تمكنت الحكومة، في الربع الساعة الأخير «كعادتها»، من نزع فتيل إضراب أصحاب الأفران والمخابز الذي كان مقرراً بدءاً من الساعة السادسة مساء اليوم.
وإذ بدا أن الاتفاق الذي توصل إليه وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحّاس و«إتحاد نقابات أصحاب الأفران في لبنان» برئاسة كاظم إبراهيم، هو دعم الطحين، إلا أن ثمة خيارات أخرى يمكن أن تتبلور غداً «في مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال»، ومنها، وفق نحّاس: «تحرير سعر ربطة الخبز، أو زيادة وزن الربطة وعدد الأرغفة مع تعديل سعرها» أو السير بدعم طن الطحين.
ويوضح الأمين العام لـ«إتحاد أصحاب الأفران» أنيس بشارة لـ«السفير»، بعد ختام المؤتمر الصحافي الذي عقده نحّاس أمس، «لم نكن نريد الإضراب أساساً، بل كان هدفنا الضغط لإقرار مطالبنا، وسعينا منذ حوالي أربعة أشهر، للتوصل عبر التفاوض مع الوزارة إلى حل، إلا أنه وكما يقول المثل: على الوعد يا كمون».
وكانت المفاوضات بين الجانبين، قد وصلت إلى طريق شبه مسدود، حيث قدم نحّاس في إجتماع أمس الأول، حلا بدعم طن الطحين بسعر يتراوح بين 30 و40 ألف ليرة، فرفض وفد الأفران العرض، ما دفع الوزارة إلى رفع الدعم إلى 70 ألف ليرة، بحيث يصبح سعر طن الطحين واصلاً إلى الأفران بسعر 440 ألف ليرة بدلاً من 510 آلاف ليرة، وهو ما اعتبره بشارة، «يعوض لأصحاب الأفران فرق زيادة الأجور والمعيشة، والمازوت».
ويشير إلى أن «السعر المدعوم للطحين يبدأ بمفعول رجعي من أول شهر نيسان الجاري، مما يعني أن تدفع الوزارة فرق سعر الطن لأصحاب المطاحن ليسلموها بدورهم إلى أصحاب الأفران».
ويلمح إلى «أن الحل الذي طرحه نحّاس، قبلنا به، وهو من أصل اثنين كانا مقبولين لدينا، حيث ننتظر ما يقرره مجلس الوزراء غداً: فهل سيسير باقتراح زيادة رغيفين على ربطة الخبز لتصبح ألفي ليرة، أو أن يستمر بالدعم؟».
وفي مؤتمره الصحافي أعلن نحّاس إلغاء الإضراب الذي دعا إليه «اتحاد أصحاب الأفران»، بعدما تم الاتفاق على دعم طن الطحين. وأشار إلى «أن تسعيرة الرغيف طرأت عليها أمور عديدة توجب إعادة النظر فيها، من غلاء المحروقات إلى المعيشة، وارتفاع في أسعار بعض عناصر الكلفة، وقد مضى علينا أشهر عدة ونحن نبحث في الموضوع مع اتحاد الأفران، والمباحثات أخذت وقتاً لأن الموضوع دقيق».
وقال نحّاس: «سعينا إلى المعادلة الأسهل التي تعطي المواطن حقه، كما تعطي أصحاب الأفران حقهم، علماً أن الوزارة أكدت هذا الحق، وتطلب الأمر بعض الدراسات التي بينت الواقع على الرغم من بعض الاختلافات في وجهات النظر»، لافتاً الانتباه إلى «الاقتراحات الثلاثة ستبحث في مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، لأن الرغيف أساس كل شيء»، مؤكداً «أن الاقتراحات الثلاثة مربحة للدولة».
أضاف: «شخصياً مع تحرير الرغيف، لأن الدعم لا يصل دائما إلى الغاية المرجوة، والمازوت خير دليل على ذلك. كما أن ضبط الأمور صعب، سنرى في مجلس الوزراء أي خيار سيتخذ، حتما سيكون هناك قرار».
من جهته، تمنى إبراهيم على نحّاس «الإيفاء بوعده»، وقال: «حفاظا على استمرارية تأمين الرغيف قضى الاتفاق بتسليم الطحين بـ440 ألف ليرة، وعليه لم يعد هناك من إضراب».
الاجتماع غير قانوني
وفي سياق متصل، اعتبر رئيس «جمعية المستهلك» د. زهير برو عبر رسالة وجهها إلى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، أن الاجتماع الذي عقد بين وزير الاقتصاد ونقابة الأفران «غير قانوني، لأنه يغيّب دور جمعيات المستهلك، التي وحدها تمثل المستهلكين في قضية أساسية من هذا النوع»، مؤكدا أن «المجلس الوطني لحماية المستهلك وحده المكلف بنقاش هذه القضايا، خصوصاً أنه يضم تسع وزارات وممثلين عن التجّار والصناعيين والمستهلكين»، سائلاً: لماذا ينفرد طرفان من أجل التصرف بأموال الخزينة؟ ودعا وزارة الاقتصاد إلى «الالتزام بقانون حماية المستهلك الرقم 659 لنقاش كل قضايا المستهلك، والاستماع إلى وجهة نظر جميع الأطراف»، معتبراً أن «تهديد البعض بالإضراب سبب إضافي للتقيد بالقوانين وليس العكس».
ومن الاقتراحات التي وضعها برو «لحل المشكلة الدائمة»، وفق تعبيره، «تحرير سعر ربطة الخبز نهائياً، لئلا يذهب دعم الخزينة، وكالعادة ومثل دعم المازوت، إلى جيوب التجّار أو الأفران أو أصحاب سيارات النقل الخاص»، مشيراً إلى أن «تحرير السعر سيؤدي إلى دخول عنصر المنافسة كعنصر أساس، وإلى هبوط الأسعار».
أما رئيس «الاتحاد اللبناني لحماية المستهلك» وجدي الحركة فأعلن أن «الاتحاد ضد سياسة الدعم وهدر الأموال». وإذ شدد على أهمية «إعادة النظر بشكل علمي وصادق في احتساب كلفة صناعة الرغيف، والأرباح العائدة منه»، قال: «إننا مع جعل وزن ربطة الخبز 1250 غراماً بدلاً من ألف غرام بسعر ألفي ليرة، شرط أن تكون الأفران ملتزمة بالمواصفات والشروط الصحية المطلوبة لصناعة الرغيف ومشتقاته».
في المقابل، دعا رئيس «اتحاد نقابات عمال ومستخدمي المواد الغذائية» كامل فقيه، الشعب اللبناني إلى «انتفاضة شعبية، وللنهوض للدفاع عن رغيف عيشه»، منددا «بأي مخطط يرسم لرفع الدعم عن الطحين»، مطالبا بـ«إعادة دراسة قيمة الدعم، وزيادتها إذا استوجب الأمر»، رافضاً «التلاعب في رغيف الشعب». ودعا فقيه وزير العمل سليم جريصاتي إلى «الإمساك بزمام الأمور لمتابعة تطبيق زيادة الأجور، خصوصاً لعمال الأفران الذي يصلون الليل بالنهار لإطعام لبنان بأسره».