تستمر شركات التطوير العقاري في دبي بتنفيذ خطط البناء الموضوعة، رغم التوقعات بتراجع أسعار العقارات هذا العام.
وأكدت شركة “إعمار العقارية”، أنها لن تغير خططها رغم تراجع إيرادات المبيعات 28% إلى 7.51 مليار درهم (2.04 مليار دولار) نهاية التسعة أشهر الأولى 2015.
وذكر متحدث باسم الشركة، أن “إعمار” تسير وفق البرنامج في كل المشروعات التي بدأته، لافتاً إلى أن قيمة المشروعات قيد التنفيذ لديها نحو 24.1 مليار درهم في دولة الإمارات كلها.
وأضاف: “الاستفسارات عن المبيعات مستمرة على قوتها، بفضل اهتمام كبير من المستثمرين الإقليميين والدوليين.”
بدورها، أوضحت شركة “داماك العقارية”، أكبر شركات التطوير العقاري في دبي، أنها لم تعمل على إبطاء حركة البناء، وإن الطلب مازال ينتظر الوفاء به.
وقال متحدث باسم الشركة: “سيظل العرض قليل من الوحدات الجاهزة في السوق، بناءً على النمو الاقتصادي في دبي، وسيفوق الطلب العرض”.
تغييرات هيكلية
ويرى خبراء القطاع العقاري أنه رغم تراجع حجم المبيعات في الإمارة، فمن المنتظر أن يضمن إجراء تغييرات هيكلية في السوق، مثل تشديد القواعد التنظيمية وتراجع أعداد المضاربين، للشركات المطورة مواجهة الأزمة بسلام وألا يتكرر سيناريو 2008، بحسب وكالة “رويترز”.
وشهدت أسعار العقارات في دبي تقلبات خلال العشرة الأعوام الأخيرة أكثر مما شهدته مناطق أخرى.
وتقدر شركة “كلاتونز” للاستشارات العقارية، أن أسعار العقارات السكنية في الإمارة تراجعت 50% من الذروة التي بلغتها نهاية الربع الثالث 2008 إلى منتصف 2009، وسجلت تراجعاً آخر أوائل 2010.
وعاودت الأسعار ارتفاعها خلال 2011 في أعقاب تدفق أموال وأعداد الوافدين، لتقترب من ذروتها نهاية 2008، حيث لا يفصلها عنها سوى 18%.
وأفادت “كلاتونز”، أن الأسعار تراجعت مرة أخرى نهاية 2014 بين 3 و5% متوقعة هبوطاً مماثلاً هذا العام، فيما رجحت شركة “سي.بي.آر.إي” انخفاض الأسعار 10% خلال 2016، بعد أن تراجعت 15% العام الماضي.
ويبدو أن هذه التوقعات لم يكن لها تأثير يذكر على المطورين.
أصداء 2008
واعتبرت “سي.بي.آر.إي”، أن العوامل التي تدفع أسواق العقارات نفسية بقدر ما هي العرض والطلب، مشيرةً إلى انخفاض مبيعات الوحدات العقارية بدبي 19%، وهبوط قيمة المبيعات الإجمالية 24% خلال 2015.
ويردد هذا أصداء ما حدث خلال 2008 عندما أعلنت شركة “نخيل العقارية” في أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام، خططاً لبناء برج يبلغ ارتفاعه كيلومتر، أي ما يزيد بنحو 200 متر على ارتفاع “برج خليفة”.
وبعد قرابة العام سعت “نخيل” لإعادة جدولة ديون قيمتها نحو 11 مليار دولار، وشهدت أسعار العقارات هبوطاً حراً، واليوم توجد محطة لقطارات المترو بدبي، تحمل اسم المشروع الضخم، لكن البرج نفسه مازال فكرة لم تتحقق.
وضاعفت دبي رسوم الصفقات العقارية، وفرضت شروط إيداع أكثر تشدداً على المقترضين للأغراض العقارية، ورغم أن هذا كان له دوره في التراجع الحالي، فإن ما نتج من مشاكل عن هذه القيود قصيرة الأجل، ربما يقلل بنهاية المطاف التقلبات عبر تقليص المضاربات.
وقال الشريك ورئيس الأبحاث في “كلاتونز” فيصل دوراني: “إن هذا يمثل تغيراً كبيراً عن 2008، وديناميات السوق تختلف اختلافاً كبيراً هذه المرة، فالعوامل الأساسية أقوى بكثير”.
ويتنبأ معظم المحللين بأن استضافة دبي لمعرض “إكسبو 2020″، ستساهم في تحسن سوق العقارات السكنية خلال الاثنى عشر شهراً القادمة، كما تعد الاتجاهات السكانية مواتية أيضاً، إذ من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان المدينة ليصل إلى خمسة ملايين نسمة بحلول 2030.
تقلبات سعر الصرف
وتؤثر تقلبات أسعار الصرف على سوق العقارات، وتقول “سي.بي.آر.إي” إن الأجانب كانوا يمثلون أربعة أخماس القيمة الإجمالية للمشتريات العقارية في دبي العام الماضي، والهنود والبريطانيين والباكستانيين من بين أكبر المشترين الأجانب.
وارتفع الدولار بنحو الخمس مقابل اليورو والجنيه الاسترليني منذ منتصف 2014، وكذلك تراجعت الروبية الهندية، ما جعل عقارات دبي أغلى ثمناً للمشترين المحتملين من أصحاب هذه العملات، لكنه عوض أيضاً انخفاض قيم العقارات للملاك الحاليين، ممن ينتمون للأسواق التي تستخدم فيها هذه العملات.
وقال مدير المبيعات في شركة “لوكس هابيتات” للعقارات الفاخرة، الكسندر فون ساين فيتجينستاين: “من يريدون فعلاً البيع مستعدون لقبول أسعار أقل كثيراً، وربما يكون السعر الرسمي ثابتاً لكن عندما يقدم مشتر عرضاً أقل كثيراً، يكون البائع أكثر مرونة، وعلى الأرجح سيقبل سعراً لم يكن ليقبله قبل عام”.
أكثر الوجهات استقطاباً للمستثمرين العقاريين
بحسب مجلة “فوربس” الأميركية، تعد دبي واحدة من أكثر الوجهات استقطاباً للمستثمرين العقاريين على مستوى العالم، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن عقارات فاخرة تحقق لهم عوائد عالية.
وأوضح تقرير المجلة، أن المستثمرين العقاريين العالميين لا يزالون يفضلون كثيراً تركيز استثماراتهم في مشاريع العقارات السكنية الضخمة، لا سيما داخل المدن العالمية التي تتمتع بسوق عقارية نشطة وتعتبر وجهات رئيسية لهم، مثل دبي، ولندن، وهونغ كونغ، ونيويورك، وموناكو، وباريس، وفق صحيفة “الخليج”.
وأضافت “فوربس” أن السوق العقارية في معظم المدن العالمية لا يزال الأكثر تفضيلاً بالنسبة للمستثمرين العالميين، مشيرة إلى الأبحاث الصادرة مؤخراًعن مؤسسة الاستشارات العقارية العالمية “سافيلز” ومؤسسة “إكس ويلث” المتخصصة في الثروات، تؤكد نمو رغبة المستثمرين بالتوجه نحو قطاع العقارات.
تفوق دبي في عائد العقارات
كشف دليل العقارات العالمية، والذي يجمع ويحلل أداء أسعار العقارات في الاقتصادات الكبرى حول العالم، أن العائد على الاستثمار في دبي يصل إلى 7.21% مقابل 2.82% فقط في هونغ كونغ.
كما أظهر استطلاع أجرته بوابة “Juwai.com” الإلكترونية الصينية للسوق العقارية، خلال سبتمبر (أيلول) 2015، أن إقبال المشترين على عقارات دبي زاد 1200%، حيث بدأ المشترون الصينيون التحرك خارج المدن التقليدية في هونغ كونغ، وسنغافورة، ولندن، ونيويورك، ولوس أنجلوس، وسيدني، والاتجاه إلى دبي.
الاستثمار الأجنبي تخطى 74 مليار درهم
ووفق تقرير التصرفات العقارية الصادر عن قسم الدراسات والبحوث في “دائرة الأراضي والأملاك بدبي”، وصل إجمالي قيمة استثمارات عقارات دبي إلى نحو 134 مليار درهم (36.4 مليار دولار)، قام بها 56 ألف مستثمر حول العالم.
وأوضح التقرير، أن الاستثمارات الأجنبية تخطت حاجز 74 مليار درهم خلال 2015، من خلال 35 ألف مستثمر ينتمون لـ150 جنسية.
اقرأ أيضاً:
تراجع أسعار عقارات دبي 11% في 2015
عقارات دبي نحو الانتعاش في الفترة القادمة
دبي تتفوق على هونغ كونغ في عائد العقارات