يعاني مستثمرون عقاريون في دبي صعوبة إيجاد تمويل لمشاريعهم العقارية، ويبدو من السهل نسبيا الاتفاق مع مصرف ما على تمويل عقار قائم، إلا أن السعي لتمويل عقار على الخريطة أو قيد الإنشاء يبدو محفوفا بالمصاعب.
ويقول مشترون أنهم ''تورطوا'' في شراء عقارات في مشروع جديد طرحته شركة إعمار العقارية قبل شهرين وقاموا بسداد مبلغ الحجز والذي يراوح بين 5 – 10 في المائة من السعر الإجمالي ليفاجأوا بأن المصارف التي اتصلوا بها لترتيب عمليات التمويل ترفض إقراضهم.
وقال مشتر عربي مقيم في دبي إنه يسعى منذ أسابيع لتأمين قرض شراء منزل في مشروع فيلات ريم لشركة إعمار الذي من المقرر تسلّمه عام 2016 إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل. وقال ''دفعت مبلغ 70 ألف درهم كعربون حجز تعادل 5 في المائة من قيمة العقار ويجب أن اسدد 10 في المائة أخرى بنهاية الشهر المقبل، وإذا لم أجد من يمول فستذهب أموالي هباء لأنه لا يمكن استرجاع أي مبالغ دفعتها في حال تخلفي عن السداد''.
ويرى محللون أن من شأن عزوف البنوك عن تمويل العقارات قيد الإنشاء أن يضر بالسوق. إلا أن مسؤولا في قسم تمويل المنازل في بنك ''إتش إس بي سي'' قال لـ ''الاقتصادية'' إن البنك يطبق سياسة عدم تمويل المشاريع السكنية قيد الإنشاء منذ ستة أشهر.
وعادت دبي في الآونة الأخيرة بخطط عمرانية عملاقة بقيمة تناهز 40 مليار دولار مدفوعة بانتعاش اقتصادي وتعافي القطاع العقاري بعد الأزمة المالية العالمية. ولاقت المشاريع التي أطلقتها إعمار إقبالا كبيرا من الحالمين بامتلاك عقار في دبي لدرحة أن الأمر استدعى تدخل رجال الشرطة لتنظيم الجموع الغفيرة أمام مكاتب الشركة أثناء الاكتتاب على وحدات جديدة.
إلا أن مصارف كثيرة ترفض تمويل عقارات قيد التنفيذ في دبي وهو أمر يرجعه مراقبون إلى تعليمات من البنك المركزي على ما يبدو الذي أثار ضجة كبيرة مطلع العام أثناء نقاش حول وضع سقف للقروض العقارية ثم تراجع عنه لإقراره في وقت لاحق من هذا العام.
ويبدو أن بنك نور الإسلامي في دبي هو الوحيد الذي يوافق على تمويل عقارات قيد التنفيذ - ولكن ليست أي عقارات. وكان المصرف الذي تأسس قبل خمس سنوات فقط قد أعلن عن توفير التمويل العقاري لغير المقيمين في الإمارات ممن يرغبون في شراء منزل خاص بهم لقضاء إجازاتهم أو الاستثمار في قطاع العقارات في الإمارات حيث يغطي ذلك مجموعة مختارة من ''العقارات تحت التنفيذ''، ليكون بذلك أول بنك في الدولة يوفر مثل هذا النوع من التمويل.
وتوفر باقة التمويل العقاري من بنك نور الإسلامي، تمويلاً يغطي ما يصل إلى 85 في المائة من قيمة العقار حتى عشرة ملايين درهم ولفترة استحقاق تمتد حتى 30 عاماً كحد أقصى وبمعدل ربح مخفض يبدأ من 4.49 في المائة سنوياً.
وقال جون تشانج، رئيس قسم الخدمات المصرفية للأفراد في البنك ''منذ إطلاق باقة التمويل العقاري من بنك نور الإسلامي، شهد البنك إقبالاً كبيراً من قبل العملاء- مواطنين ومقيمين - على هذا المنتج الجذاب، وقمنا بتخفيض معدل الربح إلى 4.49 في المائة سنوياً بهدف اجتذاب المزيد من العملاء وبما يساعدهم على تحقيق وفورات تراكمية كبيرة على مدى فترة التمويل التي تمتد إلى 30 عاماً.
كما وسعنا نطاق خدمة التمويل العقاري لتشمل غير المقيمين ممن يرغبون في الاستثمار في القطاع العقاري بالدولة''. وأضاف ''باقة التمويل العقاري تتميز بكونها توفر حلاً تمويلياً شاملاً صمم خصيصاً لتلبية احتياجات العملاء الذين يبحثون عن منتجات تمويل تتيح لهم شراء مجموعة متنوعة من العقارات الجاهزة أو التي لا تزال تحت التنفيذ في الإمارات''.
وقال مصرفيون: إن سبب احتدام التنافس بين المصارف يعود إلى احتمال أن يقوم المصرف المركزي الإماراتي بفرض سقف أعلى للقروض العقارية في النصف الثاني من هذا العام.
وكان البنك المركزي قد أصدر نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2012، تعميما يقلص فيه من نسب تمويل المصارف لمساكن الأفراد للمواطنين والمقيمين على حد سواء، إذ وصلت نسبة التمويل إلى 70 في المائة للبيت الأول و60 في المائة للبيت الثاني بالنسبة للمواطن، و50 في المائة للبيت الأول و40 في المائة للبيت الثاني بالنسبة للوافد.
وأصدر البنك استبيان رأي للمصارف وشركات التمويل عن أهم مكونات النظام الذي ينوي إصداره، فيما توصّلت اللجنة الفنية في جمعية مصارف الإمارات، المكلفة بوضع مقترحات لنسب التمويل العقاري، إلى مقترح يقضي برفع الحد الأقصى لتمويل المنزل الأول للمواطن إلى 80 في المائة، وللوافد إلى 60 في المائة.
وتوفر مصارف حاليا قروضا للعقارات الجاهزة بنسبة 3.99 في المائة ثابتة لمدة ثلاث سنوات، أو 4.99 في المائة ثابتة لأربع سنوات، فيما عرض مصرف عجمان نسبة هي الأقل في السوق حيث بلغت 2.99 في المائة لأول سنة. وارتفعت أسعار المنازل في دبي أكثر من 9 في المائة في ثلاثة أشهر.
وأظهر مؤشر ''نايت فرانك'' لأسعار المنازل العالمية، الذي أصدرته شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك للربع الأول من العام أن دبي كان ثاني أفضل الأسواق أداء، من بين 55 سوقا تمت تغطيتها بين الربع الرابع من 2012 والربع الأول من 2013، بعد الصين، التي سجلت نموا بواقع 10.7في المائة.
في حين صنف المؤشر هونج كونج في صدارة الأسواق العقارية نموا خلال الأشهر الـ 12 الماضية، فيما بلغت زيادة الأسعار فيها خلال الربع الأول من العام 5.1 في المائة..
وقال المؤشر إن ارتفاع الأسعار بواقع 9.2 في المائة رفع نسبة الارتفاع السنوي للمنازل دبي إلى 21.2 في المائة مقارنة بالربع الأول من 2012. كما أشار المؤشر إلى أن أسعار سوق العقارات ارتفعت في المتوسط 18.9 في المائة منذ الربع الثالث من العام الماضي.
وبذلك تكون دبي تقدمت على أسواق عقارية عالمية كبرى من بينها تركيا (2.1 في المائة)، وروسيا ( 1.3)، وماليزيا (-2.6 في المائة) والمملكة المتحدة (0.1 في المائة).
وحلت المغرب في المركز 35، فيما جاءت المجر واليونان في ذيل القائمة في المركزين 54 و 55 على التوالي. وارتفع متوسط أسعار البيع للفيلات في دبي 47 في المائة حتى شهر مايو، فيما ارتفع متوسط أسعار الشقق 32 في المائة وفقا لبيانات شركة كلاتونز.
وراح مطورون من بينهم إعمار يعيدون إحياء طريقة جمع التمويل عن طريق بيع المنازل والشقق المخدمة قبل بنائها. وقالت شركات عقارية، مثل جونز لانج لاسال وكلاتونز إن ارتفاع الإيجارات وأسعار المنازل في دبي بلغ نحو 10 في المائة.