قال تقرير أعده المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار 'بكدار' حول الإسمنت في الأراضي الفلسطينية، اليوم، إن إقامة مصنع إسمنت في الأراضي الفلسطينية ضرورة ملحة.
وأكد التقرير أهمية تلك السلعة الإستراتيجية لمواكبة تطور الحياة العمرانية في فلسطين، مشيرا إلى تذبذب أسعار سلعة الاسمنت وحجم المبيعات الفعلي في الأراضي الفلسطينية.
وأفاد التقرير، بأنه منذ عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، حيث مارست إسرائيل حربها الاقتصادية إلى جانب الحرب العسكرية عبر ممارسة عمليات الاحتكار الواسعة على تجارة الاسمنت من قبل شركة 'نيشر الإسرائيلية' التي أصبحت تمتلك حصة الأسد من الواردات الفلسطينية من الاسمنت.
وأوضح التقرير، أنه وبعد اتفاقات أوسلو في العام 1993 وقيام السلطة الوطنية فيما بعد، أصبحت تحكم عمليات الاستيراد من الاسمنت الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي والتي استطاع الجانب الفلسطيني من خلال الشركة الفلسطينية لتسويق الاسمنت في الحصول على انجازات مالية من شركة 'نيشر الإسرائيلية' كمنح الخصومات المالية وغيرها، وبعد ذلك تولت عمليات استيراد الاسمنت الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية من كل من الأردن ومصر وإسرائيل، إلا أن شركة 'نيشر' بقيت تتحكم في السوق الفلسطيني.
ولفت التقرير إلى انه في الوقت الحالي لا يوجد استيراد للاسمنت من أي طرف سوى من الجانب الإسرائيلي، ويعزى ذلك لانخفاض أسعار الاسمنت من تلك الشركة بالمقارنة مع الشركات العربية الأخرى وكذلك قرب المسافة وعدم تحمل تكاليف نقل عالية تؤثر على السعر.
وولفت إلى أن سعر طن الاسمنت قفز وبشكل ملفت في الربع الأول من العام 2008 لتصل نسبة الارتفاع إلى ما يقارب 20%، حيث بلغ سعر الجملة لطن الاسمنت الأسود ماركة النسر إلى 459.25 شيقلا، فيما بلغ متوسط سعر الجملة لطن الاسمنت الأسود 'ماركة النسر' للأراضي الفلسطينية نحو 382.92 شيقلا للعام 2007 بنسبة ارتفاع عن العام 2000 بلغت ما يقارب 10.7%.
أما عن سعر الجملة لطن الاسمنت الأبيض 'ماركة النسر' فقد قفز في الربع الأول من العام 2008 ليصل إلى 900 شيقل بنسبة ارتفاع عن العام 2007 بلغت 10.4%، بينما وصل سعر الجملة لطن الاسمنت الأبيض ماركة النسر للعام 2007 إلى 815.42 شيقلا ، بنسبة ارتفاع عن العام 2000 بلغت 34%%.
وعن أبرز التحولات الحاصلة في الأسعار، أشار التقرير إلى أن الأسعار امتازت بالتذبذب تارة بين ارتفاع وأخرى بين انخفاض، فقد ارتفعت من العام 1996 لنهاية العام 1997 وبعد ذلك انخفضت من العام 1998 لنهاية العام 1999، وتكررت العملية بين ارتفاع وانخفاض لغاية العام 2003، وبعد ذلك أخذت بالارتفاع لغاية الآن ليصل كما ذكرنا سعر الجملة لطن الاسمنت الأسود ماركة النسر إلى 459.25 شيقلا.
وذكر ان حجم المبيعات الفعلي من الاسمنت والذي يقدر للعام 2006 بما يقارب 1.586 مليون طن في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد بلغت حجم المبيعات للشركة الفلسطينية للخدمات التجارية ما يقارب 1.1 مليون طن للضفة الغربية بنسبة ارتفاع عن العام 2005 بلغت 2%، وجميع تلك الكميات تلبى حاليا من السوق الإسرائيلي.
وبالنسبة لتقسيمات الاسمنت للضفة الغربية، فقد بلغ حجم مبيعات منتجات الاسمنت الحلل 555.4 ألف طن وذلك للضفة الغربية في العام 2006، في حين بلغ حجم مبيعات الاسمنت الأكياس 546.19 ألف طن وذلك للضفة الغربية أيضا.
ولفت التقرير النظر إلى نقطة مهمة في تطور تجارة الاسمنت، وهي غياب إنتاج محلي من الاسمنت حيث تعتمد السلطة الوطنية على الاستيراد لتلبية الطلب على الاسمنت في الضفة الغربية وقطاع غزة من: إسرائيل، والأردن ومصر.
وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد بلغت قيمة واردات الضفة الغربية وقطاع غزة من الاسمنت ما يقارب 96.74 مليون دولار للعام 2005 جميعها من إسرائيل ومن شركة 'نيشر الإسرائيلية' على وجه التحديد، وتبلغ حصة قطاع غزة منها 35.6% في حين تستحوذ الضفة الغربية على 64.4% من قيمة الواردات للعام 2005، وفي الضفة الغربية احتلت محافظة الخليل المرتبة الأولى من حيث قيمة الواردات فقد بلغت قيمة وارداتها من الاسمنت ما يقارب 14.164 مليون دولار أي ما يقارب 14.64% من إجمالي قيمة الواردات للضفة الغربية وقطاع غزة، تليها محافظة القدس حيث بلغت قيمة وارداتها من الاسمنت 9.97 مليون دولار بما يقارب 10.3%، ومن ثم محافظة نابلس ورام الله فقد بلغت قيمة واردات كل منها من الاسمنت 9.649، 9.607 مليون دولار على التوالي للعام 2005، حيث تستحوذ كل منها على ما يقارب 10% من إجمالي قيمة الواردات، والبقية تتوزع على باقي المحافظات الأخرى.
وأشار التقرير إلى أن حجم الطلب الكبير والمتزايد من الاسمنت والذي يقدر ب 1.587 مليون طن يشجع لإقامة مصنع للاسمنت في الأراضي الفلسطينية ويقللّ من الاعتماد على الاسمنت الإسرائيلي المحتكر لتلك السلعة في الأراضي الفلسطينية.
ونوه إلى محاولات إقامة مصانع اسمنت، فقبل العام 1948 أقيمت شركة فلسطينية لصناعة الاسمنت في مدينة نابلس ولم يكتب لها النجاح بسبب تعقيدات إدارية من قبل الانتداب البريطاني وتم حل الشركة فيما بعد.
وفي العام 1978 تأسست شركة الاسمنت العربية في مدينة الخليل برأس مال قدره 15 مليون دينار إلا أن سلطات الاحتلال رفضت منح التراخيص اللازمة لإقامة مصنع اسمنت، وبعد ذلك في العام 1996 تأسست شركة الاسمنت الفلسطينية المساهمة العامة المحدودة في مدينة نابلس برأس مال قدره ستة ملايين دينار وهدفت إلى بناء مصنع لطحن الكلينكر وتكييس الاسمنت السائب، وعزمت إلى بناء مصنع الاسمنت وأدرجت في سوق فلسطين للأوراق المالية في العام 1997 ولكن لم تستطع الوصول إلى أهدافها لأسباب عديدة منها عدم قدرة المؤسسين لاجتذاب المساهمين للشركة، إصدار الأسهم الوهمية من قبل بعض أعضاء مجلس إدارة الشركات، وعدم التزام المؤسسين وأعضاء مجلس الإدارة بدفع المستحقات المالية المترتبة عليهم.
ونوّه التقرير إلى أهم المعوقات التي تحول دون إقامة مشروع صناعة الاسمنت في الأراضي الفلسطينية وهي تتلخص في عدم منح التراخيص من قبل إسرائيل بسبب المنافسة من شركة نيشر، وان المصنع سيكون بمنطقة C التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، إضافة إلى ارتفاع تكلفة التمويل للمشروع والمعوقات البيئية، حيث إنه يمكن أن يؤثر على المناطق المجاورة، مما سيخلق نوعاً من عدم رغبة السكان لمثل هذا المشروع ما سيضعف الثقة به بسبب التجارب السابقة التي لم تكن موفقة في ذلك، ولا يخفى على أحد تعمد الجانب الإسرائيلي عرقلة محاولات إقامة مصنع محلي للاسمنت لتكريس التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.
وعلى الصعيد العالمي ذكر التقرير أن الصين تعد من أكثر الدول المصدرة في العالم للاسمنت حيث تصدر ثلث الإنتاج العالمي الذي يقدر ب 1300 مليون طن سنويا، وتتجاوز طاقة الصين الإجمالية من الإنتاج 700 مليون طن، وهي أكبر منتج للاسمنت منذ العام 1985 لغاية الآن، وخصوصا بعد أن اعتمدت الصين سياسة دعم المؤسسات الكبيرة والحد من المؤسسات الصغيرة في إنتاج الاسمنت وذلك من أجل الاستفادة من وفورات الحجم لتلك المؤسسات التي تنعكس إيجابا على تنافسيتها والحد من آثار التلوث باعتمادها التقنيات الحديثة.
© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)