اظهرت ارقام مؤسسة تشجيع الاستثمار الاخيرة ارتفاع حجم الاستثمارات المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار بنسبة 65% في الثلث الاول من العام الحالي، وهي نسبة مبشرة، لكنها ظهرت قبل ان تتخذ الحكومة مؤخرا حزمة قرارات رفع الاسعار، والتي تتضمن اجراءات رفع الاسعار وفرض ضرائب جديدة تعلن تباعا بهدف تقليص عجز الموازنة العامة للدولة.
وبالنظر الى الآليات المتبعة لتحقيق الهدف المالي المنشود، وبالربط بين اتخاذ القرارات وآليات التطبيق، تجاهلت الحكومة تأثير هذه القرارات على المستثمرين الحاليين والمستثمرين الجدد المحتملين على اقل تقدير حتى نهاية العام الحالي، والسؤال هل قامت الحكومة بدراسة الاثار المتوقعة نتيجة لاتخاذ حزمة القرارات الاخيرة؟، اليس من الممكن ان يبني المستثمر انطباعات سلبية متعددة تجاه مناخ الاستثمار الاردني وزيادة تكلفة الاستثمارات؟ وهذه مجتمعة تعمل بعكس تطلعات المستثمرين وتوجهاتهم. وفي نفس الاتجاه، فان حزمة القرارات الحكومية لم تراع استقرار التشريعات والقوانين الناظمة للاستثمارات في المملكة، وان هذا الجانب امر مهم جدا بالنسبة للقرار الاستثماري، كما انه من الواضح ان حزمة القرارات الحكومية الصادرة والتي ستصدر تجاهلت سياسات الشركات الاستثمارية التي تقوم بدراسة الاسواق الراغبة في الاستثمار فيها وضمن هذه الدراسة متابعة تطورات معدلات التضخم والكلف المعيشة وغير ذلك من امور تتعلق بالموظفين المتوقع تشغيلهم في تنفيذ المشاريع الجديدة، وفي ظل ذلك سيجد المستثمر نفسه امام ارتفاع تكاليف التشغيل والانتاج، متأثرا بمستويات المعيشة، وسعي المواطن للحصول على فرص عمل مجدية توفر له حياة كريمة، مما يعني زيادة تكلفة الاجور بالنسبة للمستثمرين المحتملين، حيث يعتبر بند الكلف والنفقات الادارية والعمومية للشركات من اهم البنود.
هذه ليست نظرة تشاؤمية، ولكن هو لفت انظار متخذي القرار، بخاصة وان هناك فرصا كبيرة امامنا لاعادة النشاط الى القطاعات الاقتصادية المختلفة، في ظل ما يتمتع به الاردن من استقرار سياسي وامني ونقدي واقتصادي بالمقارنة مع دول الاقليم ومناطق مختلفة حول العالم، وان دول الفائض المالي لا سيما دول الخليج العربي تبحث عن اسواق استثمارية آمنة ومجدية استثماريا، علما بان الكثير منهم يرى الاردن حاضنة للاستثمارات، وبالمقابل فان تحميل المستثمر ذنب عجز الموازنة من خلال اجراءات رفع الاسعار بنسب كبيرة نوعا ما تعد عاملا غير مشجع لهم. ما زال لدينا الكثير لنفعله لاغتنام الفرص المتاحة للفت النظر الى السوق المحلي لاعادة الجاذبية الاستثمارية للاقتصاد الوطني. عجز الموازنة والتخفيف من الدين العام يحتاج لادارة حصيفة وفترة زمنية طويلة بعيدا عن حرق المراحل، وان العامل الحاسم في ذلك تشجيع الاستثمارات المحلية واستقطاب المزيد الاستثمارات الجديدة.