• قد يكون شهر مايو الماضي بمثابة نقطة تحول بالنسبة لاقتصاد الكويت، مع إقرار مجلس الأمة لأحد أكثر خطط التنمية طموحا في المنطقة.
• تعتبر هذه الخطة، التي تقارب قيمتها 31 مليار دينار، الأولى في سلسلة من ست خطط تنموية متتالية يؤمل لها أن تحقق رؤية الكويت الإستراتيجية في التحول إلى مركز مالي وتجاري إقليمي بحلول عام 2035.
• تقضي الخطة بإصدار أو مراجعة 21 قانونا ولوائح تنظيمية في مجالات مثل الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص والمنافسة والحوكمة. وقد تم بالفعل إقرار ثلاثة قوانين منها.
أشار بنك الكويت الوطني إلى أن قد يشكل العام 2010 منعطفاً كبيراً بالنسبة للاقتصاد الكويتي. وتتمثل نقطة البداية على هذا الصعيد في إقرار البرلمان الكويتي لواحدة من أكثر الخطط التنموية طموحاً في المنطقة. إذ بعد سنوات من تدني الإنفاق الحكومي على البنية التحتية ومشاريع التنمية، والذي أدى إلى إبطاء وتيرة النمو الاقتصادي في الماضي إلى ما دون معدلاته في دول الخليج الأخرى، تبرز مؤشرات إيجابية بالتزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات جوهرية وبرامج تنموية. وترمي هذه القراءة الموجزة إلى استعراض وتبيان الأهداف والإصلاحات التي تتضمنها الرؤية الإستراتيجية للكويت والتي ينبغي للخطة الخمسية الحالية أن تشكل المرحلة الأولى منها.
ولحظ الوطني أن المبادرات الجديدة التي تحمل الأثر الأكبر على الاقتصاد في الأجل القصير تشمل طرح عدد من المشاريع الكبيرة، إلى جانب مشاريع أخرى عديدة طور الإعداد أو تم التخطيط لها وفقاً لخطة التنمية التي تم إقرارها مؤخراً. ورغم وجود بعض المخاوف بشأن قدرة البلاد على تنفيذ الخطة بالكامل، إلا أن الوطني يتوقع أن يكون تأثير هذه الخطة على اقتصاد الكويت إيجابياً إلى حد كبير. ولاشك بأن الإصلاحات التشريعية المزمع إجراؤها تحمل في طياتها عدداً كبيراً من الفوائد. وفي هذا الإطار، فقد تم فعلاً إقرار عدد من القوانين الجديدة، منها قانون هيئة أسواق المال وقانون الخصخصة.
الخطة المقرة
وأشار الوطني إلى أن مجلس الأمة الكويتي أقر في شهر فبراير الماضي خطة تنمية تتضمن إنفاقاً استثمارياً بنحو 31 مليار دينار (108 مليارات دولار). وتعتبر هذه الخطة الأولى في سلسلة من ست خطط تنموية متتالية يؤمل لها أن تحقق رؤية الكويت الإستراتيجية في التحول إلى مركز مالي وتجاري إقليمي بحلول عام 2035. وأحد العناصر الرئيسية لهذه الرؤية يقوم على استعادة القطاع الخاص دوره القيادي، وذلك، بصورة رئيسية، من خلال إقرار إصلاحات وحوافز متنوعة لتنشيط الاستثمار الخاص. وتبعاً لذلك، فإن نصف المصروفات الاستثمارية المتصورة ضمن الخطة يتوقع لها أن تأتي من القطاع الخاص كاستثمارات مباشرة أو ضمن نظام "البناء، التشغيل، التحويل" (BOT) أو "شراكات القطاعين العام والخاص".
ورأى الوطني أن توقيت وحجم هذه الخطة يعتبران أمرين حاسمين للغاية. فمنذ أواخر العام 2008، تعاني الكويت من التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية. وبغية الخروج من الأزمة وتحفيز الاقتصاد المحلي إلى جانب الاستعداد للمدى الطويل، تعهدت الحكومة بتبني برنامج تنموي طموح من شأنه المساعدة على إعادة هيكلة الاقتصاد الكويتي، وتعزيز دور القطاع الخاص ونشاطه، وتقليص الاعتماد على النفط.
وتطرح الخطة أفكاراً وقوانين لتمويل المشاريع التنموية وتوفير الدعم للقطاعات المختلفة، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والمقاولين ذوي الدخل المنخفض.
برنامج الإصلاح
وأشار الوطني إلى أن رؤية الكويت الاستراتيجية للعام 2035 تقترح إصلاحات تشمل خمسة مجالات هي الاقتصاد، والسكان، والنظام السياسي، والبيئة الثقافية، والمكانة الدولية للكويت. ويشمل برنامج الإصلاح على:
1. تقليص الروتين: تقليص المتطلبات الرسمية لإقامة وتشغيل المصالح التجارية، وإضفاء المزيد من السهولة والكفاءة عليها (نظام النافذة الواحدة)، وزيادة فرص الحصول على الأراضي ورأس المال للبادئين بمشاريع جديدة والأنشطة التجارية الصغيرة، وتحرير التجارة الدولية.
2. تحسين فرص الحصول على الأراضي: طرح الأراضي الحكومية عن طريق المزادات العلنية، وإشراك القطاع الخاص في تطوير الأراضي العامة والبنية التحتية، وتأسيس هيئة مركزية للأراضي.
3. خلق فرص عادلة ومتساوية في السوق: محاربة الفساد والمعاملة التمييزية، وإصدار قانون وتأسيس هيئة للمنافسة، وإيجاد أرضية متساوية لعمل الشركات الكبيرة والصغيرة، وتقليص التدخل الحكومي في السوق، وإلغاء القيود على المستثمرين الأجانب، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر.
