باحثون من وايل كورنيل للطب قطر يربطون بين تحوّرات الصبغيات المؤثرة في بروتينات الدم وعدد من الأمراض الشائعة

قام باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر باستقصاء العلاقة بين التحوّرات الطبيعية للصّبغيات (الكروموسومات) البشرية، وهي العملية المسمّاة مَيْثَلة الحمض النووي، وتأثير ما سبق في البروتينات الموجودة في مجرى الدم. وألقت الدراسة الاستقصائية المهمة المزيد من الضوء على مسببات عدد من الأمراض والاضطرابات الشائعة. ومن المؤمل أن يسهم ما توصل إليه باحثو الكلية في تحقيق فهم أدق للأمراض المعقدة المنطوية على التهاب مزمن، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والسمنة والتهاب المفاصل الرثياني.
وقام فريق باحثين برئاسة الدكتور كارستن زوري، أستاذ الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية في وايل كورنيل للطب - قطر، بتحليل البيانات المتأتية من عينات دم أُخذت من أكثر من 1300 شخص من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. وعكف باحثو الكلية على دراسة دور عملية مَيْثَلة الحمض النووي، المتمثلة في تحوّرات كيميائية طبيعية المنشأ لصبغيات الخلية، في تنظيم الجينات المهمة عبر استقصاء البروتينات التي تنتجها تلك الجينات. وتوصف الميْثَلة بأنها عملية تفعيل أو تعطيل الجينة، وبتعبير آخر فإن مَيْثَلة جينة ما تحدد في ما إذا كانت تلك الجينة ستفرز بروتيناً معيناً أم لا. وفي العادة تتغير هذه العملية استجابة لمرض ما أو عوامل إجهاد أخرى تؤثر في جسم الإنسان، وعليه يمكن أن يسترشد العلماء بمَيْثَلة الحمض النووي لمعرفة الجينات المتأثرة بمرض معيّن.
وبعد دراسة 450.000 موضع من مواضع الميْثَلة موزعة على جميع الصّبغيات البشرية، وفي الوقت نفسه قياس 1100 بروتين في عينات دم أُخذت من 1300 شخص، 350 منهم من قطر، تمكّن فريق الباحثين من قياس احتمال تأثير عملية مَيْثَلة جينة معينة في إفراز بروتين محدد. وبمجرد إقصاء العوامل المشتركة المتحكمة في مَيْثَلة الحمض النووي، مثل السن والجنس، تمكّن الباحثون من تحديد 98 علاقة ترابطية مباشرة بين مَيْثَلة جينة معينة وبروتين محدد. وفي المرحلة اللاحقة من الدراسة استعان باحثو الكلية بهذه المعلومات للتساؤل في ما إذا كانت ثمة علاقات ترابطية إضافية بين ظهور أعراض مرض ما وبروتينات محددة من شأنها أن تربط بين أمراض عدة والجينات ذات الصلة في نهاية المطاف.
ونشر فريق الباحثين الدراسة في الدورية العالمية المرموقة Nature Communications بعنوان "التقاء علم الوراثة فوق الجينية وعلم البروتيوميات في دراسة ترابطية على نطاق الإبيجنوم بشأن سمات بروتينات بلازما الدم" https://www.nature.com/articles/s41467-019-13831-w
وعن أهمية الدراسة المنشورة، قال الدكتور زوري: " أرست دراستنا أساساً لتطوير عقاقير دوائية جديدة من منطلق أنها تربط بين البروتينات المستهدَفة بالأدوية من جهة، وعمليات بيولوجية أساسية والمصابين بأمراض ناجمة عن خلل ما في تلك العمليات من جهة ثانية".
وتولت الدكتورة شذى زغلول، المؤلف الأول للورقة البحثية ومديرة بحوث المعلوماتية الحيوية في الكلية، مسؤولية أغلب أعمال الحوسبة المتعلقة بالدراسة، وقد أعربت عن سعادتها بإمكانية أن تقود الدراسة إلى تطوير أدوية جديدة لأمراض معينة قائلة: "عملية الاستعانة بمهارات حوسبة بالغة التعقيد لتحديد العلاقة الترابطية بين مجموعات بيانات جينية وبروتينية ضخمة ومعلومات عن الأمراض مستمدة من مئات الأفراد أشبه ما تكون بعملية البحث عن إبرة في كومة قش، ولكنها في الوقت نفسه عملية مجزية إلى أبعد حد إذا ما عرفنا أن نتائجها قد تسهم في نهاية الأمر في تطوير عقاقير دوائية جديدة".
وأشاد الدكتور خالد مشاقة، عميد مشارك أول للبحوث والابتكارات والتداول التجاري في وايل كورنيل للطب - قطر، بالدعم المقدم من مؤسسة قطر لإنجاز هذه الدراسة قائلاً: "هذه الدراسة المهمة متعددة التخصصات التي قادها بشكل كامل فريق باحثين في قطر ما كانت لتُنجز لولا الدعم القائم على رؤية استشرافية المقدّم من مؤسسة قطر إلى وايل كورنيل للطب - قطر ومختبراتها المتخصصة في علوم الجينوم والبروتيوم والمعلومات الحيوية التي تولت مهمة توليد معظم البيانات وتحليلها".
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.