المناطق الآمنة في سوريا خطوة نحو الحرب

تاريخ النشر: 17 مايو 2012 - 01:17 GMT
هل ستوفر المناطق الآمنة في سوريا الأمان لقاطنيها؟.
هل ستوفر المناطق الآمنة في سوريا الأمان لقاطنيها؟.

كتب آرون ديفيد ميلر، وهو باحث مرموق في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، مقالاً نشره موقع بلومبرغ الإلكتروني تحت عنوان «المناطق الآمنة في سوريا تعد خطوة خطيرة نحو الحرب»، استهله قائلاً إن ما يدعو إليه الخبراء والساسة من إقامة مناطق آمنة داخل سوريا لحماية اللاجئين والثوار يعد فكرة سيئة للغاية. إذ ينبغي على الرئيس أوباما، حال تأكده من أن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد باستخدام القوة يصب في مصلحة الولايات المتحدة، تشكيل تحالف للتحرك بسرعة وبطريقة حاسمة وفعالة وإلا يجب أن يتجنب أنصاف التدابير- مثل نظام المناطق الآمنة- التي قد تقود إلى التزام عسكري طويل الأجل دون تحقيق النتائج المرجوة.

ويشير الكاتب إلى أن الرغبة في القيام بشيء حيال الأزمة السورية أمر مفهوم ومبرر، لاسيما بعد فشل وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان وارتفاع حصيلة القتلى من كلا الجانبين. ويوجه كثيرون انتقادات لاذعة لكل من روسيا والصين لدعمها المتواصل للأسد، في حين يتهمون الولايات المتحدة بالعجز لعدم بذل المزيد من الجهود لإسقاط النظام السوري.

ولكن الرئيس أوباما محق تماماً في الحذر من التدخلات العسكرية غير المدروسة. وعادة ما يشير المؤيدون لفكرة المناطق الآمنة إلى كونها ستضم اللاجئين الفارين، بما سيزيل بعض الضغوط عن تركيا التي استقبلت حتى الآن أكثر من 25 ألف لاجئ؛ كما أنها قد تشكل مقراً للمعارضة السياسية؛ وستمكن القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكبرى الدول العربية من المساعدة في تدريب وتنظيم وتسليح المقاتلين التابعين للجيش السوري الحر. ويرى المؤيدون أن ذلك من شأنه أن يضيق الخناق على الأسد ويزعزع استقرار النظام ويعجل بسقوطه. ويرى الكاتب أن تحقيق كل ذلك مرهون بتوافر الظروف المواتية، منها موافقة المجتمع الدولي وصدور قرار من مجلس الأمن ومشاركة تركيا. كما يلزم وجود التزام عسكري مستمر لحماية المناطق الآمنة والممرات المؤدية إليها، وذلك بدوره يحتاج إلى دوريات جوية وبالتالي إلى تقويض الدفاعات الجوية السورية.

كما يعني أيضاً شن غارات جوية هجومية ضد قوات النظام السوري حال رد السوريين عسكرياً، وأخيراً تأمين الأسلحة الكيميائية والبيولوجية السورية لمنع استخدامها ضد قوات التحالف. ويرى الكاتب أن المناطق الآمنة ستكون مصدر إزعاج حقيقي، فقد تصعب حمايتها جواً مما سيتطلب نشر بعض القوات على الأرض. حيث إن إقامة المناطق الآمنة دون امتلاك وسائل حمايتها قد يسفر عن تكرار مأساة عام 1995 في البوسنة عندما لم تستطع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة حماية المدنيين داخل المناطق الآمنة. ويشير الكاتب إلى أن الظروف التي أحاطت بعملية إسقاط نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا مثل تحمس فرنسا وموافقة روسيا وصدور تفويض من مجلس الأمن، وافتقار القذافي إلى دفاعات جوية أو عسكرية قوية أو أسلحة دمار شامل لا تتوافر في سوريا. وعلاوة على ذلك، تراجعت الثقة في قدرة حلف شمال الأطلسي على تنفيذ مهمة مماثلة بعد التقرير الذي صدر عن المنظمة ويكشف قيام بعثة ليبيا على معلومات خاطئة، إلى جانب قلة المحللين والمخططين العسكريين.

ويرى الكاتب أنه يتعين على الولايات المتحدة اتباع نهج معتدل في سوريا من خلال مواصلة تصعيد الضغوط السياسية والاقتصادية ضد النظام. كما ينبغي أن يتوقف الأميركيون عن خداع أنفسهم، لأن إقامة المناطق الآمنة سيؤدى حتماً إلى مشاركة عسكرية كاملة في الأزمة السورية. ويشير الكاتب في نهاية المقال إلى أن لا ينبغي أن تدع الولايات المتحدة الشعور بالغضب والالتزام الأخلاقي أن يدفعها إلى تبني خطة على أمل التخلص من الأسد دون تكبد أي خسائر. 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن