لا يزال حجم إنجازات القطاع الخاص الخليجي في سوق العمل متدنياً، حيث لم يتجاوز عدد العاملين الخليجيين بالقطاع الخاص الخليجي – باستثناء مواطني الدولة – 20 ألف عامل.
وتوقع “صندوق النقد الدولي”، أن يسهم القطاع الخاص في منطقة الخليج بإنشاء 600 ألف فرصة عمل جديدة للمواطنين بحلول 2019، ما يمثل نحو نصف عدد السكان المواطنين الذين سيدخلون سوق العمل بحلول هذا العام، والذين يقدّر عددهم بـ1.2 مليون شخص.
وعليه، يمكن أن تزيد نسبة البطالة بين المواطنين، ما لم يتم تبني سياسات جديدة بمجال الموارد البشرية لضمان حصول المواطنين من دول “مجلس التعاون الخليجي” على فرصة للانضمام إلى سوق العمل في القطاع الخاص.
منهجية عمل شمولية
أفادت شركة “بوز ألن هاملتون” لخدمات الاستشارات الإدارية والتقنية، أنه على القطاع الخاص الخليجي اكتشاف منهجيات جديدة في مجال التوظيف والتطوير والرعاية والاحتفاظ بالمواهب بين المواطنين، بغرض تلبية متطلبات قوانين العمل، والاستفادة من المواهب المحلية بصفتها ميزة تنافسية.
وحذّرت الشركة، من زيادة البطالة بين المواطنين، مطالبةً بعدم تجاهل الخطط الحكومية في هذا المجال، واعتبارها فرصاً لتعزيز الأعمال وليس زيادة الإنفاق.
وطالبت الشركة، مؤسسات القطاع الخاص في المنطقة بوضع حد لتجاهل التوصيات الحكومية فيما يتعلق بنسب المواطنين بين الموظفين، وهي إجراءات ستصب بمصلحة إنتاجية هذه المؤسسات وربحيتها واستدامتها، بحسب صحيفة “الحياة”.
ويتوجب على مؤسسات القطاع الخاص تبني منهجية عمل شمولية، تهدف إلى تعزيز نسب التوطين، والاستفادة من قوة العمل المحلية والمواهب التي تقدمها.
غياب الإدارة الفاعلة للمواهب
وأوضح نائب الرئيس لشؤون الموارد البشرية والخدمات المؤسسية في “بوز ألن هاملتون” فؤاد عبد الهادي، أن إعادة النظر في الاستراتيجيات الهادفة إلى جذب المواهب المواطنة والاحتفاظ بها، سيوفر فوائد ملموسة للمؤسسات الخاصة، ويعزز تنوعها الثقافي وتأثيرها الاجتماعي في الوقت ذاته.
وذكر التقرير أن بعض شركات القطاع الخاص في المنطقة واصلت التعامل مع نسب العمالة المواطنة الموصى بها في قوانين العمل على أنها مصدر نفقات إضافية، فيما يجب التعامل معها على أنها فرصة حقيقة لتعزيز الأعمال.
وتفتقر غالبية مؤسسات القطاع الخاص إلى إدارة فاعلة للمواهب، التي تعمل على جذب المواطنين من القطاع العام إلى الخاص.
من جانبه، بين نائب الرئيس للقطاع العام في “بوز ألن هاملتون”، رشيد الطيب، أنه لا يمكن تحقيق التوطين الفعلي دون إحداث توازن بين الحاجات الإستراتيجية للمؤسسات من جهة، والمنافع التي يأتي بها التكامل مع المجتمع المحلي على المدى البعيد من جهة أخرى.
وبدأت الشركات، التي طبقت هذه الإستراتيجية سابقاً، بجني ثمارها اليوم عبر جذب أهم المواهب بين المواطنين في دول المجلس، وعليه فإن النجاح في المنطقة على المدى البعيد يرتبط بشكل جوهري بتبني إستراتيجية واضحة للشمول والتوطين.
