كـورونا يغير خريطة الإنفاق الإعلاني

تاريخ النشر: 20 أبريل 2020 - 07:06 GMT
كـورونا يغير خريطة الإنفاق الإعلاني
القطاعات الأقل تأثراً، مثل السلع الغذائية، ومستحضرات التعقيم والتنظيف، والإلكترونيات الاستهلاكية، والخدمات الضرورية
أبرز العناوين
كشفت مصادر مسؤولة بقطاع الإعلانات في الإمارات، تراجع مستوى الإنفاق الإعلاني بنسبة 30% خلال الفترة الممتدة من منتصف شهر مارس الماضي إلى منتصف أبريل الجاري

كشفت مصادر مسؤولة بقطاع الإعلانات في الإمارات، تراجع مستوى الإنفاق الإعلاني بنسبة 30% خلال الفترة الممتدة من منتصف شهر مارس الماضي إلى منتصف أبريل الجاري، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، نتيجة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على صناعة الإعلانات على المستويين المحلي والعالمي، مشيرين إلى أن الإعلانات الخارجية تأتي في صدارة الخاسرين، مقابل تراجع بنسب أقل على مستوى وسائل «التليفزيون – المواقع الإلكترونية». 

إلغاء فعاليات 

وأكد ميشيل مالكون، الرئيس التنفيذي للعمليات بـ «ديجيتال ميديا سيرفيسيز» الذراع الرقمية لمجموعة «شويري»، لـ «الاتحاد» أن قطاع الإعلانات ترقب عاماً مزدهراً مفعماً بالفعاليات والأحداث العالمية وفي مقدمتها «إكسبو دبي»، و«أولمبياد طوكيو»، وبطولة كأس أمم أوروبا، إلى أن باغتته أزمة الفيروس التاجي، التي أجلت بدورها جميع هذه الأحداث العالمية التي كانت كفيلة بعودة المنحنى الصعودي للقطاع.

وقال مالكون: إن التحديات التي فرضتها جائحة كورونا أثرت بشكل واضح على صناعة الإعلانات في الإمارات وباقي أنحاء العالم، حيث تقلص الإنفاق الإعلاني في السوق المحلية بنحو 30% خلال الفترة من منتصف شهر مارس الماضي إلى منتصف شهر أبريل الجاري، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.

 ولفت إلى أن الواقع الجديد «المؤقت» الذي فرضته التحديات المرتبطة بفيروس «كوفيد- 19»، أعاد توزيع ميزانية الإنفاق الإعلاني على مختلف الوسائل الإعلانية، لتكون الإعلانات الخارجية «Outdoor» في صدارة الخاسرين، بالتزامن مع الإجراءات الاحترازية التي تقيد التجول في الشوارع لحماية الأفراد والمجتمع من مخاطر تفشي فيروس كورونا، فيما حافظ التلفزيون على مستوى مستقر من الإنفاق الإعلاني، نتيجة مكوث الأفراد في المنازل وحرصهم على متابعة المستجدات.

 وأوضح مالكون أنه رغم تراجع الإنفاق على الإعلانات عبر شبكة الإنترنت بنسبة تتراوح بين 20% و25%، فإن منصات البيع الإلكتروني، وحدها، كانت في صدارة الرابحين، واستطاعت تحقيق زيادة في حركة الإعلانات الخاصة بالسلع الغذائية والاستهلاكية والأجهزة الإلكترونية.

 وتوقع مالكون استمرار تأثر الإنفاق الإعلاني، لاسيما على صعيد الإعلانات الخارجية والصحف والراديو والسينما، حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، في حال انقشاع أزمة الفيروس التاجي تدريجياً، وتمكن دول العالم من عودة دوران العجلة الاقتصادية بوتيرة أسرع لعلاج ما أفسدته كورونا.

واقع جديد

 ومن جهته، قال الخبير بقطاع الإعلانات رمزي رعد، رئيس مجلس إدارة مجموعة «تي بي دبليو إيه رعد»: إن فيروس كورونا فرض واقعاً جديداً على مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وقطاع الإعلانات ليس استثناءً، حيث وجدنا أنفسنا أمام معطيات جديدة، قلصت من إجمالي حجم الإنفاق الإعلاني، وغيرت من خريطة توزيع الإنفاق.

 وأضاف رعد أنه طالما شكلت قطاعات مثل السيارات وشركات الطيران والفنادق، جزءاً رئيساً من قائمة القطاعات الأكثر مساهمة في الإنفاق الإعلاني، ومع تأثر هذه القطاعات نتيجة التحديات العالمية التي فرضتها جائحة كورنا، تلاشت مساهماتها المهمة على نحو موقت.

 ولفت إلى أن القطاعات الأقل تأثراً، مثل السلع الغذائية، ومستحضرات التعقيم والتنظيف، والإلكترونيات الاستهلاكية، والخدمات الضرورية، أعادت توزيع إنفاقها الإعلاني للتكيف مع الواقع الجديد الذي يمكث فيه الغالبية العظمى من الجمهور المستهدف في المنازل يتابعون الأخبار ويتصفحون الإنترنت، لذلك لم يكن مستغرباً أن يكون الإعلان التلفزيوني والإلكتروني أقل المتضررين، على الرغم من تأثره، بينما تصدرت الإعلانات الخارجية بالطرق قائمة الخاسرين. 

 ولفت رعد إلى أن مسوحات المشاهدة رصدت زيادة في نسبة مشاهدي التلفاز في الدول العربية، ما يؤكد تحول شريحة من العملاء من متابعة الأخبار عبر الإنترنت، إلى مشاهدة التلفاز، بحثاً عن معلومة أكثر دقة ومصداقية، وهو الأمر الذي تلقفه المعلنون بسرعة، ما أسهم بدوره في تسجيل نوع من الاستقرار في الإنفاق الإعلاني عبر التلفاز.

وأضاف أن نسبة من تابعوا أخبار «كوفيد- 19» عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بلغ 9.69% في الإمارات، و11.88% في جمهورية مصر العربية، و47.34% في المملكة العربية السعودية، مستنداً في ذلك لبيانات دراسة أجرتها شركة «إبسوس» للأبحاث.   وأوضح أن العديد من وكالات الإعلان في دولة الإمارات، باشرت بتحويل طاقاتها الإبداعية لابتكار حملات إعلانية بديلة لعملائها، تتناسب مع الواقع الجديد ومساندة للمجهود الذي تقوم به الدولة مشكورة، ولإبراز الوجه الإنساني لعمالقة الإنتاج، التي انحصرت معلوماتنا عنها من خلال السلع والخدمات التي ما عدنا نشتريها ونستعملها، حتى الأمس القريب.

 وعلى سبيل المثال، قامت إحدى الوكالات التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، بإنتاج إعلان لصالح واحدة من كبريات شركات إنتاج السيارات يبدأ بطريق طويل فارغ تماماً من أي سيارات أخرى ومن المشاة على جانبي الطريق، وأرفقت الإعلان بتعليقات عاطفية مثل الطريق فاقدكم، لنا معكم عِشرة عمر، خلّنا بامان ونلتزم بيوتنا، كما لجأت مؤسسات وطنية للإعلان الإبداعي للمساهمة في تعزيز التوعية في مواجهة كورونا، معتبراً في ذلك دعماً للصورة الذهنية للعلامة التجارية للشركة أو المؤسسة، على المدى الطويل.

وتوقع رعد، أن يكون 2021 عام التغيير الإيجابي لقطاع الإعلانات، الذي سيكون مؤهلاً أكثر من أي وقت مضى لمعاودة النمو، مع بدء التحضيرات للأحداث العالمية الكبرى التي تم إرجاؤها لمدة عام، وفي مقدمتها معرض إكسبو دبي.

الوكالات الإعلانية

 أكد كابي بشارة شامات، الرئيس التنفيذي لوكالة فنتشر كوميونيكيشنز، أن الإعلانات الخارجية «Outdoor» تأثرت بشدة، نتيجة التحديات التي فرضها «كوفيد- 19» ومكوث الأفراد في منازلهم، ضمن الإجراءات الاحترازية لحماية الأفراد والمجتمع.  

وأشار إلى أنه من الطبيعي أن يقتفي المعلن خطى وسلوكيات الجمهور المستهدف، ليضمن أعلى نسبة تعرض لإعلانه، ومن ثم تحقيق أفضل النتائج التجارية، ومع التغييرات التي أحدثتها جائحة كورونا، يمكن القول: إن الإنفاق الإعلاني تركز في الوقت الراهن في التلفزيون والمواقع الإلكترونية.

 ويرى شامات أن توزيع الإنفاق الإعلاني على هذا النحو، يرتبط بظرف مؤقت ذي صلة بأنظمة التعلم والعمل عن بُعد، لتبدأ باقي الوسائل الإعلانية في استعادة جزء من حصتها تدريجياً، مع عودة الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى.  

وفي سياق متصل، قال شامات إنه يمكن رصد عدد مما يمكن وصفه بالنقاط الإعلانية المضيئة، وسط الظلال القاتمة التي فرضتها الجائحة على صناعة الإعلانات على المستوى العالمي، ومنها زيادة حصة المحتوى الإخباري والعلمي من الإعلانات، مع زيادة نسبة متابعي هذا النوع من المحتوى، لمتابعة المستجدات المهمة المرتبطة بـ «كوفيد- 19».

 32 % تراجعاً متوقعاً في الإنفاق العالمي
يتراجع الإنفاق الإعلاني العالمي بنسبة 32 % في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، بحسب دراسة استطلاعية أجراها الاتحاد العالمي للمعلنين.

وشملت الدراسة التي أجريت خلال الفترة من 25 و30 مارس الماضي، 32 شركة عالمية تمثُل 10 قطاعات صناعية وتجارية مسؤولة عن ميزانيات إعلانية وصلت قيمتها إلى 57 مليار دولار، أنفقتها في العام الماضي، عبر وسائل الإعلان التقليدية.

وأكدت 81 % من الشركات التي شاركت في هذه الدراسة، أنها أجلت حملاتها الإعلانية التي كانت مقررة، بينما قامت 79 % من الشركات بتطوير حملات بديلة، آخذةً بالاعتبار الظروف الآنية.

ووفق وكالات إعلانات،  فقد تراجعت تكلفة الإعلان على منصة «إنستجرام» بنسبة 22 % خلال شهر مارس، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وذلك على الرغم من زيادة حركة التصفح على شبكات التواصل الاجتماعي، وقررت جوجل التنازل عن الرسوم الخاصة بمنصة «أد مانجير» لدعم المؤسسات الصحفية التي تعد أهم المصادر التي يلجأ إليها الجمهور عند الأزمات.