الفلسطينيون منقسمون حول المسحراتي

تاريخ النشر: 20 يوليو 2013 - 09:35 GMT
مسحراتي في فلسطين.
مسحراتي في فلسطين.

مازال المسحراتية- وإن قلوا- يعدون النكهة التراثية المتبقية في رمضان فلسطين، لهم رونقهم الخاص، وصوتهم الجميل، وضرباتهم المميزة على دفوفهم الملونة، وترديدهم عبارات «اصح يا نايم وحد الدايم» بلكنتهم الفلسطينية.

وارتبطت مهنة المسحراتي عند الفلسطيني بهذا الشهر الكريم، حيث يرونها امتدادا لعهد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان بلال بن رباح أول مسحراتي في التاريخ الإسلامي يجوب الشوارع والطرقات لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب طوال ليالي رمضان ومنذ ذلك التاريخ أصبح «المسحراتي» مهنة رمضانية أصيلة. وفي الآونة الأخيرة، تغيرت النظرة إلى المسحراتي لدرجة كبيرة حتى في الأحياء الشعبية، فبينما يراه المؤيدون لمهمته جزءا من المشهد الرمضاني بروحانيته، يرى الرافضون أن شخصيته تبدلت وبات مصدر إزعاج.

«الله حي.. رمضان كريم.. يا نايم وحد الدايم، قوموا على سحوركم، وحدوه»، على وقع هذه النداءات يستفيق سكان نابلس وقت السحور، في ظاهرة رمضانية جديدة طالما اشتاقت لها أجواء المدينة بعدما لفها الانقطاع والغياب لسنوات طويلة. ويعد المسحراتي محمد حسن (50 عاما) مثالا لهؤلاء المسحراتية الذين بدؤوا يقلون شيئا فشيئا، خاصة أن اعتداءات جنود الاحتلال عليهم لم تقف عند حد معين. أما في مدينة القدس، فلم يغب المسحراتي عن المقدسيين في رمضان رغم التغير الاجتماعي الكبير وانحسار الأحياء الشعبية ودخول التقنيات الحديثة إلى كل منزل. أبوحمد يقوم بمهمة مسحراتي منذ ثلاثين عاما في حي سلوان، وهو يستذكر حتى اللحظة أول يوم بدأ فيه هذه المهمة، قائلا «كنا في المقهى قبل عشرات السنين وجاءني المسحراتي السابق أبو محمد بعدما أصابه الضعف طالبا مني أن أتولى المهمة بدلا عنه».

ويضيف أنه اليوم وبعد كل تلك الأعوام يعرفه كل أبناء الحي الكبير والصغير وينادونه بلقب «المسحراتي» باللهجة المقدسية. وتبدأ مهمة أبو حمد قبل ساعتين من موعد أذان الفجر وتستغرق جولته نحو الساعة، ويحمل المسحراتي معه طبلة صغيرة ومميزة بصداها مرددا العبارات المألوفة «يا نايم وحد الدايم، يا نايم وحد الله، يا نايم قوم لسحورك». وتدفع علاقة أبو حمد بأهل الحي للطرق على الأبواب ومناداة أصحابها بأسمائهم كي يطمئن إلى أنهم قد استيقظوا. وللمسحراتي ثلاث جولات إحداها يومية لإيقاظ الناس وقت السحور، والثانية تشمل معظم الأحياء لجمع المساعدات ويرافقه من يساعده في جولته، والثالثة صباح العيد لجمع العيديات. ويؤكد القاطنون في تلك الأحياء أهمية المسحراتي في رمضان رغم قدرتهم على الاستيقاظ بفضل ساعات التوقيت. ويقول محمد غنيم إنه جزء مهم من الاحتفال برمضان، لافتا إلى أن الأمر لا يتعلق بإيقاظ الناس المتاح عبر وسائل أخرى اليوم، وإنما «بطقس وتقليد روحاني نحس بقيمته كلما سمعنا صوت تكبيره».

وتابع إنه يتذكر المسحراتي منذ كان في الثالثة من عمره حيث كان الأهالي يقدمون للمسحراتي الطعام و «العيدية» صباح يوم عيد الفطر. لكن في مقابل ذلك الترحيب بمهمة المسحراتي، ثمة معارضة واسعة لها لأسباب عدة، ويرى المواطن محمد كريم أنه «لم يعد للمسحراتي من لزوم في ظل التطور الكبير في مجتمعاتنا ودخول أشخاص لا علاقة لهم بها إلا من باب التكسب المادي».