تتعرض مدينة مصراتة في غرب ليبيا الى هجوم مكثف من قوات العقيد معمر القذافي التي اضطرت الثوار الى تقهقر غير منظم الى شرقي مدينة سرت مسقط رأس الزعيم الليبي.
وقال متحدث باسم المعارضين يدعى محمد في اتصال هاتفي عبر الاقمار الصناعية "قوات القذافي تشن هجوما مكثفا وحملات عسكرية شرسة علينا في مصراتة." وأضاف "انهم مصممون على السيطرة على المدينة. اليوم كان صعبا على قوات المعارضة."
ومصراتة التي تخضع لحصار مستمر منذ عدة أسابيع هي اخر معقل كبير للمعارضة في غرب ليبيا. ويشير بعض الزعماء الغربيين للمدينة كدليل على أن التدخل العسكري الغربي يجب أن يستمر لحماية المدنيين في الصراع الليبي.
وقال محمد "ضرب التحالف سفن القذافي في منطقة الميناء (في مصراتة) بعد أن حاولت تنفيذ عمليات انزال مساء أمس."
وذكر متحدث اخر يدعى سامي لرويترز في وقت سابق أن ثمانية مدنيين قتلوا وأصيب كثيرون اخرون بجروح مساء الاثنين.
وقال "قوات القذافي حاولت قبل ساعة دخول المدينة عن طريق البوابة الشرقية. الشبان يحاولون صدها."
ومضى يقول "القصف العشوائي مستمر."
وفي لندن حيث اجتمع أكثر من 40 حكومة وهيئة دولية لبحث مستقبل ليبيا قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني يوم الثلاثاء "بينما اتحدث.. سكان مصراتة يواجهون هجمات قاتلة من النظام."
ولا يمكن التحقق من مصادر مستقلة من صحة التقارير الواردة من مدينة مصراتة الساحلية التي تبعد نحو 200 كيلومتر الى الشرق من العاصمة طرابلس لان المسؤولين الليبيين لا يسمحون للصحفيين بالعمل بحرية من المدينة.
وتقول السلطات في طرابلس ان المعارضين اسلاميون متشددون يحتجزون السكان رهينة.
وتتحدث الروايات الواردة من مصراتة المعزولة عن المنطقة الرئيسية للمعارضة الليبية في شرق البلاد عن عمليات قصف للمدينة أسفرت عن سقوط عشرات القتلى وعن قناصة يطلقون الرصاص وعن قرب نفاد للطعام والمياه.
وقال سامي المتحدث باسم المعارضة "الوضع الانساني كارثة. هناك نقص في الطعام والدواء. المستشفى لم يعد قادرا على التعامل مع الوضع.
وقال معارضون في مدينة بنغازي في شرق ليبيا في وقت سابق الثلاثاء ان 124 مدنيا قتلوا خلال الايام التسعة الماضية للقتال في مصراتة.
وحث طبيب ليبي مقيم في بريطانيا قال انه على اتصال مع أناس من مصراتة الحكومات الغربية على بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين في المدينة من الهجمات.
وقال الطبيب الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه خشية الانتقام من أفراد عائلته الذين ما زالوا في ليبيا "قوات القذافي تتقدم مجددا صوب مصراتة وتقصف الاحياء السكنية بالدبابات ومدافع المورتر... على قوات التحالف أن توقف هذه المجزرة المستمرة. اما أن يكونوا ملتزمين التزاما كاملا بحماية هؤلاء المدنيين أو أن يتركوهم لمصيرهم."
وقال أحد سكان مصراتة الذي تحدث الى رويترز من داخل المدينة ان القوات الغربية بطيئة أكثر مما ينبغي في تقديم المساعدة التي تحتاجها مصراتة.
وقال المتحدث محمد "أفضل حل لانقاذ شعبنا هو تسليحنا. نحتاج الان الى أسلحة لنحمي أنفسنا."
واستهدفت ضربات جوية غربية قاعدة جوية قرب مصراتة وبعض المواقع التي تسيطر عليها القوات الموالية للقذافي. ولكن المعارضين يقولون ان القوات الحكومية حركت مدرعاتها الى داخل المدينة مما جعل من الصعب ضربها من الجو.
تقهقر الى بن جواد
من جهة اخرى، دعا معارضون ليبيون الى تنفيذ غارات جوية غربية يوم الثلاثاء بعد أن أجبرهم وابل من نيران الاسلحة الالية والصواريخ على تقهقر غير منظم أمام قوات القذافي الى شرقي مدينة سرت مسقط رأسه.