التوطين والمنافسة
وتناولت دراسة مركز البحوث والدراسات بـ”غرفة الرياض” حول” دور القطاع الخاص الخليجي في دعم سوق العمل الخليجية المشتركة”، العقبات التي تقف حجر عثرة أمام قيام القطاع الخاص الخليجي بدور فاعل وهام في دعم سوق العمل الخليجي، منها تفضيل توظيف العمالة الوطنية نتيجة الالتزام بنسب توطين معينة تمثل ضغطاً على كل دولة، وبالتالي لا يوجد مجال متسع للنظر في توظيف عمالة خليجية من غير مواطني الدولة.
ومن العقبات أيضاً، بروز نوع من المنافسة غير المتكافئة بين العمالة الوطنية بكل دولة العمالة الوافدة من الدول الأجنبية، التي تزداد حدتها بين العمالة الخليجية من غير مواطني الدولة و العمالة الوافدة، لأن العمالة الخليجية المطلوب توظيفها بمنشآت القطاع الخاص الخليجية في غير دولها تمتلك حقوق العمالة المواطنة، وحقوق العمالة الوافدة، بشكل لا يكسبها أفضلية التوظيف.
الأجور الرخيصة
وبينت “غرفة الرياض”، أن حقيقة حرية انتقال العمالة في القطاع الخاص الخليجي لم تحقق المأمول منها، لأن الخليج يعتمد بشكل كبير على عمالة غير ماهرة، وبمستويات أجور متدنية في مهن غير مقبولة للعمالة الخليجية نفسها، وبالتالي ما ينطبق على العمالة الوطنية في كل دولة هو نفسه ما ينطبق على عمالة دول المجلس.
والقدرة التنافسية للقطاع الخاص الخليجي، تقوم على الأجور الرخيصة، بشكل أكبر من القدرة على المنافسة والجودة أو كفاءة المنتج.
ويزداد هذا الأمر وضوحاً مع انضمام دول المجلس إلى “منظمة التجارة العالمية”، وبالتالي فإن فتح الأسواق الخليجية أمام المنتجات الأجنبية جعلها في منافسة مكشوفة مع هذه المنتجات على أراضيها، بشكل رسخ انسياقها وراء الأجور الرخيصة كمعزز رئيسي لقدرتها التنافسية أمام منتجات أجنبية تمتلك قوة وخبرة أعلى منها.
ولا يزال القطاع الخاص الخليجي بمنأى عن العمالة الخليجية لأنها تطالبه بحقوقها كاملة في كافة الظروف، من مزايا أو تعويضات أو بدلات أو غيرها، وهذا ما لا تستطيع كثير من منشآت القطاع الخاص الخليجية توفيره، وبشكل خاص المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والمنشآت حديثة العهد بالسوق.
ووصل عدد العمالة الأجنبية في القطاع الخاص الخليجي إلى حوالي 8.9 ملايين عامل، وتمثل 80% من نسبة العاملين في القطاع، ولم يقم القطاع الخليجي بدور فاعل في دعم سوق العمل الخليجي، وذلك بسبب سريان ذات الاختلالات القطرية الموجودة بكل دولة.
مظاهر الخلل
حددت الدراسة مظاهر الخلل في أسواق العمل الخليجية، بوجود مخاوف من تضاؤل قدرة دول الخليج على توفير فرص العمل لمواطني دول “مجلس التعاون الخليجي”، خاصة في ضوء التزايد الآني لعدد السكان دون سن 20 عاماً، حيث تشير التوقعات إلى أنهم يمثلون نحو نصف رعايا دول الخليج، ما يعني استمرار تدفق أعداد كبيرة من الخريجين إلى سوق العمل سعياً في الحصول على وظائف تتناسب وتطلعاتهم، إضافة إلى أن حوالي 80% من مواطني الخليج يعملون بالقطاع الحكومي الذي ليس بمقدوره الاستمرار في توفير المستوى نفسه من الوظائف الجديدة بسبب المستجدات الاقتصادية، ما يشكل تهديداً لإيجاد عدد كاف من الوظائف ضمن هذه الدول.
اقرا ايضا
دول الخليج تدرس تحديث المنافذ الجمركية بمشاركة القطاع الخاص
الامارات تدرس تعديل قانون العمل لجذب مواطنيها إلى القطاع الخاص