قبل بدء محاكمة أقطاب النظام المصري السابق وقف د. مصطفى الفقي «المفكر المصري المعروف» وطالب بإبرام صفقة مع زعماء النظام السابق تقتضي باسترداد الأموال العامة والأراضي المنهوبة مع الإفراج عنهم، ما عدا المتهمين بقضايا القتل والدم، وذلك حتى يتم تسعيرة كل متهم بحسب ثروته وأمواله التي نهبها من المال العام، وبعدها يتم ضخ تلك الأموال في خزينة الدولة من أجل مشاريع إسكانية وخدماتية لمصر وشعبها في ظل ما تعانيه مصر من ظروف اقتصادية صعبة.
كانت رؤية د.مصطفى الفقي تهدف للصالح العام، لأن الوطن لن يجني أي فائدة من سجن مليونيرية النظام السابق لو تم سجنهم في ظل عمليات صعبة ومعقدة لاسترداد الأموال التي ذهبت الى البنوك الأجنبية وتم تداولها عبر عمليات غسل الأموال بطريقة يصعب استردادها بحسب أي قانون.. ولكن نداء ورؤية ومطالبة د. الفقي لم يسمع لها، وصدرت الأحكام بالسجن على الزعماء، ولا تزال مصر تعيش في ظروف اقتصادية ومالية صعبة، لم ير منها المواطن المصري سوى المزيد من المتاعب والمآسي.
دول الربيع العربي التي تحررت من الأنظمة الديكتاتورية لا تزال تعيش في خريف عربي اقتصادي مظلم وحالك، وهي وإن تحررت من النظام السياسي إلا أنها تعيش في نظام اقتصادي أشد خطورة من النظام السياسي السابق، وأصبح المواطنون هناك يترحمون على الوضع الاقتصادي والحالة المعيشية أيام النظام السياسي السابق، ولو تمت الاستجابة لمطالب د. الفقي وتم تعميمها في دول الربيع العربي لتحقق الرخاء والفائدة لتلك الدول وشعوبها. بالأمس افتتح في دولة قطر الشقيقة المنتدى العربي لاسترداد الأموال المنهوبة، وقد نفى وزير العدل القطري أن يكون في قطر أحد من ناهبي الأموال، وأنه لا توجد على أراضيها أي أموال منهوبة من أي دولة، وأن المنتدى العربي لاسترداد الأموال المنهوبة سيصدر آليات من أجل استرداد الأموال المنهوبة، وأن هذه الآلية تتدعم من خلال القوانين والاتفاقات الدولية ولاسيما من الدول التي نهبت أموالها من أجل استردادها، وأن أمر استرداد الأموال المنهوبة من دول الربيع العربي أمر ليس هينا. استرداد الأموال المنهوبة أمر في غاية الأهمية لدى أي مجتمع، ولا شك أن ذلك يعود بالنفع على دعم وقوة أي اقتصاد في أي دولة تريد استرداد حقها وكرامتها وتنفيذ وعودها بالرفاهية والعيش بكرامة لشعوبها، لأن إطلاق التصريحات والوعود لن يتحقق في ظل الفقر والفاقة وضعف الناتج القومي وخزينة الدولة ولكن عمليات الاسترداد اليوم ليست مقتصرة على الأموال فقط في الدول العربية، فهناك أمور كثيرة وثروات عديدة تم سلبها وهدرها ونهبها على حساب الشعب وأجيال المستقبل، وهذه الأمور ربما لن تقدر القوانين والتشريعات على استردادها بسهولة.
ربما الدول العربية اليوم مطالبة بإعادة النظر في دراسة مقترح د. مصطفى الفقي في إبرام صفقة مع المتهمين والمحكومين بسلب الأموال والثروات لإعادتها الى خزينة الدولة وفق آلية ومعايير محددة ومعلنة، بدلا من الحديث السياسي والكلام الكثير عن أموال منهوبة ومسروقة الجميع يعرف من نهبها وكيف سرقها، ويتم عرضها وكشفها سنويا في تقارير ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية والمالية في الدول العربية، لكن لا أحد بمقدوره استردادها وإرجاعها أو حتى محاسبة مرتكبيها.
تبقى قضية القانون المنهوب والمسروق الذي يتم تجاوزه من المعارضة الطائفية في مملكة البحرين بحاجة الى وقفة جادة مع سراق القانون وناهبي الأمن والاستقرار ومهددي الوحدة الوطنية عبر عمليات العنف والتخريب الطائفي التي ربما لا تحتاج الى مؤتمر أو منتدى أو بيان أو تصريح بقدر حاجتها الى تطبيق القانون وتنفيذه بكل شجاعة وبكل مساواة وعدالة من دون تردد ولا خوف من جماعات التخريب في الداخل وجهات الدعم في الخارج (دولا ومؤسسات).