واحتمى معارضون كانوا ينتظرون على الطريق الصحراوي المفتوح بكثبان رملية وتلال ترابية وأطلقوا النار في اتجاه قوات القذافي عند وصولها.
ومع اشتداد الهجوم ركض المعارضون الى شاحناتهم الصغيرة وقادوها مسرعين صوب الشرق على الطريق الى بن جواد الواقعة على بعد نحو 150 كيلومترا شرقي سرت.
وكان الرصاص يئز فوق الرؤوس وسقطت قذائف على الطريق وبجواره خلال تقهقر المعارضين الذين يفتقرون الى التدريب والى هيكل قوي للقيادة.
ووصفت ايمان بوقيقس المتحدثة باسم المجلس الوطني المعارض التقهقر بأنه "انسحاب تكتيكي" لابعاد قوات المعارضة عن قبضة ميليشيات العقيد القذافي وجنوده المرتزقة.
وأضافت خلال مؤتمر صحفي في بنغازي معقل المعارضين الرئيسي أن بن جواد ما زالت تحت سيطرة المعارضين لكن غرب بن جواد مباشرة هو خط جبهة القتال.
وقال المعارضون انهم أعادوا تجميع أنفسهم على المشارف الشرقية لبن جواد وأطلقوا النار على قوات القذافي فأوقفوا تقدمها.
وقال مقاتل من قوات المعارضة يدعى عبد السلام الاسدي (25 عاما) وهو موظف سابق بالحكومة في بنغازي ان خط الجبهة في بن جواد وان القذافي لم يسيطر على البلدة.
ودعا الدول الغربية الى توجيه ضربات جوية الى مواقع القذافي قائلا ان قاذفات الصواريخ التي تستخدمها قوات القذافي لا تمكن قوات المعارضة من شن هجوم مضاد وانها ربما تفقد المزيد من الارض.
وقال مهندس عمره 50 عاما يدعى محمد العمان ان قوات المعارضة حققت مكاسب يوم الاثنين بسبب غارات التحالف الجوية وان القذافي استغل فرصة عدم تنفيذ غارات جوية الثلاثاء فاستخدم قاذفات صواريخه.
وأعرب مقاتلو المعارضة عن تحديهم رغم أحدث جولة لقوات القذافي الافضل تسليحا وتنظيما.
ويحمل عادل سرحان (30 عاما) عنزا في شاحنته الصغيرة وقال انه سيذبحها عندما تسيطر قوات المعارضة على سرت "ان شاء الله".
لكنه أقر بأن المعارضين يفتقرون الى قيادة في المقدمة وقال ان القادة موجودون في المؤخرة.
وتحرك مقاتلو المعارضة بسرعة على الشريط الساحلي المحاذي للبحر المتوسط واستعادوا السيطرة على العديد من المرافيء النفطية بعد أن بدأت الطائرات الحربية الغربية غارات جوية على مواقع القذافي يوم 19 مارس اذار في شرق ليبيا وغربها.
وتوقف تقدمهم في اتجاه الغرب لدى اقترابهم من سرت عندما أطلقت قوات القذافي صواريخ وقذائف صاروخية ونيران أسلحة متوسطة العيار لردهم الى الوراء نحو قرية النوفلية.
ويعتقد أن معظم السكان موالون للقذافي في منطقة سرت التي تسكنها قبيلة قذافة التي ينتمي اليها القذافي. وربما يكون تبرير تنفيذ غارات جوية تهدف في الاساس الى حماية المدنيين أمرا أكثر صعوبة على المسؤولين العسكريين الغربيين في حالة سرت.
وقال معارضون انهم واجهوا عداء صريحا من بعض المدنيين أثناء اقترابهم من المدينة.
وقال مقاتل من قوات المعارضة يدعى أشرف محمد (28 عاما) كان يرتدي حزاما من ذخيرة سلاح سريع الطلقات ان بعض السكان أطلقوا النار على المعارضين المنسحبين من داخل منازلهم لمساندة قوات القذافي.
وقال رجل من السكان يدعى مصطفى موسى (49 عاما) أثناء فراره من النوفلية في سيارة أجرة ان قوات القذافي تسيطر على البلدة فيما يبدو وتساندها ميليشيات مسلحة مؤلفة من سكان محليين.
وقال ضابط يدعى حمد العواني (28 عاما) يتولى فيما يبدو المسؤولية عن مجموعة من المعارضين المسلحين "هذا الطريق مشكلة".