المثلية الجنسية في كتاب للأطفال يثير زوبعة في الأردن .. والكاتب يدافع

شنّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن هجومًا عنيفًا على مكتبة عبدالحميد شومان، أول مكتبة عامة محوسبة في الأردن، بعد عثور أحد المواطنين على كتاب يروج لـ المثلية الجنسية على أحد الأرفف المخصصة لكتب المطالعة المخصصة للأطفال.

وبدأ الجدل حول مكتبة عبد الحميد شومان العامة، التابعة لمؤسسة تحمل الاسم ذاته، حين نشر أحد مستخدمي موقع "فيسبوك" يدعى أبو نزار عبدالسلام تساؤلًا حول السبب الذي قد يدفع بهذا الصرح الثقافي الكبير للترويج لـ المثلية الجنسية في المجتمع الأردني.

وذكر أبو نزار في منشوره بأن القصة التي عثر عليها في مكتبة عبدالحميد شومان تدور حول عائلة مكونة من أب وأم إناث، وعائلة مكونة من أب وأم ذكور (المثلية الجنسية)، وأرفقها بتعليق: "لماذا يا مكتبة شومان تنشرون كتبًا للأطفال تجعل الشذوذ طبيعيًا ومقبولًا".

وأرفق أبو نزار تساؤله بصورتين مأخوذة من الكتاب المذكور، والذي تظهر فيه أسرتين مكونتين من أب وأم ذكور بالإضافة إلى أسرة أخرى تربي طفلًا صغيرة لكنها مكونة من أب وأم إناث في إشارة صريحة إلى دعم مجتمع الشواذ وبأن المثلية الجنسية أمرًا طبيعي لا يثير أي شبهات.

ووجه رواد مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات عدة دور دائرة المطبوعات والنشر في مراقبة الكتب والروايات التي يجري بيعها والترويج لها في الأسواق الأردنية والتي قد تتضمن ترويجًا صريحًا أو ملتويًا لـ المثلية الجنسية .

وتبين أن سيدة تدعى آلاء أبو عزب هي من فوجئت بالكتاب المذكور والذي يحمل عنوان "الاختلاف" عندما استعارته من  مكتبة عبد الحميد شومان في الزرقاء، لابنتها سلمى ذات 6 سنوات.

وذكرت السيدة آلاء لإذاعة حسنى المحلية في الأردن أن الكتاب الموجه للأطفال يروج المثلية الجنسية بعرضه صورًا لعائلتين، تتكون عائلة من طفل وامرأتين تمثلان دور الوالدين وصور لهم معلقة على الحائط تحاكي رسوم تطبيق الواتساب المعترف بوالديه الشواذ (المثلية الجنسية)، والثانية من طفل ورجلين يمثلان دور الوالدين وتحت عنوان كبير في الصفحة "الوالدان".

كتاب يروج لـ المثلية الجنسية 

وأبدى النشطاء عن غضبهم واستيائهم من دفع "مفهوم التنوع" نحو "شرعنة الشذوذ الجنسي" والزج بها في كتب وقصص مخصصة للأطفال تحت بند "القراءة والمطالعة".

وأعاد النشطاء تداول تصريح سابق لوزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار كانت قد أدلت به لإحدى الإذاعات المحلية في الأردن: "لا أشعر إطلاقًا بأنه علينا كوزارة الثقافة أن نحذر من موجة "المـثـلـيـة" في العالم، لأن الإنسان الأردني واعٍ، وهي ليست قضية ملحة، وهناك قضايا أكثر أولوية".

وزارة الثقافة الأردنية تُعلّق

وقالت وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار لإذاعة حسنى: "لم أطلع على الكتيب المعني، بلدنا مبني على التعددية والتنوع والانفتاح بالمعنى الجميل للكلمة، بلدنا صادق مع نفسه، لذا أود أن أوجه رسالة شكر وتقدير واحترام لمؤسسة عبدالحميد شومان لدورها الفاعل في دعم أجل الثقافة في المجتمع الأردني، وهي على وعي كامل بالقيم الأردنية التي نعمل من خلالها وندعمها جميعًا".

وتابعت: "وحول مفهوم التعدد والتنوع من منظور وزارة الثقافة الأردنية هو أن الأردن يجمع الشركس والأرمن وأناس من أصول مختلفة، لكنا نطلق من مفهوم المواطنة الصالحة وبأن الوطن للجميع، والجميع تحت القانون، ولا يوجد شخص يعلو على القانون، لكن لا يحق لي التعليق على كتيب لم أقرأه مسبقًا".

مكتبة عبدالحميد شومان تعلق على الكتاب

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن تعلقيًا للحساب الرسمي لمكتبة عبدالحميد شومان على موقع "فيسبوك" والذي أكد فيه "سحب" الكتاب المذكور من أرففها.

مؤنس حطاب يدافع عن كتابه

قال مؤلف الكتاب مؤنس حطاب في تصريح للإذاعة حسنى: "الموضوع ليس بجديد، فقد أثيرت القضية ذاتها قبل عامين حين طرح الكتاب لأول مرة في عمان والدوحة، حيث تعرض لهجوم شرس في قطر الأمر الذي استدعى تدخل الوزير القطري لكن لم يتم سحبه من الأسواق حينها لعدم وجود خلل بالنص أو بالصور".

وتابع المؤلف مؤنس من مؤسسة "أ ب ت" للنشر: الكتاب معروف على مستوى العالم وتقوم مؤسستنا على شراء حقوق الطبعات الأجنبية، من كل دول العالم.. الكتاب ثري جدًا، لأنه يتكلم عن موضوع الاختلاف بطريقة رائعة".

وتابع: "ما طرح هو كلام غير دقيق، فالطبعة العربية من الكتاب تم تنقيحها ومعالجتها بشكل مميز، فنحن لدينا الحق في تعديل الصور والنص ووضع رأينا على الكتاب الأصلي، وهو ما جرى فعلًا كي يتناسب مع المجتمع العربي".

وتابع: "المشكلة كانت بالنسخة الإسبانية من الكتاب، وخاصة بصفحتين محددتين، وتم معالجته بالرسم، خاصة لأن اللغة البصرية مهمة للقارئ لكنها سلاح ذو حدين، فعين الكبير تختلف عن عين الصغير، عين الكبير ترى وتحلل الصورة بالمحتوى الفكري عن الموضوع، أما الطفل ينتقد بعين لا تجعله عُرضة للاختلاط بمسألة الفكرة”.

وحول القصص التي تطرق لها الكتاب، قال مؤنس حطاب: "القصة الأولى تتحدث عن أم زوجها غير موجودة لكن الفتاة الثانية في الصورة هي شقيقته، فيما كان الرجل الثاني في الصورة هو صديق والده وليس زوجه".

وأردف يقول: “تم طرح 27 طبعة من الكتاب الإسباني، الكتاب من أكثر الكتب نجاحًا في العالم، وهو موجود في السعودية ومعرض المدينة المنورة ولا يوجد أي دولة عربية قامت بسحبه، كما أن الكتاب موجود على الإنترنت يمكن قراءته في أي وقت".

وتابع: "لماذا يتم التركيز على 85 نقطة إيجابية في الكتاب والتركيز على صفحتين فقط، أخذنا بعين الكتب تعديل وحدة الصورة، لماذا لم نعتبر أن الرجل الثاني في الصورة هو صديق والده وليس زوجه كما يتم نشره وإثارته على مواقع التواصل الاجتماعي".

لا نشعر بالاطمئنان

من جهتها قالت مديرة البرامج في إذاعة حسنى السيدة أسماء : "من المعروف تربويًا أن يتم تقديم الصور في القصص دون تعابير للأطفال كي يُفتح لهم المجال بالتخيل والتعبير عن أنفسهم، لكن هنا الأمر مختلف، فقد نظرت للصور وقرأت النص، ويمكن أن أتبرأ من التهمة وأقول بأن الكتاب لا يروج للمثلية الجنسية وأن أرى الرجل الذي ظهر في الصورة على أنه مجرد ( أب أو أخ أو صديق أو خال أو عم أو أب آخر)".

وتابعت: "لا أشعر بالاطمئنان لأني أنا من أتلقى ولست ممن أقوم بالطرح، كما أن الثقافة التي نعنى بنشرها في الوقت الراهن لا يجب أن تكون ثقافة محايدة والتي يمكن أن يتم تفسيرها بأكثر من طريقة، لكن نحن كأصحاب رسالة هدفنا نشر كتب ثرية هدفها التصدي لهذه الثقافات التي تنتشر بالعالم".

وأردفت تقول: "نعم نريد الترويج لفكرة الأم الواحدة أو الأب الواحد من باب التأكيد على أن الطفل اليتيم أو المولود لأسرة مطلقة عليه كي لا يشعر بالغبن، فمن باب درء الشبهات يجب عدم نشر مثل هذه الصور وعرضها على الأطفال بهذه الطريقة".

شومان تسحب النسخة القديمة بعد الضجة

بينما قالت فالتينا قسيسية المديرة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان إنها لم تكن تعلم بأن هناك نسخة جديدة معدلة من الكتاب وأن المكتبة لا تحوي النسخة الإسبانية، مؤكدة التزام المؤسسة بالفطرة السليمة والدفاع عنها.

وأصرت مؤسسة عبد الحميد شومان في بيانها الذي أصدرته حول الكتاب، أن اللجنة المشكلة لدراسته لا تجد فيه (أي النسخة القديمة غير المعدلة) أي مشكلة لكنها اتخذت قرارا بسحب الكتاب لأنها لا تريد أي تعارض مع رسالتها حتى لو كان ذلك التعارض عن طريق الشبهة والتأويل.

مكتبة عبدالحميد شومان

بدأت مكتبة عبد الحميد شومان أعمالها كأول مكتبة عامة محوسبة ومجهزة بشكلٍ مثالي في الأردن توفر مختلف أشكال مصادر المعرفة التقليدية منها والمتقدمة وتقدمها للجمهور والباحثين.

توفر مكتبة عبدالحميد شومان مساحة ثقافية لكافة فئات المجتمع، إلى جانب تأسيس أول مكتبة تفاعلية للأطفال باسم درب المعرفة.

هيئت المكتبة لاستقبال الرواد ذوي الإعاقة، وقدمت العديد من التسهيلات البيئية والخدمية لضمان حقهم في الحصول على المعرفة، وسعيًا من المؤسسة في الوصول إلى المستفيدين خارج أبواب المكتبة، قامت بإنشاء ودعم العديد من المكتبات في كافة أرجاء الأردن، والبلديات الفلسطينية.