتقوضت دعائم النظم الاشتراكية مع سقوط روسيا وتهافتت الدول الى اتباع الرأسمالية الأمريكية التي رسمت نظاما ماليا يتواءم مع ظروفها ويخدم مصالحها. لكن وعلى مد السنوات تأرجحت شعبية النظام الرأسمالي بين مؤمن ومشكك فيما يخص قدرته على إيجاد بيئة صحية تعمل ضمنها اقتصادات العالم. أما التشكيك فكان حول قدرته في تحقيق العدالة في توزيع الدخول بحيث تكون الغالبية العظمى من المواطنين تقع ضمن شريحة الطبقة الوسطى والقلة ضمن شريحتي الفقراء والاغنياء وبحيث يبقى هذا التوازن مستمراً ليضمن سير اقتصاد صحي خال من الأمراض. تلك الأمراض التي تؤدي الى فقدان هذا التوازن بحيث تتعدى شريحة منه على الأخرى وتتفشى الأمراض الاقتصادية فيه من ضعف الطلب على السلع والخدمات ضمن الدورة الطبيعية للطلب والعرض. ما عنيته انه ولضمان العدالة في توزيع الدخول يجب أن تحرص الدول على بقاء الغالبية العظمى من المواطنين ضمن الطبقة الوسطى الحلقة الأهم في تحريك عجلة الاقتصاد والتجارة داخل وبين الدول.

ولكي تحرص الدول والحكومات على بقاء الغالبية العظمى من مواطنيها ضمن الطبقة الوسطى لابد من عدم إثقالها بشتى أنواع الضرائب والحرص على كبح جماح التضخم الذي يسبب تآكل القيم الحقيقية للدخول. لكن التجارب العملية هنا وهناك أثبتت وجود تراجع حقيقي في حجم الطبقة المتوسطة في دول العالم الرأسمالية على حساب زيادة ملحوظة في حجم الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية فأصبح توزيع الدخول غير طبيعي وأدى بالمحصلة الى تقهقر الاقتصادات الداخلية والتجارة وحدوث الكساد فيها وارتفاع معدل بطالة أفرادها. إن التضخم العالمي والاحتباس السعري , الذي سببته الحروب, وبورصات المعادن والطاقة , وليبرالية الأنظمة الاقتصادية , أثر وبشكل سلبي وأدى الى انكماش الطبقة الوسطى وخاصة في الدول الضعيفة إنتاجيا وزاد من معدلات الفقر فيها وتكدست الأموال في يد قلة يمتلكون الحصة العظمى من الأموال.