4. تعزيز الوضع المالي للدولة على نحو مستدام: وقف الزيادات السريعة في التوظيف والرواتب في القطاع العام، وخفض المصروفات من خلال الخصخصة، وتقليص المصروفات الحكومية على البنية التحتية والمشاريع التنموية ( من خلال شراكات القطاعين العام والخاص)، وتنويع الإيرادات الحكومية.
5. توسيع وتعزيز قطاع الطاقة: عزل هذه الصناعة عن الحراك السياسي، والمزيد من الانفتاح على الخبرات العالمية، وتحسين قطاع الكهرباء، والاستغلال الأمثل للموارد المتوفرة، ودراسة الخيار البتروكيماوي، وبناء ومركز طاقة إقليمي.
6. مركز مواصلات إقليمي: تحديث وزيادة طاقة البنية التحتية الحالية، وطرح ترتيبات بديلة لإدارة البنية التحتية الحالية، وبناء مركز لوجستي تعدد الأدوار يكون بمثابة البوابة نحو الشمال، وتحسين البيئة التنظيمية للتجارة، وتطوير قطاع التجارة والخدمات اللوجستية.
7. تطوير مركز مالي متخصص: بناء مركز مالي وفق أرقى المعايير العالمية، وتطوير مركز مالي متخصص يركز على إدارة الثروات والأسواق المالية.
8. تغيير ديناميكيات سوق العمالة: اعتماد الاحترافية وتشديد شروط العمل في القطاع العام، وإعداد الكويتيين للعمل في القطاع الخاص من خلال التدريب ومواءمة المهارات مع الاحتياجات، وتحسين ظروف العمل في القطاع الخاص.
9. تحديث النظام التعليمي: تعزيز كفاءة التعليم، ورفع مستويات أداء الطلبة والمدارس، وتحسين ومواءمة التعليم المهني والجامعي، وتوسيع نطاق الخيارات التعليمية.
10. بناء نظام أقوى للرعاية الصحية: تشجيع وترويج أنماط الحياة والسلوكيات الصحية، وتعزيز البنية التحتية الصحية، والمشاركة في الشبكات العالمية المرموقة وزيادة الحضور على صعيد الصحة العالمية.
11. حماية البيئة وتعزيز تنمية التخضير: استخدام الموارد الطبيعية بمزيد من الكفاءة، وتعزيز القوانين الناظمة وإجراءات التطبيق، والاستثمار في الطاقة الخضراء.
12. بناء ملاذ ثقافي وترفيهي ورياضي وإعلامي: تطوير مركز للفنون، وتنمية الفنون الإبداعية، وإنشاء مرافق تعزز الصورة والهوية الوطنية.
علاوة على ذلك، فإن الخطة تقضي بإصدار أو مراجعة 21 قانونا ولوائح تنظيمية اقتصادية (ويشمل ذلك: الخصخصة، شراكات القطاعين العام والخاص، قانون المنافسة، قانون المؤسسات، الحوكمة، ضريبة الدخل، التوريق) وإنشاء 7 هيئات متخصصة (تشمل: سوق الأوراق المالية، المجلس الأعلى للخصخصة، النقل والمواصلات، الاتصالات).
التنفيذ
ورأى الوطني أن إحدى المزايا الرئيسية لخطة التنمية الخمسية هي كثرة عدد التشريعات الجديدة التي تستهدف تحسين الكفاءة والمنافسة والحوكمة. وقد تم حتى الآن إقرار ثلاثة قوانين تتجلى مضامينها على النحو التالي:
1. قانون الخصخصة: يتيح للحكومة خصخصة المؤسسات التي تملكها باستثناء تلك المعنية بإنتاج النفط والغاز والتكرير والتعليم والرعاية الصحية. ورغم إيجابية هذا القانون عموما، إلا أنه يحمل بعض الخصائص التي من شأنها أن تخفف من أثره الإيجابي (منها حق الحكومة في الاحتفاظ بنسبة تصل إلى 20% في ملكية أية شركة تجري خصخصتها إلى جانب حقها المطلق في الاعتراض على أي قرار لمجلس الإدارة، وأن يحتفظ العاملون في الشركة المخصخصة بوظائفهم لمدة خمس سنوات على الأقل دون المساس برواتبهم ومزاياهم الوظيفية).
2. قانون العمل: يمنح حقوقاً أكبر للعمال، رغم أنه سيرفع تكاليف التوظيف بصورة كبيرة. ويشترط القانون، بصورة خاصة، تعويضاً أكبر بالنسبة لنهاية الخدمة، بالإضافة إلى إجازة سنوية وعطل رسمية وإجازة أمومة أطول. إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة ستقوم بوضع حد أدنى للأجور كل خمس سنوات، هذا في الوقت الذي ينبغي على أرباب العمل تقديم التأمين الطبي ضد حوادث العمل وحالات العجز للعاملين.
3. هيئة أسواق المال: يدعو القانون إلى إنشاء هيئة جديدة تتولى تنظيم الأدوات والأنشطة المالية لضمان المنافسة والشفافية. كما ستكون لهذه الهيئة سلطة منح التراخيص والإشراف على الأسواق المالية، وتنظيم عمليات الدمج والاستحواذ.
وأخيراً، لحظ الوطني أن ميزانية 2010/2011 التي تم إقرارها مؤخراً منسجمة مع خطط الحكومة الأكثر ديناميكية. وهي تنص على زيادة المصروفات بنسبة 33%، بما في ذلك زيادة بنسبة 66% في المشاريع والصيانة. ويفترض أن يرتفع الإنفاق على هذين البندين الأخيرين من 1.3 مليار دينار إلى 2.1 مليار دينار، المستوى الأعلى له.