أقرت الحكومة الإسرائيلية، إنشاء صندوق لاستيعاب العائدات والضرائب على انتاج وتصدير الغاز الطبيعي المستخرج من الحقول البحرية المكتشفة. وجاء هذا الإقرار تنفيذاً لأحد البنود الواردة في قانون أرباح الغاز، الذي أقره الكنيست في آذار العام 2011، كجزء من توصيات لجنة «شيشنسكي» لزيادة حصة الحكومة في الاكتشافات الغازية والنفطية.
وتحاول إسرائيل عبر هذا الإقرار أن تسير على خطى بعض الدول، وخصوصاً النرويج، التي أنشأت صندوقاً سيادياً لإفادة الأجيال المقبلة من عائدات نفطها. ومع ذلك فإن القرار يشير إلى أن 3,5 في المئة من عائدات الصندوق ستحول إلى الميزانية العامة، ولكن ليس قبل أن يمتلئ الصندوق بملياري دولار على الأقل. وكان هذا الصندوق موضع نزاع بين وزارتي المالية والدفاع حول سبل إنشائه والتعامل معه.
ويعتبر إنشاء صندوق عائدات الغاز والنفط محاولة من جانب الدولة العبرية لمحاربة «المرض الهولندي»، حينما اكتشف الغاز قبل خمسين عاماً في هولندا فغرق اقتصاد البلد بالعملة الأجنبية، ما قاد إلى تدهور قيمة العملة المحلية والناتج الصناعي. ومن أجل منع حدوث ذلك تقرر إنشاء الصندوق. وقد وُلد في نطاق تشريع توصيات «شيشنسكي»، وبهدف التأكد من أن مداخيل الغاز لن تضر بالاقتصاد الإسرائيلي.
وقد أجريت على القرار تعديلات في اللحظة الأخيرة، من بينها جواز استخدام أموال الصندوق فقط بعد موافقة 65 عضواً في الكنيست، وليس 61 عضواً في الأصل. كما أن الصندوق سينشأ ويدار من جانب المصرف المركزي الإسرائيلي على أن تضم لجنة الاستثمار فيه مندوبين عن رئاسة الحكومة، وزارة المالية، مصرف إسرائيل ووزارة الطاقة.
وحتى اليوم كسبت الخزينة الإسرائيلية ضرائب من شركات الغاز بقيمة 300 مليون شيكل من انتاج حقل «يام تاطيس» الموشك على النفاذ، والمتوقع أن يحقق أيضاً 200 مليون شيكل ضرائب حتى أيار العام 2014. وبسبب عدم وجود صندوق للغاز، فإن المبالغ التي دفعت تبددت ضمن أموال الضرائب الأخرى في تغطية الميزانية العامة.
وكانت صحيفة «كلكليست» الاقتصادية قد نشرت أن ديوان رئاسة الحكومة طلب إزاحة بند إنشاء الصندوق عن جدول أعمال الحكومة، وهذا ما دعا الحكومة إلى التراجع عن طلبها. وبالفعل عرض الموضوع للنقاش، وتم إقراره في نهاية المطاف. ووفقاً للقرار فإن إنشاء الصندوق سيقر بقانون قبل أيار العام 2014، وسيبدأ بممارسة عمله بعد تراكم ملياري دولار أو أكثر، وهو ما يمكن أن يتحقق فقط عند نهاية العقد الحالي. وبحسب القانون، ستخصص الدولة سنوياً 3,5 في المئة من أرباح الصندوق لصالح الاقتصاد، أو ستستخدمه في حالات الطوارئ (كوارث طبيعية أو حرب).
وقد دب خلاف بين وزارة الدفاع ووزارة المالية كاد يحول دون إنشاء الصندوق. يُذكر أن مشروع قرار إنشاء صندوق الغاز هذا كان أقر كمشروع قانون في الحكومة الإسرائيلية السابقة كنوع من تسوية نشاطات الصندوق. وكما سلف أزيح القرار عن جدول أعمال الحكومة قبل ساعات «بأوامر من جهات عليا». وقد طالبت وزارة الدفاع بالحصول على ثلاثة مليارات شيكل من أموال الصندوق لتغطية نفقات حماية منشآت الغاز.
وعارضت وزارة المالية هذا الطلب بدعوى أنه يشكل عملياً مساراً التفافياً عن ميزانية الدولة، بحيث أن ضوابط كبح الميزانية العامة لا تعود تنطبق على وزارة الدفاع. وشددت المالية على أنه إذا كانت حماية المنشآت النفطية والغازية مطلوبة لأسباب إستراتيجية، فلتتفضل وزارة الدفاع بالإنفاق عليها من ميزانيتها المرتفعة أصلاً.
غير أن الخلاف لا يقتصر فقط على ذلك القائم بين وزارتي المالية والدفاع بشأن تمويل نفقات الحماية، وإنما يتعداه إلى الوزارات كافة بسبب المطامح في العائدات. وتصر وزارة المالية الإسرائيلية على عدم السماح بتصدير ما يزيد عن 20 إلى 30 في المئة من انتاج الحقول الغازية، خلافاً لتوصيات لجنة «تسيمح» التي دعت للسماح بتصدير ما يصل إلى نصف الانتاج.
وبحسب التقديرات فإن مكامن الغاز المكتشفة تبلغ ألف مليار متر مكعب من الغاز. وتطالب المالية بألا يتعدى التصدير 200 - 300 مليار متر مكعب من الغاز، وليس 500 مليار.
وبحسب ما نشر فإن الصندوق الوطني سيستوعب أرباح بيع الغاز، وسيستثمر الأموال في الخارج ويستخدم عوائدها في الاستثمار في الاقتصاد الإسرائيلي. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد أعلن أن استثمارات الصندوق المحلية ستكون في قطاعي التعليم والرفاه الاجتماعي.