نشرت صحيفة "بلومبيرغ" ومقرها في مدينة نيويورك الأمريكية مقالًا أثارت فيه جدلًا في الشارع العربي خاصة السعودي.
وطرحت كاتبة المقال الصحفية "فيفيان نيريم" عدة تساؤلات تتعلق بالصورة الجديدة التي تسعى المملكة العربية السعودية الى رسمها في أذهان العالم الغربي بعيدًا عن التشدد والتحفظ الذي لطاما عرفت به.
وبدأت صحفية مقالها بطرح سؤال: "هل يمكن للصور على انستغرام تغيير صورة السعودية؟"، لترد بالقول بأن الفتاة الشقراء "آجي لال" التي حرقتها الشمس وعادة ما تظهر بزي السباحة والمدونة المقيمة في لوس أنجلوس ربما لم تكن الشخص المناسب للحديث عن مزايا الحياة في السعودية، إلا أنها قامت هذا الربيع بنشر صورها ومشاركة 80.000 شخص بها وهي تقوم باستكشاف الآثار القديمة في السعودية وهي تمرح في الصحراء هناك.
وتابعت: "بالنسبة لـ"لال" فقد كانت فرصة زيارة السعودية نادرة، خاصة ان كلفة السفر كانت مدفوعة، وكانت منفعة إضافية شاركت فيها الكثيرين الذين يعرفون بـ "المؤثرين" ممن يتكسبون بسبب المعجبين الكثر لهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكملت الصحفية: "كانت لال وغيرها بالنسبة للسعودية هدية جاءت في وقتها بعد الشجب الدولي الذي عانت منه بسبب جريمة مقتل جمال خاشقجي، العام الماضي".
وأشارت الصحفية إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان يحاول تطوير بلاده قبل مقتل خاشقجي، واليوم يحاول الأمير وبلاده نشر أجواء أكثر إيجابية في الوقت الذي تتعرض لها السعودية لحملة انتقاد دولي فباتوا يرحبون بمؤثرين مثل "لال".
وتابعت: "تم ترتيب جولة (لال) التي استمرت 10 أيام عبر برنامج "غيتوي كي أس إي/ Gateway KSA" أو "بوابة المملكة العربية السعودية" وهو برنامج بدأت تقديم الجولات داخل المملكة قبل عامين وتم تمويله من قبل شركات سعودية، ويستضيفها الأمير تركي الفيصل، مدير المخابرات السعودية السابق والذي عمل ولفترة قصيرة كسفير للسعودية في الولايات المتحدة بعد هجمات إيلول (سبتمبر) 2001".
وأكملت: "قام الأمير محمد بتخفيف القيود الاجتماعية وشجّع المناسبات الفنية بما فيها حفلة موسيقية للدي جي الفرنسي ديفيد غويتا وسباقا للسيارات حضره عدد من المؤثرين، وستنظم السعودية منازلة كبيرة في الملاكمة نهاية العام الحالي. وتخطط لمنح تأشيرات سياحة ولأول مرة نهاية الشهر الحالي. ولكن ولي العهد وإن خفف القيود الإجتماعية قام بقمع المعارضين وسجنهم وصعد الحرب في اليمن التي شوهت سمعة البلد التي كونتها بهدوء منذ هجمات 9/11 كحليف يمكن التنبؤ بحركاته".
وتابعت: "يقول الأمير تركي لضيوف (بوابة المملكة العربية السعودية): ما نعرضه لهؤلاء الشباب هي صورة أخرى لقصة السعودية التي يقرؤونها في الإعلام، واعترف الأمير تركي بأن المملكة لديها الكثير لعمله من أجل "التأثير على مواقف الأخرين".
وأشارت الكاتبة الى قول "بن فريمان" مدير مبادرة الشفافية للتأثير الدولي بمركز السياسات الدولية في واشنطن: "إن الجهود تظهر أن السعوديين ينظرون أبعد من جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة للحصول على تأثير في الغرب، وإن الجهود الأولى التي حاولت من خلالها السعودية تقديم نفسها قد توقفت بسبب مقتل خاشقجي ومن المنطق أن يبحثوا عن طرق للتاثير كهذه".
مقتل خاشقجي:
"ومنذ مقتل خاشقجي وتقطيعه في القنصلية السعودية باسطنبول فقد اصبحت شركات العلاقة العامة تحمل وصمة عار كما يقول فريمان، وقطع العديد من مدراء الشركات الاستثمارية العلاقات مع السعودية وألغوا زياراتهم بعد الجريمة، مع أن بعضهم عاد الآن. وتقول نيريم إن برنامجا مثل “(بوابة السعودية) لم يكن في مدار التفكير قبل خمسة أعوام عندما كانت الشرطة الدينية تجوب الشوارع والأسواق وتطلب من النساء تغطية وجوههن".
وأردفت: "تحاول السعودية الآن ترطيب صورتها عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وبالتأكيد فما يقدمه برنامج (بوابة السعودية) هو أمر مدهش، إن أخذنا بعين الاعتبار القيود التي تفرضها السعودية على تصرفات مواطنيها. ففي بلد يعتقل فيه الرجل والمرأة لا علاقة شرعية بينهما. ومن بين المشاركين، واحدة شاركت في برنامج تلفزيوني أمريكي (ذا باتشلر) أحضرت صديقها وقضيا معًا وقتًا يراقبان النجوم في الليل. والتقطت (لال) صورة في الصحراء مع رجل غطي وجهه ولم يكن يرتدي قميصًا".
وبدأ برنامج "بوابة السعودية" بعدما زارت المدونة المؤثرة الهولندية- الأسترالية نيليك فان زاندفورت غويسبل السعودية في رحلة عمل، ووجدت الفرصة لكي تطرح فكرة إظهار الجانب الآخر من السعودية واقترحتها على الأمير تركي الفيصل عندما قابلته في مناسبة عقدتها جامعة جورجتاون. وتم تنظيم أول وفد من طلاب جامعة هارفارد عام 2018.
وأكملت: "زار السعودية من خلال البرنامج أكثر من 200 شخص، حيث كان الزوار من الطلاب الجامعين والمدونين المؤثرين، وتمت تغطية كلفة الزيارة مع أنهم لم يحصلوا على أجور أخرى، وتدعم البرنامج شركات مثل سعودي تيلكوم ومؤسسة الصناعات الأساسية السعودية والخطوط الجوية السعودية".
وفي الوقت الذي ضغط فيه المسؤولون على الفنانين السعوديين وأنفقوا الملايين على السياسيين وحفلات الموسيقى إلا أن المدونين المؤثرين يلعبون دورًا مهمًا.
واختتمت "فيفيان نيريم" مقالتها: "هاجم بعض المعجبين الذين يتابعون لال واتهموها بالدعاية للسعودية فيما قرأ آخرون ما كتبته عن رحلتها وكيف دخلت القسم المخصص للرجال في مقهى ستاربكس، وما قاله سعوديون عن مقتل خاشقجي وإنهم ليسوا فخورين بما فعلته حكومتهم. ودافعت لال عن موقفها في مقابلة مع الموقع، حيث قالت إن ما كتبته يهم الكثيرين".
لمزيد من اختيار المحرر: