في عالم الموضة اللامع، هناك أسماء قليلة لها صدى عميق واستمرارية وصلت حد الخلود مثل اسم غابرييل "كوكو" شانيل.
فهي رمز الابتكار والأناقة والحكمة الخالدة، وهي بدايات عالم الأزياء الراقي والمختلف وغير المتكلف، ففي العصور الحديثة وانطلاقا من فترة العشرينيات التي تمثلت بالتحرر من القيود المجتمعية المعقدة، كانت كوكو شانيل ملكة التحرر من قيود الأزياء المعقدة وال"كورسيهات" والأحجام المبالغ بها إلا أن هذه الخبرات كانت نتائج معاناة وثيود تحررت منها غابرييل مع كل خطوة مشتها من مسيرتها التي ابتدأت من معاناة عمالة الأطفال ووصولا إلى امتلاك أبر دار أزياء في العاصمة الفرنسية باريس.
الحياة المبكرة التي عاشتها غابرييل قبل أن تصبح كوكو

ولدت غابرييل بونور شانيل في مدينة سوميور، وهي بلدة فرنسية في إقليم ماين ولوار الواقع في غرب فرنسا، وقضت طفولتها مع والديها اللذان تركاها بعد ذلك في الملجأ في سن الثانية عشرة.

في سن الثانية عشر، ترك والدا كوكو شانيل أو الطفلة غابرييل قبل أن تصبح معروفة باسم كوكو شانيل في ملجأ للأيتام مع 2 من إخوتها و2 من إخوانها في منطقة سوميور، مما اضطرها وإخوتها جميعا لمواجهة عمالة الأطفال، إلا أن رحلة غابرييل آنذاك في تعلم الخياطة، هي ما ساعدها لصعود أعالي عالم الاحترافية في الخياطة، حيث تعلمت غابرييل الخياطة الصحيحة من الراهبات في الملجأ، لتتجه بعدها غابرييل للعمل في محلات الخياطة المحلية.

انتقلت غابرييل بعد ذلك إلى باريس ووقفت غابرييل شانيل على "بلاتو" كاباريه "لا روتوند" (La rotonde) لتغني وتستطيع كسب لقمة العيش، وغنت غابرييل شانيل آنذاك أغنية (Qui Qu'a Vu Coco) والتي تتحدث عن ضياع الكلب كوكو وحزن صاحبته بسبب ضياعه كما أنها اكتشفت أن حبيبها يخونها.
ومن هذه اللحظة وبعد العروض الكثيرة والمتكررة التي قدمتها غابرييل شانيل على مسرح كاباريه "لا روتوند"، أصبح الجمهور وأصدقاء شانيل ينادونها ب "كوكو" بدلا من غابرييل.
علاقات حب معقدة وطريق النجاح

في سن الثالثة والعشرون، التقت كوكو شانيل بإتيان بالسا (Etienne Balsa)، وهو وريث لواحدة من أكبر شركات وسلاسل إنتاج النسيج لتصبح حبيبته في ذلك الوقت، وهي المرة الأولى التي تعيش فيها كوكو شانيل حياة الأغنياء وتجرب أسلوب الثراء الذي يعيشه الباريسيين.

وفي سن الرابعة والعشرون، عادت كوكو شانيل إلى طريق الحياة العملية والموضة مع دخولها عالم تصميم القبعات بدعم من الأشخاص المقربين إليها.

إلا أنه وخلال فترة عمل وعلاقة كل من كوكو شانيل وإتيان بالسا (Etienne Balsa)، وقعت كوكو في حب صديق إتيان، والذي كان اسمه "بوي "آرثر" كابل والذي أصبح حب حياتها الوحيد، إذ كانت غابرييل شانيل مولعة ب"بوي" وكانت تحبه لدرجة لا يمكن وصفها، إلا أن القدر قد شاء أن يفرقهما في عام 1919 بعدما اضطر مرغما بأن يتزوج إحدى الفتيات ليفطر قلب غابرييل بونور شانيل للمرة الأولى من الحب.
أول متجر افتتحته كوكو شانيل في دوفيل

افتتحت كوكو شانيل متجرها الأزل على الإطلاق في منطقة "دوفيل" في عمر الثلاثون، والذي بدأت عبره تقديم مجموعات الأزياء ال"كاجوال" الراقية والتي كانت خلاف تام لما عرفه المجتمع آنذاك من الأزياء المبالغ بها والأحجام الكبيرة وال"كورسيهات" الضيقة.

كما وقفت كوكو شانيل شامخة لتطلق ظاهرة مصممي الأزياء ولتصبح الأولى على الإطلاق، والأيقونة التي لن تتكرر، لتشق طريقها مع متجر في شارع "31 ري كومبون" في باريس.
هل استطاع الحزن أن يعيق مسيرة نجاح كوكو؟

بعد ابتعاد حبيبها الوحيد، والذي لم تحب قبله، ولم تستطع أن تحب بعده، عانت غابرييل شانيل ويلات الحب ولوعة الفراق بعد أن اضطر بوي كابل بأن يتزوج من امرأة أخرى غيرها، إلا أن حادث سيارة قد أودى بحياته مما فطر قلب غابرييل "كوكو" شانيل وذلك بعد عام واحد فقط من زواجه من امرأة أخرى مما وضع كوكو في حالة من الحزن والكآبة والعزلة.

أحدثت كوكو شانيل ثورة في عالم الجمال، إذ أطلقت عطرها الأول على الإطلاق، وهو العطر الذي حمل رقم الحظ الخاص بها، وهو الرقم خمسة.
ليصبح عطر شانيل رقم خمسة، العطر الأيقوني الأبرز والأكثر مبيعا حتى عصرنا هذا.

في عمر الأربعين، جمع غابرييل شانيل ودوق "ويستمينستر" علاقة صداقة قوية ووطيدة جدا ألهمت غابرييل لتبدأ رحلة "جاكيت" شانيل المصنوع من التويد والأيقوني.

والجدير بالقول أن غابرييل شانيل كانت قد استوحت هذا الجاكيت بالفعل من دوق ويستمنستر بالأوان والخامات المستخدمة، كما يذكر أنه وفي نفس العام، أطلقت كوكو شانيل أول خط مكياج عرفه تاريخ مصممي الأزياء على الإطلاق.


وصولا إلى نهاية العشرينيات مع الفستان الأسود الصغير، والذي غير شكل ومفهوم حياة الحفلات، وذلك ليصبح القطعة الأيقونية الخالدة التي سترتبط باسم المصممة غابرييل بونور شانيل طوال حياتها كعلامة امتياز وتميز خاصة بها.

توفيت غابرييل شانيل في غرفتها في فندق ال"ريتز" التاريخي في باريس. تاركة وراءها إمبراطورية اقتصادية وفنية ضخمة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.