يواصل النمو الاقتصادي في الكويت مساره الجيد بفضل أسعار النفط المرتفعة. ونتوقع أن يتراوح معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2006 بين 6.5 إلى 7 في المائة. ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2005 وصولا إلى 8.1 في المائة مقابل 6.2 في المائة في العام 2004. كما تحسن الناتج المحلي الإجمالي للفرد من 6,343 دينار كويتي (21,722 دولار أمريكي) في العام 2004 إلى 7,886 دينار كويتي (27,006 دولار أمريكي) في العام 2005. ونتوقع استمرار النمو الاقتصادي مع تراوح أسعار النفط حول معدل 50 دولار أمريكي للبرميل الواحد، من منظور قصير إلى متوسط الأجل على أقل تقدير.
إلا أن النمو الاقتصادي سيواصل اعتماده بشكل كبير على أسعار النفط، الأمر الذي لا يعمل في صالح النمو الاقتصادي في الأجل الطويل بالكويت. ويمكن أن يظهر الاعتماد على النفط من حقيقة أن قطاع النفط والغاز ساهم بما نسبته 52.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2005. وشكلت إيرادات النفط 94.4 في المائة من إجمالي الإيرادات في العام المالي 2006/2005 كما شكلت صادرات النفط 93.9 في المائة من إجمالي إيراد الصادرات في العام 2005. في هذه الفترة من النمو الاقتصادي، نرى ضرورة اتجاه الحكومة نحو تقليل اعتمادها على النقط، والاتجاه نحو تنويع الاقتصاد كما حدث في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. كما قدم صندوق النقد الدولي توصيته إلى الكويت لتقوية قدرتها على زيادة الإيرادات غير النفطية لتقليل الاعتماد على السوق النفطي المتقلب. لقد شهدنا التقلب في أسعار النفط خلال الأشهر القليلة الماضية حيث انخفض سعر سلة أوبك من 72.7 دولار للبرميل في أغسطس 2006 إلى أقل من 50 دولار للبرميل مع بدايات العام 2007.
بالنظر إلى تنوع الاقتصاد، من المهم التركيز على الإنفاق الرأسمالي الذي لا يزال قليل خصوصا في فترة الازدهار الذي سببته أسعار النفط المرتفعة. إلا أنه من الناحية الإيجابية تتبع الحكومة خطوات جيدة في هذا الاتجاه. وقد صرح وزير المالية أن الميزانية الحالية تركز نوعا ما اهتمامها على الإنفاق الرأسمالي لدورها المهم في تنشيط الاقتصاد. حيث أن زيادة الإنفاق الرأسمالي له تأثير إيجابي على الاقتصاد الكلي، كما يتسع تأثيره ليشمل قطاعات عدة مثل التشييد، الأسمنت، والعقارات وغيرها وإن كان بصورة أقل. كما أن الإنفاق الرأسمالي يساهم في تحقيق معدلات النمو المستهدفة وخلق فرص عمل جديدة. لذلك فإنه من الضروري زيادة الإنفاق الرأسمالي خاصة في هذه الفترة التي تشهد فائضا في إيرادات الحكومة عوضا عن إسقاط الديون عن المواطنين. ففي العام 2006 كان هناك اقتراح بإعدام الديون عن المواطنين الكويتيين وذلك في ظل ازدهار عائدات النفط الأمر. ويخلق هذا الاقتراح، في حال تنفيذه، سابقة خاطئة يمكن اعتبارها حافز لعدم سداد القروض، كما يمكن أن يساهم في حدوث تضخم مالي. إلا أن مجلس الأمة رفض فكرة قانون إعدام القروض في ديسمبر 2006 وهو ما يعد خطوة إيجابية.
كخطوة نحو تنويع الاقتصاد، طرحت الحكومة الاقتراح الرابع لتأسيس ثلاثة شركات مساهمة جديدة عن طريق تخصيص 2.7 مليار دينار كويتي من الاحتياطي المخصص للأجيال المستقبلية. ستقوم شركة تطوير جزيرة بوبيان برأسمال قدره 1.2 بليون دينار بإدارة مشروع طويل المدى لتطوير البنية التحتية لجزيرة بوبيان (بما فيها ميناء حاويات رئيسي جديد). ستقوم شركة تشييد وتطوير الكويت وهي شركة استثمار جديدة برأسمال قدره مليار دينار كويتي التركيز على قطاعات الصحة والصناعة. ويعتبر صندوق الكويت للتنمية الاجتماعية الشركة الثالثة التي ستستثمر 500 مليون دينار كويتي كمبادرة لدعم النمو الاجتماعي وتطوير الموارد البشرية. تتوزع ملكية هذه المشاريع بين الحكومة بنسبة 20 في المائة والمواطنين بنسبة 80 في المائة. إلا أنه لا يحق للمواطنين بتداول أسهمهم و يحق لهم الحصول على توزيعات الأرباح فقط. كل هذه المبادرات التي اتخذتها الحكومة تعكس التزامها بالمشاريع الكبرى.
