اثارت التصريحات التي ادلى بها وزير الداخلية التونسي السابق القاضي فرحات الراجحي اخيرا حول الجيش وقياداته ازمة ثقة حادة ذات صبغة قانونية وسياسية بين جهاز القضاء ووزارة الدفاع قد تنعكس على تطور المشهد السياسي برمته في المرحلة الانتقالية الراهنة في تونس.
وبلغت هذه الازمة ذروتها في بيان شديد اللهجة اصدرته وزارة الدفاع التونسية السبت استنكرت فيه موقف المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين الذي طالب فيه بايقاف اجراءات رفع الحصانة القضائية عن الراجحي الذي تمسكت وزارة الدفاع بتتبعه قانونيا بسبب "الاتهامات الخطيرة التي وجهها للجيش وقياداته" في تصريحاته الاخيرة.
كما عبرت وزارة الدفاع التونسية في بيانها عن اسفها الشديد لما تضمنه بيان جمعية القضاة التونسيين من "تحذير من تتبع زميلهم المتهم في هذه القضية من اجل مسائل خلافية تتصل بحرية التعبير" حسب رأي هذه الجمعية.
وشددت وزارة الدفاع ردا على موقف القضاة التونسيين على ان الحصانة القضائية التي يتمتع بها القضاة "ليست مطلقة" ولا يمكن اتخاذها ذريعة لعدم المساءلة القانونية للقاضي في حالة خرقه للقانون.
وقال بيان الوزارة ان"الية الحصانة القضائية تم وضعها لضمان استقلالية القضاة ودفعهم الى الالتزام بمبادىء الحياد والنزاهة اثناء ممارستهم لمهامهم القضائية وليس لايجاد حماية مطلقة للقاضي حتى يستبيح اعراض الناس ويمس اعتبارهم ويرتكب كيفما شاء من الجرائم خارج اطار عمله القضائي ثم يتعلل بالحصانة القضائية".
وكانت وزارة الدفاع التونسية رفعت دعوى قضائية على وزير الداخلية السابق معتبرة ان ما صدر عنه من "اتهامات" لقيادة الجيش بالتحضير للانقلاب على النظام الجمهوري وذهاب قائد الجيوش الثلاثة الفريق اول رشيد عمار الى قطر لمقابلة الرئيس المخلوع بن علي والتي نشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" "ليس مجرد رأي وانما افعال جرمها القانون".
وطالبت الوزارة المجلس الاعلى للقضاء بالقيام بدوره ورفع الحصانة القضائية عن الوزير السابق القاضي بصفته المهنية باعتباره اجراء شكليا فقط لافساح المجال للسلطة القضائية المتعهدة بالموضوع للبحث والتحري فيه بكل حياد واستقلالية حفاظا على النظام الجمهوري وثورة شباب تونس.
يذكر ان العاصمة تونس وعددا من المدن التونسية الاخرى شهدت عقب تصريحات الراجحي اضطرابات واعمال عنف ونهب وتخريب اضافة الى مواجهات دامية بين المتظاهرين ورجال الامن ادت الى فرض حظر التجوال طوال الليل في (اقليم تونس الكبرى) الذي يضم اربع ولايات.