السعودية تحتاج لاتخاذ خطوات أجرأ لتتجنب عدوى الاحتجاجات

تاريخ النشر: 04 مارس 2011 - 04:49 GMT
السعودية بحاجة الى اصلاحات
السعودية بحاجة الى اصلاحات

يحتاج حكام السعودية المتقدمون في العمر الى القيام بما هو اكثر من مجرد اغداق المعونات الحكومية اذا كانوا يريدون الا تصل الاحتجاجات التي تجتاح العالم العربي الى حدود المملكة.

وفي الاسبوع الماضي قدم الملك عبد الله اعانات قيمتها 37 مليار دولار للسعوديين في محاولة فيما يبدو لكبح جماح المعارضة المتزايدة وتجنب تكرار الاحتجاجات التي اجتاحت الشرق الاوسط حين كان في الخارج لشهور لتلقي العلاج.

وستنفق الاعانات على اجراءات اجتماعية بدءا بالاسكان وانتهاء بتوفير فرص العمل فضلا عن المنح الدراسية والنوادي الرياضية. وهي تمثل أقل من عشر المبالغ التي تملكها السعودية في صورة أصول أجنبية كي تتمكن من معالجة المشاكل الاجتماعية.

لكن محللين ودبلوماسيين يقولون ان الضغوط على الحكومة تتزايد حتى تتيح لشبانها مساحة اكبر للتعبير عن رأيهم. ولا يستطيع ضخ الاموال وحده التعامل مع مطالب الاصلاح الواردة في التماسات تقدم بها ائتلاف فضفاض من الليبراليين ونشطاء حقوق الانسان والاسلاميين والمفكرين.

وقال خالد الدخيل المحلل السياسي السعودي الذي وقع على أحد طلبات الالتماس التي تدعو الى اجراء انتخابات ولمزيد من الشفافية في قرارات الحكومة "الاعانات التي قدمها الملك لقيت استقبالا جيدا لكنها في حد ذاتها ليست كافية."

وأضاف "أعتقد أن القيادة ستجري بعض التغييرات وتبدأ حوارا غير رسمي. قد يجري تعديل وزاري والانتخابات مطروحة على الطاولة." وفي ثلاثة طلبات التماس منفصلة وقعها اكثر من الف شخص طالب الائتلاف ايضا بمزيد من الشفافية بشأن الانفاق الحكومي وبفرض قيود على الدور المهيمن الذي تلعبه أسرة ال سعود في السياسة. وقال محمد القحطاني رئيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية بالمملكة العربية السعودية والتي تضم ليبراليين ومحامين ونشطاء بمجال حقوق الانسان " كلها تدعو في الاساس الى ملكية دستورية وهو أمر جيد جدا لانها تصدر عن جماعات مختلفة."

وقال القحطاني الذي يشن حملة لهذا الغرض منذ سنوات "مسألة ما اذا كانت الحكومة ستستجيب محل تخمين كبير." وتحكم أسرة ال سعود المملكة التي يتجاوز عدد سكانها 18 مليون نسمة في تحالف مع رجال الدين السنة وليس لها برلمان منتخب ولا توجد بها أحزاب سياسية.وفي حين يقول محللون انه لا يوجد مؤشر حتى الان على احتجاجات شعبية كتلك التي امتدت من تونس ومصر الى اليمن والبحرين وسلطنة عمان وكلها دول مجاورة للسعودية أيد اكثر من 17 الف شخص دعوات على موقع فيسبوك للمشاركة في احتجاجات هذا الشهر.

واكتسب السعوديون جرأة اذ يشاركون في الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي مستخدمين في كثير من الاحيان اسماءهم بالكامل في تناقض مع ما كان يحدث في الماضي حين كان كثيرون يخشون الحديث علنا خوفا من ايداعهم السجن.

وواجه الزعماء السعوديون نداءات مشابهة بعد حرب الخليج عام 1991 حين انهالت على الملك فهد طلبات التماس من اٍسلاميين أغضبهم وجود قوات أمريكية في مهد الاسلام. وسمح الملك في النهاية باجراء اصلاحات محدودة.

وقالت مضاوي الرشيد المحللة السعودية في لندن "الوضع مختلف جدا الان. في عام 1991 كان هناك معسكران... معسكر الاسلاميين ومعسكر الليبراليين. كانت لهما تقاليد متباينة تماما."

وأضافت "انهم يأتون الان من قطاعات مختلفة من المجتمع لكن الفكرة مشتركة. انهم يضغطون فعلا من أجل ملكية دستورية لكنني لا أعتقد أن هذا سيحدث." وتقع المنطقة الشرقية المنتجة للنفط في دائرة الضوء اذ نظمت الاقلية الشيعية هناك احتجاجات صغيرة مطالبة بالافراج عن المعتقلين بعد أن شجعتها دعوات التغيير التي يرددها أشقاؤهم بالبحرين.

ولطالما اشتكى الشيعة في البحرين والسعودية من التهميش رغم نفي السلطات. وكانت احتجاجات الشيعة في السعودية أصغر من الاشتباكات التي وقعت عام 2009 حين انتهك رجل دين مجالا يعد من المحرمات وألمح الى احتمال أن يسعى الشيعة لقيام دولة لهم.

لكن رد فعل السوق الذي اتسم بالقلق أظهر أن الاحداث في السعودية تراقب عن كثب. وأسواق الصرف السعودية في أدنى مستوياتها منذ عامين في حين ارتفعت مبادلات الالتزام مقابل ضمان الى أعلى مستوياتها منذ يوليو تموز عام 2009 .

وانخفضت بورصة الرياض -اكبر البورصات العربية- الى أدنى مستوياتها في 22 شهرا يوم الاربعاء وحيث ان المستثمرين الافراد هم المحرك الرئيسي للسوق السعودية فسيشعر الكثير من المواطنين السعوديين بهذا الانخفاض.

ومنذ تولى الملك عبد الله الحكم عام 2005 حاول اجراء بعض الاصلاحات لكنه لم يفعل شيئا تقريبا لتغيير ركائز الملكية المطلقة او تخفيف الفصل الصارم بين الجنسين في الاماكن العامة. ويقول محللون سعوديون ان الكثير من الاصلاحات المحدودة مثل تحسين التعليم الحكومي الذي يغلب عليه الطابع الديني مازالت في مراحلها الاولى لان رجال الدين يعارضون اجراء تغييرات كبيرة.

كتبت المدونة السعودية ايمان النفجان على موقعها على الانترنت "أرى أننا مازلنا في القطار المتجه الى بلدة الثورة. الناس غير راضين عن التنازلات التي أعلنت حتى الان والمستقبل لايزال غائما جدا."

وأضافت "من المنطقي أن نقول ان الامور ستتصاعد اذا لم تنفذ المطالب او على الاقل تقدم تنازلات كبيرة."

ورغم أن العاصمة السعودية تزخر بالتكهنات باجراء تعديل وزاري منذ عودة الملك عبد الله للبلاد لم تظهر اي بوادر على أن شيئا سيحدث قريبا.

وقال الدخيل "الحكومة لا تبدي تعجلا للتحرك. أعتقد أنها لا تريد أن يظهروا كمن يرضخ للضغوط... لكنني أتوقع بعض التغييرات."

ويقول دبلوماسيون ان أي تغيير وزاري يزداد تعقيدا بسبب الخلافة التي تلوح في الافق.. فالملك يبلغ من العمر نحو 87 عاما وولي العهد الامير سلطان الذي لا يصغره الا بسنوات قليلة يمضي فترات طويلة بالخارج للعلاج.

ومن المرشحين لتولي العرش وزير الداخلية الامير نايف وهو محافظ ولا يبدي تحمسا للاصلاح.

وحاليا لا يستطيع الا ابناء مؤسس الدولة الملك عبد العزيز بن سعود شغل منصب الملك. لكن مع تبقي 20 منهم فقط يقول محللون ان الاسرة المالكة تحتاج الى الترويج لامراء أصغر سنا من جهة واحداث توازن مع مطالب رجال الدين الوهابيين الذين ساعدوا في تأسيس المملكة عام 1932 من جهة أخرى.

ورغم ظهور بعض المؤشرات على المعارضة لا يتوقع كثير من المحللين السعوديين أن تشهد المملكة احتجاجات كبيرة في البلاد حيث يحذر رجال الدين عادة من تحدي أولي الامر.

وقال سايمون هندرسون وهو كاتب مقيم بالولايات المتحدة معني بالخلافة السعودية "لن تصنع رسالة او اثنتان من شابة سعودية متعلمة في الخارج ومستاءة من عدم حصولها على حقوقها ثورة في الرياض."

وقال الدخيل ان معظم النشطاء لا يخططون لاي ثورة بالسعودية لكنهم قلقون من تزايد الضغوط الاجتماعية مثل عدم توافر فرص العمل او المساكن. وأضاف "أعتقد أن الناس يريدون تغييرا داخل النظام."