هناك بعض المشاريع الجديدة الأخرى التي لا تزال قيد الانجاز في الوقت الحالي مثل: مشروع جزيرة فيلكا، مشروع جامعة الكويت، مشروع الطريق الدائري، ومشروع الكويت. إضافة إلى ذلك، تم الإفصاح عن أن الهيئة العامة للإسكان تنفذ حاليا 29 مشروع إسكاني بقيمة 224 مليون دينار كويتي. وتحرص الحكومة في الوقت الحالي على منح أهمية أكبر لمشاريع الـ BOT (بناء، تشغيل، نقل ملكية) بالتعاون مع القطاع الخاص، إلا أن القطاع الخاص يواجه بعض المشاكل فيما يتعلق بالمشاركة في مشاريع الـBOT مثل البيروقراطية الحكومية (عدم القدرة على إصدار التراخيص) بالإضافة إلى عدم وجود إجراءات موحدة للتعامل مع الهيئات العامة. واستجابة لاحتياجات القطاع الخاص صرح وزير المالية بأن هناك قانون جديد لمشروعات الـBOT سيتم طرحه على مجلس الأمة قريبا. كما أن الحكومة تنوي تطبيق مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص للتغلب على المعوقات الرئيسية التي تواجه مشروعات BOT.
يمكن للاستثمار الأجنبي في الكويت أن يساهم في تنويع الاقتصاد من خلال المساهمة في تعزيز القطاعات الأخرى إلى جانب النفط والغاز. مقارنة بالإمارات العربية المتحدة، التي اجتذبت 12 مليار دولار أمريكي من الاستثمار الأجنبي والسعودية التي اجتذبت 4.6 مليار دولار، أما الكويت فقد اجتذبت 250 مليون دولار فقط من الاستثمار الأجنبي المباشر في العام 2005. طبقا لتقرير الاستثمار العالمي للعام 2006 الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (يونيكتاد)، احتلت الكويت المركز 132 في مؤشر أداء الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام 2005 وهو ما يدل على أنه هناك حاجة ماسة لأن تحسن الكويت وضعها الاستثماري الذي ستجني منه الكويت مكاسب على المستويين الكلي والجزئي، حيث سيساعد زيادة تدفق الاستثمارات للدولة في زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي بصورة أكبر ومن ثم خلق فرص عمل جديدة وتحسين قدرة قطاع الشركات على مواكبة العولمة من خلال الاستفادة من فرص العمل والاستثمار.
انعكست قوة الاقتصاد الكويتي من حقيقة أنه في أكتوبر 2006 قامت وكالة التصنيف الائتماني العالمية "موديز" برفع تصنيف الكويت الائتماني طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية من A2 إلى فئة Aa3. فطبقا لتقييم موديز فإن السبب الرئيسي للتحسن الملموس في المعايير الأساسية لاقتصاديات الدول الخليجية هو الزيادة المتواصلة في الأسعار العالمية للهيدروكربون خلال السنوات القليلة الماضية. كما ساهم الاستخدام الرشيد نسبيا لعائدات الصادرات النفطية مقارنة بالازدهار السابق للنفط في رفع التقييم. كما أشارت موديز إلى أن الجزء الأكبر من هذه العائدات تم ادخارها مقارنة بالأوقات الماضية والإنفاق الإضافي الرأسمالي بطبيعته كان أكثر من الإنفاق الجاري. كما أكدت ستاندرد أن بوور للتقييم تقييمها الائتماني للكويت بالعملة المحلية والأجنبية في الأجل الطويل A+ وفي الأجل القصير A-1+.
وقع سوق الكويت للأوراق المالية تحت ضغوطات البيع في العام 2006 كبقية أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي. بينما استمرت الأساسيات الاقتصادية إيجابية. بدا على المشاركين بالسوق القلق المتزايد من التقلبات المتزايدة في أسعار الأسهم. وقد أدى هذا الأمر إلى تراجع سوق الأوراق المالية في ظل الهبوط المتوقع لأرباح الشركات وقلة السيولة المحتملة. إلا أنه مقارنة بأسواق الدول الخليجية الأخرى مثل السعودية والإمارات الذين شهدا هبوطا حادا في العام 2006، انخفض سوق الكويت بنسبة 9.2 في المائة فقط (طبقا لمؤشر جلوبل العام لسوق الكويت للأوراق المالية). كما يقدر أن يشهد سوق الكويت نموا مستقرا في العام القادم حيث من المتوقع أن يحقق نموا بنسبة 30 في المائة في العام 2007 وهو ما يتماشى مع توقعاتنا بشأن نمو الإيرادات في العام 2007. ويبدو سوق الكويت للأوراق المالية واعد في ظل مستويات الأسعار الحالية، حيث يتوقع أن يصل معامل السعر/ربحية السهم فيما بين 10 إلى 11 ضعف. كما منح الانخفاض الحالي في السوق المستثمرين الأفراد والمؤسسات فرصة شراء الأسهم بأرخص الأسعار ونعتقد بأن الأسواق ستعاود الصعود خلال العام 2007.
© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)