قناة تلفزيونية تفوّقت على المخابرات الأميركية

تاريخ النشر: 13 مارس 2014 - 12:55 GMT
البوابة
البوابة

اتخذت أميركا قرارات خطيرة ومصيرية في حق العالم طيلة العقدين الماضيين على أساس معلومات استخباراتية يجمعها عملاء سريون لجهاز المخابرات المركزية الأميركية «سي اي اي» منتشرون حول العالم كما يبدو، لكن الحقيقة الصادمة اعترف بها في أحد اللقاءات التلفزيونية أخيرا على «MSNBC» أحد النواب الديموقراطيين جيمس ترافيكانت، مؤكدا أن «أميركا كانت تجهل العالم وآخر من يعلم بمجرى الأحداث، وان العديد من الأحداث المصيرية التي غيرت تاريخ الانسانية المعاصر عرفها حكام أميركا من خلال تلفزيون (سي ان ان) وليس من خلال تقارير (سي اي اي)».

 

الى ذلك فان قرارات الحرب التي اتخذتها واشنطن ضد دول في العالم، وفق التقرير الذي نشرته "الراي العام"  اتضح لاحقا حسب تقرير لمعهد «CATO» للدراسات الاستراتيجية في اميركا ان «اغلبها كان على اساس معلومات غير دقيقة وغير موثوقة وان واشنطن ضحت بالشعب الأميركي لأجل سياستها الخارجية التي جلبت الحرب وليس السلام وتدخلت في دول على اساس معلومات خاطئة، على سبيل المثال قرار الحرب على العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل»، كما اشار تقرير سابق على «واشنطن بوست» الى ان سياسة اميركا الخارجية «شهدت تخبطا واضطرابا في الأزمة السورية وكادت تتورط في حرب على اساس معلومات استخباراتية غير موثوقة بدعوى استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية ويضاف الى ذلك حملة حرب واشنطن السابقة على ايران بدعوى امتلاكها سلاحا نوويا وقد توقفت هذه الحملة واستبدلت بسياسة التصالح مع ايران»

 

كما لا يجب اغفال التدخل الأميركي في ليبيا بحجة امتلاك اسلحة كيماوية اتضح فيما بعد انه لم توجد هذه الأسلحة على الأرض، كما وقع اخفاق استخباراتي قاتل في بنغازي ادى الى مقتل السفير الأميركي هناك، كما اثار دعم واشنطن للإخوان المسلمين في مصر والمنطقة الى سخط حكام المنطقة على واشنطن التي ادعت وفق معلومات استخباراتية ان الاخوان هم الأنسب للمرحلة، بحجة دعم الانتقال الديموقراطي واليوم تريد واشنطن فرض مصالحة بين ايران ودول المنطقة تبين ان الكثير من الدول خصوصا في الخليج لا تقبل بمثل هذا الواقع الذي تريد اميركا فرضه وفقا لاستراتيجيتها الجديدة في المنطقة التي على الأغلب مبنية على معلومات استخباراتية قد تكون غير دقيقة كما حصل في تجاربها السابقة.

 

ويذكر ان اميركا اخفقت تاريخيا في قراراتها تجاه العرب كشفها اخيرا كتاب «لعبة أميركا الكبرى» الذي بين أن «الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دوايت ديفيد أيزنهاور ارتكبت خطأ كبيرا بمعاداة القوميين العرب ومحاولة الاطاحة بهم لعدم وصولهم الى الحكم ما جعل رموزا قومية مثل عبد الناصر تتحالف مع السوفيات ابان الحرب الباردة». كما وصف ايضا ان مهمة «سي اي اي» الى المنطقة ابان الحرب العالمية الثانية باءت بالفشل».

 

نظرية اخفاقات اميركا في العالم وخصوصا في العالم العربي انتبه لها اعضاء في الكونغرس الأميركي الذين طالب بعضهم بتغيير مدير وكالة المخابرات المركزية من جديد بسبب توجيه اللوم الى «سي اي اي» بعدم كفاءتها في تحذير اصحاب القرار في واشنطن ببوادر التغيير والأحداث في دول العالم وعدم نقل معلومات تعكس عمق الواقع في دول العالم. وان حصل فعلا استبدال مدير «سي اي اي» فقد يعتبر التغيير السادس لرأس المخابرات في عهد الرئيس الأميركي الحالي باراك اوباما مع الإشارة إلى ان منصب مدير «سي اي اي» في عهد جورج بوش الابن على الرغم من أحداث 11 سبتمبر 2001 تغير مرتين فقط، وبذلك تعد التغييرات التي تشهدها «سي اي اي» في عهد اوباما أكبر صدع في هذه المؤسسة الاستخباراتية منذ الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.

 

أميركا بطم طميمها أكبر دولة في العالم عسكريا واقتصاديا وعلى هذا الأساس تسود الأرض بأسرها وتنشر الاف العملاء السريين حول العالم لينقلوا لها الأخبار قبل وقوع الأحداث حتى تتمكن من السيطرة في الوقت المناسب على مجرى احداث العالم وتضمن بذلك استمرار نفوذها في أغلب مناطق الأرض.

 

لكن يبدو ان استمرار نفوذ أميركا كأكبر قوة مهيمنة على العالم مهدد بالزوال بعد تكرار الأخطاء القاتلة في حروب أنهكت اميركا.

ويبدو أن مراسلي القناة المرموقة يمتلكون مهارات ودهاء جعلهم أفضل بكثير في نظر شيوخ ونواب أميركا من الاف عملاء «سي اي أي» المنتشرين في العالم والتي تتمثل مهمتهم في تسريب المعلومات السرية لأميركا. في النهاية تبين أن عملاء الاستخبارات فشلوا في تقديم المعلومة المناسبة في الوقت المناسب ما جعل أحد شيوخ الكونغرس الأميركي يستهزأ بـ«سي اي اي» ويطلب الاستعانة بقناة «سي ان ان» لتقوم بوظيفة الاستخبارات.

يبقى كيف تحكم أميركا العالم على أساس معلومات غير صحيحة؟