أحزاب جزائرية تتهم الجيش بإدارة الحكم من وراء الستار

تاريخ النشر: 23 مايو 2011 - 11:30 GMT
أحزاب جزائرية توجه النقد إلى حكومة الظل المُمثلة بالمؤسسة العسكرية
أحزاب جزائرية توجه النقد إلى حكومة الظل المُمثلة بالمؤسسة العسكرية

فتحت المشاورات التي أطلقها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع الأحزاب السياسية باب الأسئلة والإنتقادات حول وضعه الصحي الدقيق واستمراره في الحكم منذ 1999. وبدل أن تُركز الأحزاب المعنية بالإستشارة على مضمون الإصلاحات المطلوب إدخالها على النظام السياسي، اتجه النقد إلى حكومة الظل المُمثلة بالمؤسسة العسكرية، والتي أكد زعماء أنها الماسك الفعلي بزمام القرار. وكان بوتفليقة كلف كلا من السياسي المخضرم عبد القادر بن صالح والوجه العسكري المعروف الجنرال محمد التواتي إدارة مشاورات مع جميع الأحزاب، عدا "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، من أجل إصلاح النظام السياسي بما يقي البلد احتمالات ثورة شعبية أسوة بما حدث في تونس وليبيا المجاورتين. إلا أن أحزابا عدة رفضت التجاوب مع المبادرة ومنها جبهة القوى الإشتراكية بزعامة حسين آيت أحمد والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية الأمازيغي النزعة، والجبهة الوطنية الجزائرية بزعامة موسى التواتي الذي اشترط تغطية وسائل الإعلام للمشاورات من أجل القبول بالإنخراط فيها.

قوى خفية

وأطلق رئيس الوزراء السابق سيد أحمد غزالي مفاجأة لدى اجتماعه مع موفدي رئاسة الجمهورية عندما حض "النظام الخفي" و"النظام الظاهر" على المضي في طريق الإصلاحات، وهي إشارة واضحة إلى أن الجيش يمسك بخيوط اللعبة السياسية من وراء الستار. وقال غزالي الذي قاد الحكومة بعد إلغاء الجولة الأولى من الإنتخابات التعددية سنة 1991 "إن المجاملة لا تمنع من اعتماد الصدق عندما يتعلق الأمر بمستقبل الوطن، الذي يجب النظر إليه بتشخيص وتحليل موضوعيين".

وأكد أن مراجعة الدستور لا تكفي لتحقيق التغيير في الجزائر. أما حزب "عهد 1954"، وهي السنة التي اندلعت فيها حرب التحرير في الجزائر، فاشترط إطلاع الأحزاب على الملف الطبي للرئيس بوتفليقة قبل المشاركة في أية مشاورات سياسية. وقال فوزي رباعين رئيس الحزب للصحافيين إن الأمانة الوطنية قرّرت عدم الاستجابة للدعوة التي تلقتها من موفدي الرئيس للمشاركة في المشاورات، موضحا أنه "إذا كانت لدى السلطات نيّة الإصلاح، فعليها أن تنظّم لقاء وطنيا بين كل الأطراف السياسية، وعلى المباشر عبر وسائل الإعلام".

ورأى أن الخروج من الأزمة سلميا يقتضي "إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تشرف عليها حكومة انتقالية، ثم بعد ذلك يتم الشروع في المشاورات اللازمة للإصلاحات السياسية". وحذرت أحزاب أخرى من أن الطريقة التي تُدار بها المشاورات "ستؤدي إلى مزيد من التضييق على الحريات، مثلما حدث خلال الولايتين السابقتين للرئيس بوتفليقة، كما ستسمح أيضا للسلطات بمواصلة سيطرتها على الحياة السياسية".

قوانين جاهزة

إلا أن عبد القادر بن صالح المكلف بإدارة المشاورات مع الأحزاب، نفى نية السلطات فرض تعديل دستوري أو قوانين جاهزة، وأعلن أن الحوار لا ينبني على أية شروط مسبقة. وقال ''إن الإصلاحات السياسية تستوجب مساهمة كافة القوى السياسية والاجتماعية في البلاد وإشراك الجميع في المشاورات، ما عدا دعاة العنف الذين نبذهم المجتمع الجزائري وأقصاهم من الحياة السياسية''، في إشارة إلى قيادات "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة منذ آذار (مارس) 1992.

وأكد بن صالح في أول جلسة من المشاورات، والتي بدأها مع أمين عام حركة الإصلاح الوطني جمال بن عبد السلام، أن "لا نية إطلاقا لفرض أي نص لمشروع مراجعة الدستور أو النصوص القانونية والتشريعية المقترحة للدراسة والنقاش''، مضيفا أن ''السلطة ستلتزم بالمقترحات التي تقدمها الأحزاب السياسية". واعتبر "إن النقاش في هذه الإصلاحات سيكون حرا ولن يوضع أمامه أي قيد ما لم يتعارض مع ثوابتنا ومكونات هويتنا".

واقترحت حركة الإصلاح في لقائها مع بن صالح اعتماد النظام البرلماني وتحديد الولايات الرئاسية باثنتين. وفي السياق نفسه استقبل بن صالح رئيس حزب الحرية والعدالة (غير معتمد) محمد السعيد، الذي صرح بأن "أية إصلاحات لا تأخذ بعين الاعتبار المطالب الأربعة للشعب وهي الحرية والعدل والأمن وضمان لقمة العيش، لا يمكن أن يكتب لها النجاح''. واستقبل بن صالح أيضا رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، وهو عضو في الإئتلاف الحاكم الذي يضم أيضا حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي، إضافة إلى رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب "الجبهة الديموقراطية" سيد أحمد غزالي.

ويُتوقع أن يعيش الموفدان الرئاسيان لحظات حرجة إذا ما أصرا على الإجتماع مع رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى التواتي إذ أكد أنه والوفد الذي سيرافقه، سيدخل قاعة المشاورات ويطلب حضور الصحفيين إلى القاعة، لنقل مجريات الحديث بدقة وصراحة، محذرا من أنه "إذا تم رفض دخول الصحفيين سننسحب ولا نتشاور مع أعضاء الهيئة". وقال إن السلطات اعتادت على الأمور المغلقة، حتى لا يعلم الشعب ما يفعله نظامه، وتوجه للصحفيين في اجتماع عقده أمس بالقول ''يجب حضور الإعلام لأن هناك أشياء لا تقال لكم".

ودافع التواتي عن النظام البرلماني منتقدا تصريحات رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) عبد العزيز زياري، الذي وصف النظام البرلماني بـ"الخطر". ولوحظ أن التواتي تعرض لدور المؤسسة العسكرية حين دعا إلى "تحديد دقيق لمهام مؤسسة الجيش في الدستور"، مؤكدا أن "على الجيش أن يكون تحت سلطة الشعب وليس العكس". وكان ظهور الرئيس بوتفليقة في آخر خطاب له في حالة متقدمة من الوهن والإنهاك غذى الأسئلة المتداولة عن مدى سيطرته على الحكم وعما إذا كان هو الذي يحكم أم الجيش من وراء الستار. وأتت الإنتقادات الجديدة، للحكم لمناسبة انطلاق المشاورات السياسية، لتوسع تلك الإنتقادات وتوجه أصابع الإتهام للجيش بإدارة دفة الحكم من وراء الستار.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن