بقلبٍ مثقلٍ وحزنٍ عميق، أعلن المصوّر الصحفي الفلسطيني معتز عزايزة اليوم الثلاثاء، 23 يناير 2024، استعاده لمغادرة أراضي قطاع غزة بعدما كان شاهدًا على المجازر الدموية والإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ونشر عزايزة عبر حسابه الرسمي في تطبيق إنستغرام، حيث يتابعه أكثر من 18 مليون شخص، مقطع فيديو وهو يستعد للرحيل مودعًا أصدقاءه وأقرباءه قبل أن يخلع سترته الواقية للرصاص.
وأرفق عزازة مقطع الفيديو بعبارة: “إذًا، لقد اضطررت إلى الإخلاء لأسباب كثيرة، تعلمون جميعًا بعضها ولكن ليس كلها. شكرًا لكم جميعًا.. صلوا من أجل غزة".
معتز عزايزة يودع أصدقاءه
خاطب عزازة متابعه في الفيديو ليخبرهم عن اتخاذ قرار مغادرة غزة، وقال: "ذا، وهي الكلمة الشهيرة التي رددتها طوال 107 أيام، هذه هي المرة الأخيرة التي سترونني فيها بهذه السترة الثقيلة، والكريهة الرائحة".
وأضاف: "لقد قررت المغادرة (..) لكن إن شاء الله سأعود للبناء، والمساعدة في بناء غزة مجددًا".
وما إن أنهى عزايزة رسالته، حتى أحاط به عدد من زملائه، حيث نزع السترة الشهيرة، وقال عنهم متوجهًا لمتابعيه: "سأشتاق لهؤلاء، لقد أمضيت كل أيامي معهم، حتى إنّ زميلتي هند في إحدى المرات قامت بطردي من المكتب".
ولم يتمكن زملاء وأصدقاء معتز عزايزة من إخفاء المشاعر المختلطة التي انتابتهم لحظة وداعه، بين من بدت عليه علامات الفرح على وجهه وبين من كان قلبه يعتصر ألمًا على فراق صديقهم الذين عاشوا معه لحظات حفرت في الذاكرة لن يتمكنوا من نسيانها طيلة حياتهم.
الصحفية الفلسطينية هند الخضري لم تتمكن من إخفاء حزنها على وداع صديقها معتز، الذي تشاركت معه أيام الحرب بكل ما فيها من تفاصيل مؤلمة، لكنها قررت توديعه بعبارة لطيفة لتخفيف حزنها، وكتبت له في خانة التعليقات: "نحن بالفعل نفتقدك معتز، أفضل شيء في رحيلك هو أنني أنام على سريرك الآن".

وامتلأت خانة التعليقات في حساب معتز بعبارات الشكر والتقدير على الدور البطولي الذي قام به في كشف جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي أمام العالم أجمع.
معتز عزايزة يغادر غزة
ولم يكشف معتز عن الوجهة التي اختارها للرحيل فور مغادرته الأراضي الفلسطينية، خاصة وأن حياته باتت مهددة بالخطر بعد إدراج اسمه في قائمة المطلوبين لدى الاحتلال الإسرائيلي وبأنه كان قد تلقى مئات الاتصالات التي كانت تتوعده بمصيرٍ دموي في حال استمر بالتصوير.
ورجح عدد من النشطاء في منصات التواصل الاجتماعي أن معتز يستوجه بشكلٍ مؤقت إلى مصر، ومن ثم سيتوجه لدولة أوروبية حيث سيكمل طريقه في تعرية جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وفضحه أمام العالم أجمع.
معتز عزايزة يفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي

قبل السابع من أكتوبر الماضي، لم يكن المصوّر الصحفي الفلسطيني معتز عزازية معروفًا لدى كثيرين، لكنه أصبح اليوم أشهر من نار على علم، وأصبح مصدرًا ميدانيًا مهمًا لملايين المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، عبر نقله لما يحصل في غزة من مجازر بالصوت والصورة.
ووثّق المصوّر الصحفي معتز عزازة بعدسته القصف الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، والذي ارتقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي.
لكن على ما يبدو أن الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها باللغة الإنجليزية عبر حسابه في منصة "إنستغرام" قد عرّضه للخطر وهو ما دفعه للتوجه نحو المناطق الجنوبية من القطاع منذ أسابيع قبل أن يضطر لمغادرة قطاع غزة بشكلٍ نهائي اليوم، 23 يناير 2024.

واستفزت الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها معتز أمام الملايين من المتابعين غضب الماكينة الإعلامية الصهيونية، وأصبح مستفزًا للإسرائيليين بسبب نشاطه الإعلامي، لدرجة أن الإعلام العبري انشغل طوال الأشهر الماضية بتشويه سمعته وتوجيه له رسائل بالقتل.
ولا يختلف معتز عن عدد كبير من الناشطين والصحافيين الشباب الذين ينقلون معاناة الغزيين اليومية في حرب لا هوادة فيها، لكن فيديوهاته انتشرت على شبكة الإنترنت كالنار في الهشيم، ويبدو أنها استطاعت أن تغير في مزاج جزء من الشارع الأوروبي والأميركي، وحتى أيضًا لدى شريحة من الشباب العربي.