مؤسسة قطر تعزز استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية الدقيقة
  يشهد قطاع الرعاية الصحية حول العالم تحولًا جذريًا بعد دمج الذكاء الاصطناعي فيه، وخاصة في مجال الطب الدقيق الذي يعتمد على تقديم رعاية صحية مخصصة لكل فرد بحسب تركيبته البيولوجية، ونمط حياته، وبيئته.
ويعمل الباحثون في جامعة وايل كورنيل للطب – قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، على تحويل هذا التوجه إلى تطبيقات عملية، حيث قال الدكتور راجات ماني توماس، أستاذ مساعد في استخدامات الذكاء الاصطناعي في الطب بالجامعة:
"نحن اليوم لا نتحدث عن نظريات مستقبلية، فقد أصبحنا في قطر نبني أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تغيير نظرتنا إلى مستقبل الطب الدقيق."
وأشار الدكتور توماس إلى أن وايل كورنيل للطب – قطر تمكنت من تطوير منصة متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تعمل كفريق من المختصين الرقميين في الطب، بحيث يتخصص كل نظام ذكاء اصطناعي في أحد ركائز الطب المرتبط بأسلوب الحياة كالتغذية، والنوم، والنشاط البدني، وإدارة التوتر، وتتعاون جميع هذه الأنظمة فيما بينها لتقديم إرشادات شخصية قائمة على أبحاث علمية موثوقة، وأوضح الدكتور توماس أن هذه الأنظمة لا تعطي إجابات عامة، بل تتفاعل مع بعضها البعض كفريق استشاري لتقديم توصيات دقيقة وملائمة.
وتتميز هذه المنصة بقدرتها على أخذ عدة عوامل في الاعتبار مثل العمر، والجنس، والمهنة، والسجل الطبي، لتقديم نصائح واقعية وسليمة طبيًا وسلوكيًا، كما تستند المنصة إلى علم النفس لدعم التغيير الإيجابي في العادات الصحية، وهو غالبًا الجزء الأكثر تحديًا.
ومع الكم الكبير من البيانات تأتي مسؤولية كبيرة، فالذكاء الاصطناعي يتعامل مع معلومات حساسة مثل الملفات الجينية والسجلات الطبية والمؤشرات النفسية، ما يثير قضايا أساسية حول الخصوصية، وقد أكد الدكتور توماس على أن البيانات الصحية من أكثر المعلومات خصوصية، وحمايتها ليست خيارًا، بل ضرورة، ولهذا تستخدم وايل كورنيل للطب – قطر، ومؤسسات أخرى تقنيات مثل التشفير وإزالة الهوية الذي يمكّن الذكاء الاصطناعي من الاستفادة من البيانات دون إخراجها من أنظمتها الآمنة. وقال الدكتور توماس: "الهدف هو الموازنة بين أمرين أساسيين إطلاق إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحسين الصحة، وضمان بقاء بيانات كل مريض آمنة وخاصة."
وأشار الدكتور توماس إلى أن نظرتنا للذكاء الاصطناعي يجب أن تقترن بالوعي بحدوده وإمكاناته، فالاعتماد المفرط على الخوارزميات قد يقلل من قيمة الحكم البشري والتعاطف، وهما عنصران جوهريان في الطب. وأضاف: "ينبغي أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كشريك، لا كبديل، فإذا استخدمناه بحكمة، فبإمكانه أن يجعل الطب الدقيق أكثر ذكاءً ونفعاً للبشرية."
ويرى الدكتور توماس أن قطر تمثل بيئة مثالية لتجربة مثل هذه الحلول المبتكرة في الطب الدقيق، نظراً إلى قدراتها على الاستثمار في أبحاث طبية متقدمة وعالمية المستوى، وامتلاكها المرونة التي تفتقر إليها الكثير من الدول الكبرى، وأضاف: "مع التنوع السكاني في دولة قطر، ودعم الحكومة للقطاع الصحي، يمكن لها أن تكون حاضنة للتجارب الفعالة، ومن ثم تصدير الحلول الناجحة إلى باقي دول العالم".
واختتم الدكتور توماس حديثه بالتأكيد على أن أعظم وعود الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية لا تكمن في تسريع التشخيص أو بناء مستشفيات أكثر ذكاءً فقط، بل في إحداثه نقلة نوعية في مفهوم الصحة ذاته، وقال: "تخيلوا عالمًا لا يقتصر فيه الأمر على العيش لفترة أطول، بل بجودة حياة أفضل، الذكاء الاصطناعي قد يساعد على تصميم أسلوب حياة خاص بك، يحافظ على صحتك لوقت أطول، ويجنبك الحاجة إلى تدخلات طبية مستمرة".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.