اعتبر عضواللجنة المركزية لحركة "فتح" مروان البرغوثي من معتقل "هداريم" الاسرائيلي انجاز اتفاق المصالحة الفلسطينية احدى ثمرات الثورة المصرية. وقال انه يرحب بهذا الانجاز، طالبا من الفصائل الفلسطينية ان تكون عند حسن ظن الشعب الفلسطيني بانهاء "كارثة" الانقسام. ودعا البرغوثي الى "انتزاع" الدولة الفلسطينية والى الحشد الجماهيري الواسع وعدم انتظار طاولة المفاوضات التي لا تأتي بالحقوق. وعبر عن احترامه للرئيس محمود عباس ولانجازته، مؤكدا انه يختلف معه في انه يؤمن بسياسة الجمع بين العمل الديبلوماسي والتفاوضي وممارسة المقاومة بكافة اشكالها.
* ما رأيكم في اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي جري توقيعه اخيرا في القاهرة وهل تعتقدون بامكانية تطبيقه على الارض؟
- أرحب بشدة باتفاق المصالحة الذي تم في القاهرة واتوجه بشكر خاص للشعب المصري العظيم وللقيادة المصرية الجديدة على انجازها هذا الاتفاق، وأعتبره أولى ثمرات الثورة المصرية على الصعيد الفلسطيني والعربي، علما بأننا وطوال السنوات الماضية ومنذ وقوع الانقسام نعمل على رأب الصدع وانهاء هذه الحالة الكارثية ولم نتوقف لحظة واحدة عن العمل مع كافة الجهات الفلسطينية والأخوة في مصر من اجل انهاء الانقسام. وأكدنا دوما أن الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار لحركات التحرر الوطني وللشعوب المقهورة، وأعتقد أنه من واجب قيادات "فتح" و"حماس" العمل باخلاص ووفاء لتنفيذ الاتفاق بكل دقة وامانة مسترشدين كذلك بوثيقة الأسرى للوفاق الوطني التي قدمت حلولا جوهرية لأكثر المشكلات تعقيدا. وأعتقد ان الشعب الفلسطيني لن يتسامح مع من يحاول العبث بهذه المصالحة وبالوحدة الوطنية الفلسطينية.
* من وجهة نظركم من هي الشخصية التي تصلح لرئاسة الحكومة الفلسطينية التي سيتم تشكيلها طبقا للإتفاق بإذن الله؟
- الشخصية الأفضل هي الشخصية التي يتم التوافق عليها والتي تحظى بتقدير كافة القوى والجهات الفلسطينية والتي بامكانها ان تخدم المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وتكون شخصية مستقلة بحق وهناك العديد من الشخصيات الفلسطينية المرموقة التي تصلح لقيادة الحكومة.
* هل تعتقدانه بالمكان ان تنجح السلطة الفلسطينية في الحصول على الإعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في ايلول (سبتمبر) رغم معارضة الولايات المتحدة واسرائيل لتلك الخطوة؟
- إن الدولة تنتزع ولا يجب انتظارها على طاولة المفاوضات. ومن يعتقد انه سيحصل على الدولة على طاولة المفاوضات فهو مخطىء، لذلك يجب حشد كل الطاقات الفلسطينية والعربية والدولية للذهاب في أيلول (سبتمبر) أوقبل ذلك للحصول على عضوية كاملة للدولة الفلسطينية المستقلة على حدود1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ولا يجوز التردد في اتخاذ هذا القرار ويجب مواصلة هذا التوجه، أنا على ثقة ان المصالحة الوطنية تشكل دفعة قوية ورافعة لتحقيق هذا الهدف وآمل من الأمة العربية بأسرها ان تلقي بكل ثقلها في هذه المعركة المقبلة ولا تستطيع اسرائيل والولايات المتحدة ان تفعلا شيئا لإعاقة هذا القرار.
* من خلال ما تعرفونه من التطورات التي تحدث على الأرض في الضفة الغربية، ما هوتقييمكم لفترة تولي الدكتور سلام فياض (ابوخالد) لرئاسة الحكومة؟
- من دون شك ان الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض والمدعومة بشكل كامل من الرئيس أبومازن ومن حركة "فتح" ومن منظمة التحرير الفلسطينية تمكنت من تحقيق جملة من الإنجازات على الأرض في مسيرة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية في مجالات مختلفة ومتعددة، الى جانب اعادة الاعمار وتحقيق بنية تحتية مناسبة. وقد سمعنا شهادات من مختلف المؤسسات الدولية تؤكد جاهزية الفلسطينيين لدولة مستقلة سواء من منظمات الأمم المتحدة أوالبنك الدولي أوصندوق النقد الدولي والإتحاد الأوروبي وغيرها من المؤسسات. المطلوب من الحكومة المقبلة إستكمال ذلك والحفاظ على هذه المكتسبات علما ان كل هذا يبقي مهددا في ظل الإحتلال والإستيطان والعدوان لأنه لا يوجد أمل حقيقي أوتنمية حقيقية بدون زوال الإحتلال، وأكبر دليل على ذلك قرار اسرائيل بحجز الأموال الفلسطينية الأمر الذي قد يؤدي لإلحاق الضرر بالإقتصاد الفلسطيني.
* في ظل إصرار ابومازن على عدم ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية للسلطة الوطنية الفلسطينية هل انتم موافقون على ترشيح انفسكم لهذا المنصب في ظل شعبيتكم الكبيرة سواء في الضفة الغربية أوقطاع غزة وهل تعتقدون ان إسرائيل ستطلق سراحكم إذا جري انتخابكم رئيسا للسلطة الفلسطينية؟
- اعتقد ان قرار الرئيس ابومازن بعدم الترشح ليس جديدا، حيث أعلن عن ذلك أكثر من مرة والرئيس صادق في هذا التوجه وقد أعلنه بعد إنتخابه قبل سبع سنوات وعندما يتم تحديد موعد للإنتخابات بشكل نهائي سأتخذ القرار المناسب ولهذا من المبكر البت في هذا الموضوع.
* ما هي العلاقة التي تربطكم بالرئيس عباس؟
- تربطني علاقة مبنية على الإحترام والتقدير المتبادل مع الرئيس عباس وذلك منذ ما يقارب 25 عاما ومنذ التقيته أول مرة بعد إبعادي عن الأرض المحتلة في الانتفاضة الأولى. وأنا أحترم إستقامة الرئيس عباس وصدقه مع نفسه ومع شعبه. وبالطبع هو من القيادة المؤسسة لحركة "فتح" ويؤمن أنه يمكن إنجاز الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات والمفاوضات فقط. وأنا اعتقد أنه يجب الجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي والتفاوضي وبين المقاومة. كما اعتقد أن الرئيس أبومازن عمل بجد وإخلاص لتحقيق المصالحة الوطنية وآمل أن يقودها الي بر الأمان.
* الكثير من القادة الفلسطينيين أصبحوا يعتبرون أن عسكرة الإنتفاضة الثانية كانت خطأ فما رأيك وما حقيقة ما يقال عن أن الرئيس الراحل أبوعمار حاول ايقاف تلك الإنتفاضة بعدما أدرك أن اسرائيل استغلتها للتنصل من إستحقاقات اوسلو؟
- الإنتفاضتان الأولى والثانية إنطلقتا بإرادة وقرار الشعب الفلسطيني ولم يقررهما قائد أوفصيل أوجماعة فالإنتفاضات لا يصنعها قادة بل شعوب. الإنتفاضة الثانية استخدمت المقاومة المسلحة لمواجهة العدوان والمجازر وأستخدم السلاح بعد عدة أشهر وبعد سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحي وتعرضت مؤسسات السلطة الوطنية للقصف والتدمير والمقاومة بكل أشكالها هي حق مشروع للشعب الفلسطيني لمقاومة الإحتلال ولكن الحكمة تقتضي إختيار الوسائل والأساليب المناسبة لكل مرحلة بما يخدم الأهداف الوطنية والمصلحة الوطنية لشعبنا، وما تتحفظ عليه بعض القيادات الفلسطينية من الإنتفاضة الثانية أوما يسمى "عسكرة" الإنتفاضة فهذه وجهة نظرهم التي لم تغير شيئا على أرض الواقع والذي يجب أن يتهم هوالإحتلال وحكومة الإحتلال التي شنت حربا إرهابية على الشعب الفلسطيني. من جهة ثانية حاول الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات إعطاء فرصة لكل الجهود الإقليمية والدولية لإيقاف العدوان ولكن قرار حكومة شارون آنذاك كان مواصلة العدوان والحرب وإغتيال قادة الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم الرئيس الراحل ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين وأبوعلى مصطفي ود.ثابت ثابت وغيرهم من القادة.
* رغم عقد المؤتمر العام السادس لحركة "فتح" قبل أكثر من عشرين شهرا، إلا أن الأوضاع داخل "فتح" لم تتحسن كثيرا لماذا في رأيكم وكيف يمكن إعادة ترتيب أوراق الحركة لتصبح أكثر قوة في مواجهة اسرائيل؟
- من دون شك كان انعقاد المؤتمر السادس للحركة خطوة هامة في تاريخ الحركة وإنعقاده لأول مرة على أرض الوطن كان حدثا تاريخيا، وجاء ذلك بعد مرور عقدين من الزمن على المؤتمر الخامس حيث تآكلت فيها الأطر القيادية وشاخت فيها القيادات وانتشرت مظاهر التسيب والفساد والترهل وغياب الشهيد ياسر عرفات وكثير من القيادات التاريخية جعلت من مهمة المؤتمر شاقة وصعبة علما أنه لم يتم التحضير له كما ينبغي.
مع ذلك فإنه كان محطة هامة وانجز الحد الادني المطلوب منه وبعد مضي سنتين على انعقاد المؤتمر لم نشهد انطلاقة وحالة نهوض حقيقية والعمل يتم ببطء وبدون خطة استراتيجية علما ان التحديات امام حركة "فتح" كبيرة جدا. وعلى القيادة الجديدة ان تستجيب لهذه التحديات لأن "فتح" صاحبة تاريخ عظيم وهي التي بعثت الشعب الفلسطيني من تحت ركام النكبة وهي التي أطلقت الثورة المسلحة وإنتزعت بالدم والتضحيات والمعاناة الإعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وبقيادة وطنية ممثلة بمنظمة التحرير وبكفاحها الي جانب شركائها في النضال الوطني وتمكنت من اقامة أول سلطة وطنية على جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة كنواة للدولة الفلسطينية القادمة. ومن دون شك فإننا نعتبر المصالحة الوطنية إنجازا لحركة "فتح".
* ما حقيقة قيام الإسرائيليين بإجراء إتصالات معكم داخل المعتقل كل فترة فيما يتعلق بصفقة شاليط وما جديد تلك الصفقة وهل حقا وعد الإسرائيليون بأن تكون جزءا من الصفقة وما هوشكل العلاقة بينكم وبين المعتقلين من "حماس"؟
- منذ إعتقالي قررت الحكومة الاسرائيلية برئاسة شارون وضعي في العزل الإنفرادي ولاحقا في العزل الجماعي وقررت حكومة إسرائيل منع أي مسؤول إسرائيلي في موقع رسمي من مقابلتي ولذلك لم يقابلني أي مسؤول إسرائيلي رسمي على أي مستوى منذ اعتقالي عام 2002 حتي الآن وزيارة عدد من أعضاء الكنيست العرب وبعض اليهود يأتي في سياق زيارة لعدد من المعتقلين ولقاء ممثليهم، أما بخصوص اللقاءات التي قام بها المسؤول الاسرائيلي السابق عن ملف الجندي الأسيرغجلعاد شاليت عوفر ديكل اومساعدوه فقد جرت مع قيادات "حماس" فقط.
وحول صفقة التبادل فآمل ان يتم إنجازها على أساس التمسك بكل القائمة التي قدمتها حركة "حماس" والتي تشمل أسماء 450 أسيرا وأسيرة.
أما العلاقة بيني وبين قيادات "حماس" وأسراها فهي ممتازة وهي التي مكنتنا قبل خمس سنوات من إنجاز وثيقة الأسري للوفاق الوطني التي وقعتها كافة الفصائل الفلسطينية.
* هل مازلت تتعرض للعزل في المعتقل وكيف تقضون يومكم؟
- منذ اعتقالي قبل تسع سنوات وبعد مائة يوم من التحقيق والتعذيب ورفضي القاطع للمحكمة الإسرائيلية وللائحة الإتهام المقدمة ضدي تم وضعي في زنزانة العزل الإنفرادي ثم انتقلت بعد ثلاث سنوات الى قسم العزل الجماعي في سجن "هداريم" قرب تل ابيب حيث ما زلت فيه حتى هذه اللحظة. وبالمناسبة فقد ألفت كتابا بعنوان "ألف يوم في زنزانة العزل الإنفرادي" أتحدث فيه عن تجربتي في العزل الإنفرادي وصدر هذا الكتاب بداية هذا العام.
أما عن يوميات الأسر فنحن نتعرض لعملية عد يومي خمس مرات ونخرج لساحة السجن لبضع ساعات ونمارس بعض الرياضة الصباحية، كما نشاهد بعض الفضائيات التي تسمح بها إدارة السجون. وتحققت هذه المنجزات والمكتسبات بعد إضرابات ونضالات خاضها الأسرى، وما زال يقبع حتي الآن في السجون الاسرائيلية ما يقارب ستة الآف أسير فلسطيني.
وكان البرغوثي قد بعث ببيان من زنزانته من سجن "هداريم" لوسائل الإعلام عقب نجاح ثورة 25 يناير قال فيه" أتوجه من زنزانتي الصغيرة المظلمة إلي الشعب المصري العظيم بتحية الإجلال والإكبار مهنئا بانتصار ثورة 25 يناير العظيمة والتي صنعها الشعب المصري بكل فئاته وطبقاته وقواه وفي مقدمتهم الجيل الشاب الجيل الجديد الذي رفع رأس مصر والأمة العربية جمعاء في كل مكان وهذا ليس غريبا على شعب مصر الذي كان نموذجا وقدوة عبر تاريخه الطويل".
واعتبر المناضل الفلسطيني أن انتصار الثورة المصرية المجيدة وثورة الياسمين التونسية يبشران بعهد عربي جديد وتشكلان فاتحة للشعوب العربية نحوالحرية والديمقراطية والاستقلال الحقيقي كما تمهد الطريق نحو نهضة عربية تعيد للأمة العربية مكانتها اللائقة والرفيعة في العالم.