التجارة العالمية: مكافحة غسل الأموال لا تمر عبر فرض رسوم عقابية

تاريخ النشر: 13 يوليو 2016 - 07:24 GMT
مكافحة غسل الأموال تمر عبر فرض رسوم عالية على البضائع التجارية
مكافحة غسل الأموال تمر عبر فرض رسوم عالية على البضائع التجارية

برأي كولومبيا أن مكافحة غسل الأموال تمر عبر فرض رسوم عالية على البضائع التجارية. منظمة التجارة لا ترى ذلك، بل تعده انتهاكا لقوانينها.

على هذا الأساس، كسبت بنما حكما ضد فرض جارتها كولومبيا تعريفات جمركية مرتفعة على وارداتها من المنسوجات والملابس والأحذية البنمية كوسيلة للتصدي لغسل أموال مزعوم تمارسه الدولة التي تربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

وأيدت هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة (تعد بمنزلة المحكمة العليا في المنظمة) حكما سابقا بهذا الشأن أصدرته هيئة من ثلاثة قضاة (بمنزلة محكمة أدنى)، قائلة، إن التعريفات الجمركية التي تفرضها كولومبيا على وارداتها من بنما بدافع مكافحة غسل الأموال "ليست ضرورية لمكافحة غسل الأموال" أو لضمان الامتثال لقوانين مكافحة غسل الأموال في البلاد، علاوة على ذلك، فهي أعلى ما تسمح به قواعد المنظمة.

وبالنتيجة، اعتبرت الهيئة أن كولومبيا "انتهكت أحكام التجارة الدولية" بفرضها رسوما تجارية على المنسوجات، والأجهزة، والأحذية بهدف تقليص نشاطات غسل الأموال.

ودافعت كولومبيا بأن السلع المستوردة تشكل "تجارة غير مشروعة" لأنه تم توريدها بأسعار منخفضة بشكل مصطنع لأغراض تتعلق بغسل الأموال وذلك بإضفاء شرعية لأموال تدفع إلى بنما، وهذا ما يبرر استعمالها لتعريفة جمركية أعلى ما تسمح به اتفاقيتها مع منظمة التجارة العالمية بهدف إحباط مثل هذه الممارسات، والتصدي لمشكلة غسل الأموال.

وقالت بوغوتا على وجه التحديد، إن الواردات المتأثرة هي نتاج تجارة غير مشروعة، تم نقلها عبر الحدود بأسعار منخفضة بشكل مصطنع كجزء من مخطط لغسل الأموال الذي، بدوره، يساعد على تغذية الاتجار بالمخدرات والصراعات المسلحة في البلاد، ما دفعها للاستناد إلى فقرة في اتفاقية (جات) لعام 1994 تسمح بـ "فرض إجراءات ضرورية في التجارة لحماية الأخلاق والآداب العامة".

وعموما، تضع الإجراءات الضرورية في التجارة لحماية الأخلاق العامة مجموعة من الرؤى التي قد تسمح لأعضاء المنظمة سن تدابير معينة يمكن أن تكون بخلاف ذلك غير مشروعة بموجب قواعد التجارة الدولية، ما دامت هذه تستخدم للوفاء بأهداف عليا معينة تتعلق بالسياسة العامة للبلاد. وتشمل هذه الأخلاق والآداب العامة، والامتثال للقوانين المحلية واللوائح التي لا تنتهك اتفاقية الجات.

ورفضت هيئة الاستئناف دفوع كولومبيا بأن تعريفاتها مسموح بها لحماية الآداب العامة، وضمان الامتثال لقوانين مكافحة غسل الأموال المحلية، على الرغم من أن المحكمة الأدنى كانت قد قبلت، مع حدٍ ما من التحفظ، هاتين الحجتين. وقالت هيئة الاستئناف إن كولومبيا لم تظهر كيف أن تعريفاتها الجمركية هذه تلبي المستلزمات الضرورية لهذين العنصرين، حسب ما أوضح لـ "الاقتصادية" عضو الوفد التجاري البنمي لدى المنظمة، خورج كوراليس هيدالجو.

وقال، هيدالجو، إن منظمة التجارة لم تجد أن التعريفة المركبة كانت "بهدف" أو "لازمة" للحفاظ على الأخلاق العامة، أو لمكافحة غسل الأموال، أو لضمان الامتثال للقوانين المحلية، علاوة على أن التعريفات الكولومبية المركبة تنتهك المادة الثانية من الاتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية (الجات)، وحتى جدولة السلع التجارية لكولومبيا ذاتها.

من جانبه قال لـ "الاقتصادية" عضو البعثة التجارية الكولومبية، كارلوس ألفريديو سوشا، إن البعثة تقوم حاليا بتحليل حكم هيئة الاستئناف بغية تنفيذه، دون إنهاء سياسة الحكومة في منع وإنهاء الجريمة.

ورفعت بنما هذه القضية أمام منظمة التجارة في عام 2013، وسبق ذلك أن قدمت شكويين ضد جارتها. قامت كولومبيا بتسوية النزاع الأول خارج إطار المحكمة عام 2006، وفازت بنما في النزاع الثاني في 2009.

وطبيعة التقاضي في هيئة الاستئناف أنها تنظر إلى الإجراء موضع الخلاف هل يتطابق مع قوانين المنظمة أم لا. وختمت الهيئة حكمها بالعبارة الشهيرة التي تستخدمها مع أغلب أحكامها القضائية بحث كولومبيا "أن تجعل إجراءاتها متطابقة مع التزاماتها التجارية الدولية".

وأطلقت كولومبيا استئنافا في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2015 عندما رفض فريق من ثلاثة قضاة حجتها بفرض الرسوم العالية لأسباب تتعلق بغسل الأموال ودعمت شكوى بنما بأن المجمع النهائي للتعريفات الجمركية الكولومبية يتألف من نسبة 10 في المائة ثابتة إضافة إلى عنصر متغير يتفاوت وفقا لسعر الاستيراد وتصنيفات الجمارك يمكن بموجبه أن تصل التعريفات بسهولة إلى نسبة 35 ـ 40 في المائة، وهي بهذا تتجاوز المعدلات القصوى المثبتة في جداول التزامات كولومبيا للتعريفات الجمركية أمام منظمة التجارة.

وحكم الاستئناف هذا هو نهائي (غير مسموح لطعون أخرى). وفي إطار ممارسات تسوية النزاع أمام منظمة التجارة، إذا تعذر تحقيق الامتثال الفوري لتطبيق حكم للمنظمة، يتم تأسيس فترة معقولة من الوقت لتطبيق تدابير قانونية (في إطار قوانين منظمة التجارة) بما يتطابق مع قواعد التجارة العالمية.

وإذا اختلف الطرفان لاحقا حول ما إذا كانت كولومبيا (في مثل هذه الحالة) قد امتثلت لتوصيات وقرارات حكم منظمة التجارة، فإن قوانين المنظمة تسمح بإجراء مراجعة تتعلق بالامتثال، من بين إجراءات أخرى.

اقرأ أيضاً: 

اتحاد المصارف العربية يطالب باستراتيجية موحدة لمكافحة غسل الأموال

تومسون رويترز تنظم الملتقى السنوي الثامن للامتثال ومكافحة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية