ملخص أولمبياد أثينا- سيطرة أميريكية وإنتفاضة آسيوية وتراجع عربي

تاريخ النشر: 01 سبتمبر 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

بدأ امس ألأثنين مئات الآلاف من الرياضيين والسائحين مغادرة العاصمة اليونانية فيما وصفته وسائل الاعلام المحلية بـ«الهروب الكبير». وتسير العملية حتى الآن بسلاسة مثلما سارت الالعاب الاولمبية نفسها. وسيتوجه الآلاف من سكان اثينا الذين اجلوا عطلاتهم الصيفية الى ما بعد انتهاء الاولمبياد الى الشواطئ اليونانية وللقاء عائلاتهم في شتى انحاء اليونان.  

 

وقالت متحدثة باسم مطار اثينا، وكما ذكرت وكالة رويترز للأنباء،:" المطار مزدحم جدا هناك العديد من الرحلات وآلاف الاشخاص ولكن لا توجد تأخيرات حتى الآن. كل شيء يسير بسلاسة". ومن بين الجهود الرامية الى تيسير عملية المغادرة فرض حظر على دخول صالات المطار لغير حاملي تذاكر سفر وفرض قيود مشددة على وقوف السيارات وحركة المرور، بينما تعزف مقطوعات موسيقية وتقدم عروض للسيرك لتسلية المسافرين اثناء انتظارهم. 

 

والآن، بدأت وسائل الإعلام تلخيص ألعاب ألأولمبية. نبدأ من موقع الجزيرة نت الذي قال في مقال له بهذا الخصوص : " لم يكن من قبيل المفاجأة أن تنجح الولايات المتحدة في تصدر الترتيب العام لدورة الألعاب الأولمبية التي اختتمت منافساتها في العاصمة اليونانية أثينا، لكن المفاجأة الحقيقية تمثلت في الصعود المثير للتنين الصيني الذي نافس على القمة طويلا قبل أن ينهي الدورة في المركز الثاني.  

 

وكانت أغلب التوقعات تشير إلى أن ترتيب المراكز الثلاثة الأولى لن يختلف في أثينا عما كان عليه في سيدني، كما كانت تشير إلى أن الولايات المتحدة ستزيد غلتها من الميداليات الذهبية. لكن ما حدث على أرض الواقع طابق التوقعات فقط في فوز أميركا بالدورة، لكنه اختلف عنها في أن الدولة الفائزة حققت ذهبيات تقل عما حققته في سيدني، كما أن روسيا فشلت في الحفاظ على مركزها الثاني وتراجعت للثالث لتفسح المجال للصين الصاعدة بقوة. 

 

وجمعت الولايات المتحدة 102 ميدالية (35 ذهبية و38 فضية و29 برونزية), علما بأنها حققت 39 ذهبية في سيدني 2000، و44 في أتلانتا 1996.واحتلت الصين المركز الثاني بفضل جمعها 32 ميدالية ذهبية، مقابل 28 ذهبية في سيدني، علما بأنها لم تتجاوز 16 ذهبية في أي من الدورات السابقة. وتراجعت روسيا مركزا واحدا وأنهت الدورة في المركز الثالث برصيد 27 ذهبية، بينما احتفظت أستراليا بالمركز الرابع الذي احتلته على أرضها في سيدني برصيد 17 ذهبية. 

 

وتراجعت ألمانيا للمركز السادس برصيد 14 ذهبية، وهي أسوأ نتيجة للأخيرة منذ الوحدة بين الألمانيتين عام 1989, علما بأنها حلت خامسة في سيدني، لكنها أخلت مكانها هذه المرة لليابان التي جمعت 16 ذهبية لتؤكد من جانبها تفوق القارة الآسيوية في الألعاب الأولمبية وصعودها التدريجي نحو القمة. 

 

من جانبه لفت رئيس اللجنة الأولمبية الدولية البلجيكي جاك روغ النظر إلى البروز الآسيوي في الألعاب الأولمبية, وقال إن أثينا شهدت استيقاظ العملاق الآسيوي الذي سيوجد بقوة في أولمبياد بكين، محذرا الدول العظمى في الرياضة من احتمال فقدان مراكزها الحالية. أما رئيس اللجنة الأولمبية الصينية يوان وي مين فقد أشاد بنتائج بلاده والتي فاقت كل التوقعات، لافتا النظر إلى نجاح الصين في المزج بين الجيل القديم والصاعد مما أدى إلى تتويج سبعة أبطال لم يتخطوا العشرين من أعمارهم.  

 

وعربيا ، وكما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، تراجعت غلة العرب من الميداليات من 14 في اولمبياد سيدني قبل اربع سنوات الى 10 في العاب اثينا التي اسدل الستار عليها امس الأول الاحد، لكن قيمتها زادت بحصولهم على 4 ذهبيات في مقابل واحدة يتيمة في سيدني، منها اثنتان للنجم المطلق العداء المغربي هشام الكروج، في حين شهدت الالعاب صحوة مصرية بعد سبات عميق دام 20 عاما، وتدوين الامارات اسمها في السجلات الاولمبية للمرة الاولى في تاريخها.  

 

ورفع الرياضيون العرب عدد ميداليتهم الاجمالية الى 75 ميدالية في الالعاب الاولمبية من دورة امستردام 1928 الى دورة اثينا هي 20 ذهبية و18 فضية و37 برونزية، موزعة على مصر (21 ميدالية)، والمغرب (19)، والجزائر (12) وتونس (6)، ولبنان (4)، وسوريا (3)، والجمهورية العربية المتحدة (2) وقطر (2) والسعودية (2) والكويت (1) والعراق (1)، والامارات (1) وجيبوتي (1). وهي ايضا موزعة على العاب القوى 30، ورفع الاثقال 12، والملاكمة 14، والمصارعة 10، والغطس 2، والرماية 2، والجودو 1، والفروسية 1، والتايكواندو 1.  

 

ولعل ثنائية العداء المغربي الفذ هشام الكروج في سباقي 1500 م و5 آلاف م تتكلم عن نفسها لأنه بات ثاني عداء في التاريخ يحقق هذا الانجاز في دورة واحدة منذ الفنلندي الشهير بافو نورمي العام 1924 في دورة باريس، واذا ما قارنا المنافسة التي كانت عليها ام الالعاب قبل 80 عاما وحاليا، نجد ان تحقيق الانجاز يصبح اكثر صعوبة وله معنى اكبر، خصوصا انه تحقق في مواجهة عملاقين هما الاثيوبي بينينيسا بيكيلي حامل الرقم القياسي في سباق 5 آلاف م و10 آلاف م، والكيني ايليود كيبتشوغ بطل العالم في السباق الاخير.  

 

وسيفرد التاريخ الاولمبي خانة خاصة للكروج وسيدون اسمه الى جانب لائحة طويلة تضم ايضا بالإضافة الى نورمي، التشيكي اميل زاتوبيك والبريطاني سيباستيان كو والجزائري نور الدين مرسلي. وكان الكروج بكى ومعه الشعب المغربي بأسره بعد فشله في تحقيق حلمه الاولمبي المتمثل بإحراز ذهبية سباق 1500 م التي ضاعت منه قبل ثماني سنوات عندما اصطدم بالجزائري نور الدين مرسلي، وتكرر المشهد في سيدني لكن هذه المرة حصل على فضية لا تعني الشيء الكثير بالنسبة له وهو الذي لم يخسر اي سباق بين الاولمبيادين، قبل ان يكرس نفسه افضل عداء في تاريخ المسافات المتوسطة في اثينا بإحرازه اولا اللقب الذي ركض وراءه طويلا، ثم الثنائية التاريخية التي جعلت منه اسطورة.  

 

لقد حقق الكروج في مدى خمسة ايام ما فشل في تحقيقه في ثماني سنوات في الالعاب الاولمبية عندما توج السبت بطلا لسباق 5 آلاف م وبات بالتالي اول رياضي عربي يتمكن من الفوز بميداليتين في دورة اولمبية واحدة، وليس اي ميداليتين، لان الحديث هنا عن ميداليتين من الذهب الخالص. ويزيد من انجاز الكروج انه كان يخوض سباق 5 آلاف م للمرة الاولى هذا الموسم كما انه لم يتسن له الخلود الى الراحة كما يجب بعد فوزه بذهبية السباق الاول، فخاض في اليوم التالي تصفيات 5 آلاف م وحجز مقعده في النهائي بسهولة، قبل ان يضرب بقوة في السباق النهائي ليجمع المجد من طرفيه.  

 

ذهبية أولى للإمارات  

 

ونال الشيخ احمد بن حشر آل مكتوم شرف ان يكون اول امارتي يمنح بلاده ذهبية في الالعاب الاولمبية في تاريخ مشاركاتها عندما فاز بمسابقة الحفرة المزدوجة (دبل تراب) معادلا الرقم الاولمبي الذي كان بحوزة الاسترالي مارك راسل وسجله في 24 تموز 1996 في اتلانتا، بعد ان اصاب 189 طبقا من اصل 200 بفارق 10 اطباق عن اقرب منافسيه الهندي راجيافاردان راثور (179)، في حين نال البرونزية الصيني وانغ زهنغ (178). ويعتبر ما حققه الشيخ احمد (41 عاما) إنجازاً لانه بدأ التدريب من اجل المنافسة في المحافل الرياضية الدولية عندما كان في منتصف الثلاثينات في وقت يعتزل فيه كثيرون من الرياضيين.  

 

ولم تحرز الامارات اي ميدالية اولمبية منذ مشاركتها الاولى العام 1984 في لوس انجليس الاميركية، وتعتبر اللجنة الاولمبية فيها حديثة العهد مقارنة مع قريناتها في الدول الاخرى المشاركة اذ اشهرت في 19 كانون الاول 1979، وانضمت الى عضوية اللجنة الاولمبية الدولية في العام التالي، وهي هيئة مستقلة تمثل الهيئة الام للرياضة الاهلية في الامارات. ونظرا لإنجازه سيسمى احد شوارع دبي باسم احمد بن حشر.  

 

خيبة أمل خليجية  

 

وباستثناء الامارات، فقد خيبت الدول الخليجية الامال وتحديدا في رياضة ام الالعاب، فبعد فضية السعودي هادي صوعان قبل اربع سنوات في سباق 400 م حواجز، وبلوغ مواطنيه حمدان البيشي نهائي سباق 400 م وحسين السبع نهائي مسابقة الوثب الطويل، فإن الاول فشل في بلوغ النهائي وحذا حذوه الثاني، في حين لم يشارك السبع لأسباب مجهولة. وخيب العداء البحريني رشيد رمزي الآمال الموضوعة عليه في سباق 1500 م خصوصا انه هزم الكروج في لقاء روما الدولي وحل في المركز الاول قبل نحو شهرين ما جعله بين المرشحين لاعتلاء منصة التتويج، لكنه فشل حتى في بلوغ السباق النهائي.  

 

كذلك سجلت قطر بلوغ عدائين فقط السباق النهائي لمسافة 3 آلاف م موانع وجاء موسى عبيد عامر رابعا بعد ثلاثة كينيين والقطري الآخر خميس عبدالله خامس عشر. في المقابل، افلتت برونزية مسابقة السكيت في الرماية من القطري ناصر العطية بعد ان اصاب 147 طبقا من اصل 150 ليتعادل مع رامييْن آخرين اميركي وكوبي فخاضوا جولة فاصلة خرج منها اولا الاميركي ثم القطري وكان المركز الثالث من نصيب الكوبي. وكان العطية بطل الشرق الاوسط للراليات الموسم الماضي يمني النفس بمنح قطر اول ميدالية لها في الالعاب بعد برونزية محمد سليمان في سباق 1500 م في اولمبياد برشلونة العام 1992، لكنه لم يوفق.  

 

صحوة مصرية  

 

واستيقظت مصر فجأة من ثبات عميق استمر 20 عاما ابتعدت خلالها عن منصة التتويج فأحرزت خمس ميداليات في العاب اثينا منها ذهبية تاريخية جاءت بعد غياب 56 عاما عن طريق مصارعها كرم جابر ابراهيم الذي اختير افضل مصارع في الدورة.  

 

وكانت مصر تبحث عن ميدالية من اي نوع للمرة الاولى منذ ان احرز محمد رشوان فضية في لعبة الجودو في اولمبياد لوس انجليس العام 1984 وأعادت هذه الذهبية الى الاذهان العصر الذهبي للمصارعة المصرية التي انجبت اهم الرياضيين في هذه اللعبة وعلى رأسهم ابراهيم مصطفى ومحمود حسن وابراهيم عرابي وعبد العال راشد وعثمان السيد.  

 

وفرضت الملاكمة المصرية نفسها ايضا من خلال احراز فضية وبرونزيتين، علماً ان هذه الميداليات هي الاول لها في رياضة الفن النبيل اذا ما اعتبرنا ان الملاكم المصري عبد المنعم الجندي احرز برونزية ايضا في هذه الرياضة في اولمبياد روما العام 1960، لكن سجلات اللجنة الاولمبية الدولية الرسمية تشير الى انها مسجلة باسم الجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر).  

ودخلت مصر ايضا سجلات رياضة التايكواندو للمرة الاولى بواسطة تامر بيومي الحاصل على برونزية.  

 

إنجاز عراقي  

 

ولفت المنتخب العراقي لكرة القدم نظر الجميع بعروضه الرائعة ولم يتوانَ رئيس الاتحاد الدولي جوزف بلاتر عن متابعة ثلاث من مبارياته مشيدا بالروح القتالية للاعبيه واصفا اياه بانه <<منتخب المستقبل>>. وضرب المنتخب العراقي بقوة في مباراته الاولى فحقق نتيجة لافتة بفوزه على البرتغال (24)، اتبعه بفوز مستحق على كوستاريكا (2 صفر)، وضعه في ربع النهائي. واجتاز عقبة استراليا في ربع النهائي ليصبح على مشارف منصة التتويج لكنه خسر في نصف النهائي امام البارغواي، ثم امام ايطاليا على المركزين الثالث والرابع. 

 

وبعد انتهاء 17 يوما من الإثارة في أثينا، بدا من المؤكد أن الإثارة ستكون في أوجها في بكين، وأن الصراع على القمة الأولمبية سيكون مشتعلا وقد ينتهي بالكثير من المفاجآت. ( البوابة) 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن