قال خبراء واقتصاديون ان ايلاء الشأن الاقتصادي في خطاب جلالة الملك بافتتاح أعمال الدورة غير العادية لمجلس النواب السابع عشر دليل على رؤية جلالته الواضحة والثاقبة في استشراق المستقبل، مؤكدين اهمية مشاركة القطاع الخاص بذلك لما يشكله من دور بدفع عجلة النمو الاقتصادي بالاتجاه السليم بخاصة ان هذا القطاع اثبت فاعلية كبيرة في زيادة ايرادات الدولة وتحسين مستويات النمو والاستثمار.
واضافوا لـ «الدستور» ان الخطاب ركز على موضوعات متعددة اهمها ما يتعلق بحياة المواطنين كقانون حماية المستهلك والمالكين والمستأجرين، بالاضافة الى قوانين الاستثمار وما لها من دور في توفير فرص عمل امام الشباب وتقليل نسب الفقر والبطالة بحيث ينعكس ذلك ايجابا على واقع الاقتصاد المحلي وعجلة التنمية في كافة المجالات.
وشددوا على ضرورة ان تراعي هذه القوانين حاجات المواطنين بحيث يشمل كافة مناطق المملكة بخاصة التي تعاني من ارتفاع نسب الفقر بحيث يعزز ذلك من مبدأ اللامركزية مشيرين الى اهمية تفعيل عمل صندوق المحافظات لما يوفره هذا الصندوق من مشاريع ريادية لفئة الشباب.
الصمادي
وزير التخطيط والتعاون الدولي الاسبق د. تيسير الصمادي قال ان جلالة الملك بين رؤيته الواضحة والثاقبة في الشأن الاقتصادي كما هو الحال في الشأن السياسي، لافتا الى ان تركيز جلالته على الشراكة بين القطاعين العام والخاص واكتفاء القطاع العام بدور المراقب والمنظم سيدفع عجلة النمو الاقتصادي بالاتجاه السليم بخاصة أن القطاع الخاص اثبت فاعلية كبيرة في زيادة ايرادات الدولة وتحسين مستويات النمو والاستثمار.
وبين ان خطاب جلالته ركز على موضوع جذب الاستثمارات الخارجية، ايمانا منه بأهمية هذا الموضوع ودوره بتوفير فرص عمل امام الشباب وتقليل نسب الفقر والبطالة بما ينعكس ايجابا على واقع الاقتصاد المحلي وعجلة التنمية في كافة المجالات دون استثناء وبما يشمل كافة مناطق المملكة والتي تعاني من ارتفاع نسب الفقر بحيث يعزز ذلك من مبدأ اللامركزية وايضا تفعيل عمل صندوق المحافظات لما يوفره هذا الصندوق من مشاريع ريادية لفئة الشباب.
أما بالنسبة للتشريع الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة إن جلالته بين لمجلس الأمة والحكومة على حد سواء اهمية ايلاء القوانين الاقتصادية اولوية كبرى حيث قانون ضريبة الدخل يشكل عصب الحياة الاقتصادية ويؤثر على القطاع الخاص بالاضافة الى قانون المالكين والمستأجرين والذي شدد جلالته على اعادة النظر به بما يضمن عدم تغول طرف على اخر تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية.
وشدد على ضرورة عمل مجلس النواب والحكومة على ايجاد قانون استثمار عصري يعمل على تحقيق النمو الاقتصادي من خلال مواكبة المستجدات الاستثمارية في المنطقة وتعزيز دور القطاع الخاص في تنمية المجتمعات المحلية، بالاضافة لزيادة وعي المستثمر الاجنبي بمزايا الاستثمار في الاردن لحالة الاستقرار السياسي والاقتصادي الموجودة وما يشكله ذلك من ميزة نسبية قل نظيرها في كثير من الدول.
الكباريتي
و أكد رئيس غرفة تجارة الاردن، نائل الكباريتي، ان تركيز جلالة الملك في خطاب العرش السامي على توجيه الحكومة ومجلس الأمة لإقرار القوانين الناظمة للحياة الاقتصادية يدلل على مدى حرص جلالته على السير بالاصلاح الاقتصادي بشكل متواز مع الاصلاح السياسي.
وبين الكباريتي لـلدستور أن خطاب العرش جاء مختصرا وشاملا لجميع مفاصل الحياه السياسية والاقتصادية، حيث ان اقرار القوانين الناظمة للحياة الاقتصادية في المملكة سيعمل على جذب الاستثمار الخارجي وزيادة نسب النمو في المرحلة المقبلة.
وطالب الكباريتي النواب والاعيان والحكومة المقبلة بالعمل الجاد لتحقيق رؤية جلالة الملك في العمل على اقرار القوانين الاقتصادية بالشكل الذي يرضي القطاع الخاص الاردني، مشيرا الى ان القوانين التي طلب جلالته اعادة النظر فيها واقرارها من جديد ستشكل نقلة نوعية في الحياة الاقتصادية بخاصة قانون المالكين والمستأجرين بالإضافة الى قانون الضمان الاجتماعي وضريبة الدخل.
وأكد ثقة القطاع التجاري بالمرحلة المقبلة وقدرة الحكومات على تحقيق التنمية الاقتصادية وترجمة رؤى جلالة الملك لبرامج عملية تسهم بدفع مسيرة التنمية الاقتصادية ومعالجة كل المعوقات التي أدت الى تراجع تنافسية المملكة في التقارير الدولية وتحقيق معدلات نمو جيدة، مؤكدا ان القطاع التجاري سيكون سندا وداعما قويا لكل ما تقوم به من سياسات لخدمة المصلحة الوطنية.
حتاحت
وقال أيمن حتاحت رئيس مجلس ادارة غرفة صناعة الاردن ان جلالة الملك عبدالله الثاني وفي خطابه الذي افتتح به اعمال الدورة الاولى لمجلس الامة السابع عشر أمس قد رسم خريطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة تتضمن آليات تعزيز الاصلاحات التي شهدها الاردن مؤخرا في كافة المجالات بخاصة السياسية والاقتصادية منها وذلك بالبناء على ما تحقق من انجازات حتى الآن والعمل على تنفيذ حزمة أخرى من المتطلبات اللازمة لتسريع وتيرة الاصلاح وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وزيادة المقدرة على مواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية . واضاف حتاحت ان خطاب جلالة الملك اشتمل على مضامين في غاية الاهمية تعكس الحرص الكبير من لدن جلالته على شمولية الاصلاح والاسراع به وتوفير كافة الظروف للوصول الى حياة سياسية ناضجة تماما تساهم في ترسيخ مكانة الامة كمصدر للسلطات واقتصاد وطني قادر على تلبية الاحتياجات التنموية للمملكة ويدعم باقي الاصلاحات حيث ان التنمية الاقتصادية والسياسية تسيران في خطين متلازمين لاغنى لإحدهما عن الاخر. وقال حتاحت: رؤية جلالة الملك للمرحلة المقبلة واضحة وما على الحكومة ومجلس الامة بشقيه النواب والاعيان ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص الا وضع البرامج التنفيذية اللازمة وانجاز ما ورد في خطاب العرش في المجالين السياسي والاقتصادي وضرورة التعاون بين جميع هذه الاطراف لخدمة المصلحة العامة وعدم ابطاء الاصلاحات المطلوبة».
وقال: عملية الإصلاح الاقتصادي تحتاج الى اعادة النظر بجميع التشريعان الناظمة للنشاط الاقتصادي لتكون أكثر مناسبة للمرحلة وتزيل كافة المعوقات التي تواجه تطوير الاقتصاد وتحفيز البيئة الاستثمارية حيث وجه جلالته الحكومة والبرلمان والجهات ذات العلاقة الى ضرورة انجاز التشريعات اللازمة وبعضها مطروح للنقاش منذ فترة طويلة وتشكل هذه التشريعات التي أتى جلالته على ذكرها ركائز مهمة للارتقاء بالاداء الاقتصادي بخاصة مشاريع قوانين الكسب غير المشروع والتقاعد المدني وضريبة الدخل وقانون المالكين والمستأجرين بما يحقق العدالة بين الطرفين وحماية المستهلك والاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص والعمل والضمان الاجتماعي».
وأكد حتاحت أهمية العمل على استقرار التشريعات الاقتصادية حيث أن كثرة تعديلها واعادة النظر فيها يربك بيئة الاعمال الأمر الذي يتطلب مناقشة مشاريع القوانين المحالة الى البرلمان بترو وعدم الاستعجال فيها والاستماع الى وجهات نظر القطاع الخاص وجميع الاطراف ذات العلاقة للخروج بتشريعات تتواءم ومتطلبات المرحلة وتحقق العدالة وتخدم الاقتصاد الوطني بصورة أفضل .
وفي ذات السياق دعا حتاحت الى تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص بحيث تكون هناك شراكة حقيقية لا صورية كما يحدث أحيانا ما يحفز القطاع الخاص ويجعله دائما مبادرا رئيسا في الاستثمار وإيجاد فرص العمل.
وأبدى حتاحت مجدد استعداد غرفة صناعة الاردن وغرف الصناعة في المملكة باعتبارها بيوت خبرة ومتخصصة في الشأن الاقتصادي ودراسة التشريعات للتعاون مع مجلس النواب ورفده بالدراسات والمقترحات اللازمة حول مشاريع القوانين التي سيأتي على مناقشتها بخاصة التشريعات التي وردت في خطاب العرش وذلك استجابة لرؤية جلالته بضرورة التعاون بين جميع الفعاليات.
الحمصي
بدوره، أكد زياد الحمصي، رئيس غرفة صناعة عمان، أن هناك العديد من الملفات الاقتصادية الساخنة أمام مجلس النواب تنبه لها جلالة الملك في خطاب العرش السامي، والتي سيكون لها تأثير كبير على الوضع الاقتصادي الذي تمر به المملكة حاليا.
ولعل أولى تلك المهام دراسة متأنية لموازنة 2013 والتأكد من التزام الحكومة بتنفيذ المشاريع الواردة في هذه الموازنة ووجود رقابة حقيقية على ذلك لضمان عدم وجود انفاق غير مبرر.
وكذلك هناك عدد من القوانين المهمة ذات التأثير الكبير على الأمن المعيشي للمواطنين مثل قوانين الضمان الاجتماعي والمالكين والمستأجرين وتشجيع الاستثمار وحماية المستهلك، حيث يجب على مجلس النواب اجراء حوار شامل مع كافة الجهات ذات العلاقة بهذه القوانين لإخراجها بصورة ترضي جميع الأطراف.
وقال الحمصي أنه يأمل من اللجان التي ستنبثق عن المجلس الى الحوار والاستماع الى رأي ممثلي القطاع الخاص والصناعي مؤكدا ان هذا هو احد المرتكزات التي تقوم عليها مناقشات اللجان النيابية المختصة لمشاريع القوانين ذات الصبغة الاقتصادية مطالبا باستحداث منهجية جديدة في التعامل مع القضايا الاقتصادية.
ودعا الحمصي المجلس المقبل الى دراسة كافة الخيارات أمام الحكومة قبل الاقدام على رفع التعرفة الكهربائية التي ستشكل عبئا كبيرا على المواطنين والصناعة الأردنية التي تعاني أساسا من منافسة شديدة، وتحتاج الى مزايا خاصة لتعزيز فرص تواجدها في الاسواق المحلية والخارجية في ظل ارتفاع كلف الطاقة التي تشكل ما يتراوح بين 10% - 30% من اجمالي كلفة الانتاج، حيث سيكون هذا القطاع الاكثر تضرراً في حالة رفع أسعار التعرفة الكهربائية، خصوصا أن الصناعة هي المستهلك الأكبر في قطاع الطاقـة الأردني حيث تبلغ نسبة الاستهلاك 27% من اجمالي الاستهـلاك فـي الأردن، والصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل 90% من صناعاتنا هي الأكثر معاناة من أي ارتفاع في اسعار الطاقة والكهرباء لقدرتها المحدودة على ايجاد مصادر للتمويل.
كرمول
رئيس جمعية المستثمرين الخبير الاقتصادي د. اكرم كرمول قال ان حديث جلالته امام مجلس النواب السابع عشر عن الشأن الاقتصادي مهم باعتبار ان ذلك هم وطني وعلى كافة الاطياف الحكومية «التشريعية والتنفيذية» ان تتعاون وتتضافر لإيجاد حلول لتلك المشاكل بما ينعكس ايجابا على الواقع الاقتصادي و المواطنين. واضاف ان امام المجلس الحالي حزمة من القوانين والتي يجب النظر بها اهمها قوانين في الاستثمار والاستهلاك وما يتعلق بالميزانية والصادرات، لافتا الى ان على المجلس الحالي عدم الاقتصار على النظر بالبيئة التشريعة لتلك القوانين بل ان عليهم دورا مهما في التشاور مع السلطة التنفيذية بتطبيق تلك القوانين بالتساوي على الجميع خاصة ان كثيرا من النواب يتحدثون باسم قواعد شعبة واسعة اسهمت بوصولهم الى قبة البرلمان. وبين اهمية ان تراعي تلك القوانين بخاصة ما يتعلق بالاستثمار التناغم بين حاجات المملكة في الداخل والخارج بحيث تكون بيئة جاذبة للاستثمارات العربية والاجنبية في ظل الظروف الحالية التي تشهدها الدول العربية وحالة الاستقرار والامن التي تعيشها المملكة ودورها في جذب الاستثمارات وان تكون حاضنة لها، لافتا الى اهمية التشارك ما بين القطاعين العام والخاص، بحيث يؤسس ذلك لحالة اقتصادية جديدة تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي الموجود وبما ينعكس ايجابا على المواطن وعلى الاقتصاد الوطني ايجابا.
مرجي
وقال الخبير الاقتصادي د. مازن مرجي ان الخطاب الملكي حمل مضامين اساسية في الشأن الاقتصادي ابرزها قوانين المالكين والمستأجرين وحماية المستهلك وتشجيع الاستثمار، بالاضافة الى التركيز على صندوق تنمية المحافظات لدوره المهم في المرحلة المقبلة والمتمثلة باقامة مشاريع خاصة مدرة للدخل وموفرة لفرص العمل، لافتا الى اهمية توفير القروض والتي تساهم في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبما يسهم في التقليل من مشكلتي الفقر والبطالة ومعالجة الاختلالات الموجودة حاليا نتيجة زيادة قوة العمل بين فئة الشباب القادرين على العمل والعطاء.
واضاف ان جلالة الملك شدد في خطاباته المختلفة على اهمية تنسيق عمل الصندوق، لافتا الى ان على الحكومة بالتنسيق مع مجلس النواب الحالي دراسة المشاريع المتعلقة بالمحافظات بما يتناسب وطبيعة كل محافظة والميزة النسبية لها، بحيث لا يقتصر الدعم على المدن بل يتعداها الى الارياف والبوادي وان يشكل ذلك رافعة في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر والبطالة وتفعيل النشاط الاقتصادي في مناطق اخرى خارج العاصمة، بحيث يكون لها اثر ايجابي في تخفيض الضغظ على العاصمة وتشجيع توطين النشاط الاقتصادي في مناطق اخرى.
وبين ان تركيز جلالته المتكرر على هذه القوانين دليل على اهمية الانتقال من الواقع الاقتصادي الحالي الى واقع اقتصادي اخر يشعر فيه المواطنون بفائدة نسبية وملموسة وبأن هنالك تغيرا حقيقيا في الاوضاع الاقتصادية نحو الافضل وهو ما يسمى بالالتفات الى الواقع الاقتصادي ومحاولة تجاوز الصعاب مع تحقيق فائدة مباشرة تنعكس ايجابا على المواطنين وعلى واقع الاقتصاد المحلي.
وشدد على ضرورة ان يقوم مجلس النواب الحالي بالتقاط الاشارات الملكية وان يسهم بإيجاد حلول ناجعة للحالة الاقتصادية الحالية والتي من شأنها المساهمة في معالجة المشاكل الاخرى، لافتا الى ان صلاح الوضع الاقتصادي من شأنه صلاح الوضع العام في كافة المجالات والقطاعات.
يشار الى ان جلالة الملك اكد في خطاب العرش السامي امس الاول امام مجلس النواب السابع عشر على اهمية عمل الحكومات على تنمية المحافظات، بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، لتحفيز طاقات المجتمعات المحلية من خلال استكمال مشروع اللامركزية الذي يكمل مسيرة الديمقراطية ويطورها، ويرتقي بآليات اتخاذ القرار ويضمن أعلى درجات المشاركة الشعبية في صناعة القرارات المحلية بما يؤدي إلى توزيع أكثر عدالة لمكتسبات التنمية من خلال صندوق تنمية المحافظات والذي يقوم بدور مساند في تنفيذ هذه التوجهات.
وشدد جلالته على ضرورة اجراء التعديلات اللازمة على التشريعات التي تأثرت بالتعديلات الدستورية، لضمان توافقها مع الدستور، مشيرا جلالته إلى مجموعة من التشريعات، التي تحتاج الى إنجازها بشكل يستجيب لطموحات المواطنين، وأهمها: مشاريع قوانين الكسب غير المشروع، والتقاعد المدني، وضريبة الدخل، وقانون المالكين والمستأجرين بما يحقق العدالة بين الطرفين، وحماية المستهلك، والاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والعمل والضمان الاجتماعي.

لا بد من ضرورة عمل مجلس النواب والحكومة على ايجاد قانون استثمار عصري يعمل على تحقيق النمو الاقتصادي