شل تتوقع وجود أسباب فنية واقتصادية تحول دون نمو الطلب

تاريخ النشر: 04 فبراير 2016 - 08:59 GMT
ارتفعت أسعار النفط أمس معوضة بعض خسائرها بعد تصريحات جديدة من روسيا أبدت فيها انفتاحها على إجراء محادثات مع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بخصوص خفض الإنتاج
ارتفعت أسعار النفط أمس معوضة بعض خسائرها بعد تصريحات جديدة من روسيا أبدت فيها انفتاحها على إجراء محادثات مع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بخصوص خفض الإنتاج

تجاوزت أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية ثلاثة أيام من الانخفاضات ونجحت في العودة مرة أخرى إلى الارتفاع بعدما نجحت روسيا في إحياء ملف توافق المنتجين وبثت في الأسواق آمالا جديدة بقرب تحقق هذا التعاون، على إثر تصريحات لوزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف أكد فيها استعداد بلاده الكامل للتعاون مع "أوبك" لضبط الإنتاج ودعم استقرار السوق.

وكانت الآمال في تحقق توافق قريب بين المنتجين في "أوبك" وخارجها قد تراجعت على مدار الأيام الثلاثة الماضية مع التزام المنظمة الصمت تجاه فكرة الاجتماع الوزاري الطارئ وإصرار إيران على رفع معدلات الإنتاج بمعدلات شديدة السرعة ورفضها الحديث عن خفض الإنتاج إلى أن تستعيد حصصها السوقية وسابق إنتاجها قبل فرض العقوبات الاقتصادية عليها.

وأسهمت التصريحات الإيجابية الروسية في بث أجواء تفاؤلية في السوق قادت إلى ارتفاع الأسعار وتغلبت على توقعات ارتفاع مستوى المخزونات النفطية الأمريكية وعلى الأداء الاقتصادي المتواضع في دول الاستهلاك الرئيسية وفي مقدمتها الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

وكانت أعباء السوق قد زادت مع التراجع الملحوظ في نشاط قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة والصين وتقلص الاستهلاك بسبب دفء الطقس في أوروبا والولايات المتحدة والتوقعات بتعرض الاقتصاد العالمي لحالة من الركود وتباطؤ النمو خلال العام الجاري.

ويقول لـ "الاقتصادية"، بن فان بيردن العضو المنتدب لشركة "رويال داتش شل"، "إن هناك أسبابا فنية واقتصادية تحول دون نمو الطلب على الطاقة بين ليلة وضحاها، إلا أنه من المؤكد أن الطلب على الطاقة سينمو بمعدلات كبيرة في السنوات المقبلة".

وأضاف بيردن – في تقرير دوري للشركة - أن "الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة سينمو أيضا وسيلعب دورا حيويا ومساعدا للوقود الأحفوري لتلبية المستويات المرتفعة المتوقعة للطلب على الطاقة الناتجة عن النمو السكاني وزيادة برامج التنمية والتحضر في عديد من المناطق الفقيرة حول العالم التي تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية من الطاقة".

وشدد بيردن على اقتناع الجميع بأن العالم سيحتاج إلى الهيدروكربونات لعقود مقبلة، مشيرا إلى أن هذا ينقلنا إلى التحدي الأكبر المتمثل في ضرورة معالجة قضية تغير المناخ خاصة مع زيادة الاستهلاك والحرق للحصول على الطاقة، مشيرا إلى أن الهيدروكربونات تعتبر المصدر الرئيسي الذي تنبعث منه غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون. وطالب بيردن بضرورة إعطاء الأولوية لعمليات خفض الانبعاثات الناتجة عن محطات توليد الكهرباء والمواقع الصناعية باعتبارها المهدد الأكبر لجهود حماية البيئة والمناخ، مشددا على ضرورة التوسع في عمليات التقاط وتخزين الكربون وهناك برامج تتبناها الشركة لالتقاط مليون طن من الكربون سنويا.

ويعتقد بيردن أن التقاط الكربون ليس حلا سحريا وهناك تدابير أخرى يجب الأخذ بها لكنها تمثل التكنولوجيا الرئيسية في عملية الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون ومكافحة تغير المناخ. من جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن خصخصة الشركات النفطية تعد إحدى الآليات المهمة التي لجأ اليها كبار المنتجين للتغلب على صعوبات السوق الحالية إثر انهيار وتهاوي أسعار النفط الخام.

وأشار ديبيش إلى أن روسيا اعتمدت خطة مهمة لخصخصة عديد من الشركات النفطية الكبرى بشكل جزئي، موضحا أن هذه الخطط ستسهم كثيرا في دعم اقتصاديات كبار المنتجين.

واعتبر ديبيش أن الخصخصة تعد إحدى الآليات المهمة للتغلب على صعوبات سوق النفط، التي قد تحقق انخفاضات أكبر في الفترة المقبلة إذا لم يتم التعامل الحاسم والسريع مع قضية فائض المعروض النفطي، مشيرا إلى وجود عدد من الآليات الأخرى المكملة التي تم اللجوء إليها من قبل المنتجين وفي مقدمتها تقليص دعم الوقود وتفعيل النظم الضريبية وتطوير القطاعات غير النفطية وتنويع موارد الطاقة.

ويقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن روسيا أصبحت تلعب دورا محوريا وقياديا في سوق النفط الخام بعدما ظلت لسنوات تنتظر المبادرات تجيء من منظمة "أوبك" باعتبارها الكيان المنظم الأوحد في السوق، وإن كان لا يتحكم إلا في ثلث المعروض العالمي فقط".

وأشار كروج إلى أن "أوبك" طالما أكدت أهمية دور المستقلين في التأثير في السوق، وكثيرا ما شددت على دور العمل الجماعي في تحقيق الاستقرار في السوق ورفضت تحميلها وحدها مسؤولية الاستقرار، نظرا لأن 65 في المائة من المعروض العالمي تجيء من المستقلين خاصة مع فورة الإنتاج منذ صيف عام 2014.

وذكر كروج أن "أوبك" نجحت في تحفيز المستقلين ليكون لهم دور رائد في توجيه السوق بما يتناسب مع حجم إنتاجهم، "ولذا نجد أن روسيا تقود الاتصالات الدولية الآن من أجل دعم سوق النفط، إلا أن روسيا ربطت تعاونها مع دول "أوبك" بضرورة تحقيق التوافق الداخلي بين الأعضاء، وهو ما يدخلنا في دائرة مفرغة من تبادل الشد والجذب بين كبار المنتجين، حيث تدرك روسيا حجم التباين بين مواقف كل من السعودية وإيران وفنزويلا في التعامل مع قضية خفض الإنتاج".

من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس معوضة بعض خسائرها بعد تصريحات جديدة من روسيا أبدت فيها انفتاحها على إجراء محادثات مع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بخصوص خفض الإنتاج، وهو ما أسهم في إنعاش آمال المستثمرين بتحرك كبار المنتجين في العالم لدعم الأسعار.

وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي "إنه إذا تم التوافق بين أعضاء "أوبك" والمنتجين من خارجها على عقد اجتماع "فسنجتمع إذن".

وأسهم ذلك في دفع أسعار النفط للصعود بعدما كانت تتجه إلى تكبد ثالث خسائرها اليومية على التوالي عقب صدور بيانات أمس الأول تظهر ارتفاعا كبيرا في المخزونات الأمريكية.

وبحسب "رويترز"، فقد زاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم نيسان (أبريل) 40 سنتا إلى 33.12 دولار للبرميل مبتعدا عن أدنى مستوى له في الجلسة عند 32.30 دولار للبرميل.

وارتفع الخام الأمريكي في العقود الآجلة 46 سنتا إلى 30.34 دولار للبرميل بعدما سجل أدنى مستوى له في الجلسة عند 29.40 دولار للبرميل.

وتساءل تاماس فارجا المحلل لدى "بي.في.إم أويل أسوشيتس"، هل سيعقد اجتماع بين روسيا و"أوبك"؟، معتبراً أن هذا عامل داعم للاتجاه للأسعار.

وكان الطلب على النفط قويا العام الماضي ولا سيما في آسيا لكنه لم يكن كافيا لاستيعاب المعروض الذي قارب مستويات قياسية والمخزونات المتنامية من الخام.

وأظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة زادت 3.8 مليون برميل إلى 500.4 مليون في الأسبوع المنتهي في 29 كانون الثاني (يناير).

اقرأ أيضاً: 

الإمارات: انسحاب شل لن يؤثر على خطط قطاع الطاقة

شركة “رويال داتش شل” تخفض استثماراتها 15 مليار دولار خلال 3 اعوام

شل و بي.جي أضخم اندماج في قطاع النفط

شل ومؤسسة الإمارات تنظمان ورشة عمل الإستثمار الاجتماعي بمشاركة ممثلين عن كبريات شركات الطاقة في المنطقة