قال محللون ودبلوماسيون إن العاهل السعودي الملك عبد الله سيحث الرئيس الامريكي باراك أوباما في واشنطن هذا الاسبوع على اتخاذ موقف أشد من اسرائيل بسبب توقف محادثات السلام مع الفلسطينيين.
وسيجتمع العاهل السعودي مع أوباما يوم الثلاثاء عقب حضور قمة مجموعة العشرين في كندا.
ويقول السعوديون ان أوباما لم يمارس ضغطا كافيا على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو كي يفرض تجميدا كاملا للاستيطان اليهودي في المناطق الفلسطينية المحتلة. ويشكل ذلك عقبة في طريق استئناف محادثات السلام. ويلتقي نتنياهو مع أوباما في السادس من يوليو تموز.
وقال خالد المعينا رئيس تحرير صحيفة اراب نيوز اليومية وهو عضو في وفد الملك عبد الله "يريد الملك الحصول من أوباما على الضمانات بأنه سيحل قضية (السلام في الشرق الاوسط)."
وفي خطبة شهيرة ألقاها في القاهرة العام الماضي تعهد أوباما بفتح صفحة جديدة مع العالم الاسلامي بعد تضرر صورة الولايات المتحدة بسبب غزو العراق وأفغانستان والدعم الشديد لاسرائيل في صراعها مع الفلسطينيين.
وأعرب المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل عن اعتقاده بأن الوقت قد حان للسعوديين ولكل العرب أن يقولوا للولايات المتحدة أن الوضع لا يمكن أن يستمر الى الابد في سياق "ما يسمى عملية السلام".
وفي العام الماضي أحيى أوباما طلبا أمريكيا قديما بأن تقدم السعودية مبادرات باتجاه تطبيع العلاقات مع اسرائيل ليكون ذلك حافزا كي تتخذ اسرائيل مبادرات باتجاه اقامة دولة فلسطينية.
ولكن السعودية قالت انه ليس بمقدورها تقديم تنازلات خارج مشروع السلام العربي الذي تقدم به الملك عبد الله عام 2002 والذي يعرض على اسرائيل اعترافا في مقابل اعادة الاراضي المحتلة والسماح بقيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.
وقال جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "ما زال هناك رأي سعودي مفاده أنه اذا ضغطت الولايات المتحدة على الاسرائيليين فان هذا هو ما يلزم من أجل ابرام اتفاق سلام."
ولكن ظهور تركيا - كبطل بالنسبة للفلسطينيين وخوضها مشاحنة سياسية مع اسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة في ديسمبر كانون الاول 2008 وحصارها للقطاع - شكل ضغطا على الزعماء العرب كي يبذلوا المزيد من الجهد.
وقال المحلل غانم نسيبة "السعوديون غير سعداء بهذا."
وسهلت مصر عبور السلع عبر حدودها الى قطاع غزة بعدما هاجمت القوات الاسرائيلية قافلة معونة كانت تعتزم كسر حصار اسرائيل لغزة مما أسفر عن مقتل تسعة نشطاء أتراك.
وتابع حلفاء الرياض الغربيون بقلق تقارب تركيا مع ايران. فقد توسطت تركيا مع البرازيل لدى ايران كي يتم توقيع اتفاق بشأن تخصيب اليورانيوم في مسعى لم يكلل بالنجاح لمنع اقرار عقوبات اضافية.
ويوجد توتر بين الرياض وطهران بسبب دورها الاقليمي بعد وصول الشيعة للحكم في العراق عقب حرب عام 2003.
وتخشى الرياض من احتمال حصول ايران على سلاح نووي واشتكى العاهل السعودي الملك عبد الله علنا بشأن حشد طهران للمتشددين العرب حول القضية الفلسطينية.
ويقول دبلوماسيون ومحللون ان الشأن الايراني سيكون من أهم الموضوعات المطروحة على جدول أعمال المحادثات في واشنطن.
وتقول الرياض انها لا تريد نشوب صراع اقليمي بسبب البرنامج النووي الايراني. ولم تستبعد الولايات المتحدة ولا اسرائيل اتخاذ عمل عسكري من أجل وقف ايران التي تقول انها لا تهدف من وراء برنامجها النووي الا لتوليد الكهرباء.
وقال الدخيل ان السعوديين لا يفضلون العمل العسكري لانهم يدركون مدى الدمار الذي سيخلفه ذلك.
ويرى محللون ان زيادة مبيعات النفط السعودي للصين جعل من السهل على بكين أن تدعم العقوبات على ايران. وكثيرا ما يطلب الزعماء العرب تحركا أمريكيا في الجبهة الفلسطينية مقابل الدعم في قضايا أخرى.
وقال سايمون هندرسون من معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان أوباما ربما يحاول اقناع السعوديين بزيادة انتاج النفط بغرض خفض الاسعار لكي يتسنى تشجيع التعافي العالمي. واذا ما تراجع سعر النفط فسيؤثر ذلك أيضا على عوائده بالنسبة لايران.
واعتمدت الولايات المتحدة في السابق على السعودية في لعب دور معتدل في أوبك ضد الاطراف التي تنزع لزيادة الاسعار. ولكن قدرة اوبك والسعودية على التحكم في الاسعار لم تعد كما كانت من قبل.
وفيما يلي بعض المعلومات بشأن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. والنفط مركز العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي تربط بين الرياض وحليفتها واشنطن.
-تحالف استراتيجي:
منذ أسس الملك عبد العزيز بن سعود المملكة العربية السعودية عام 1923 أنشأت المملكة علاقات مع واشنطن تعود الى امتياز للتنقيب عن النفط منحه الملك عبد العزيز لشركة أمريكية عام 1933.
وكانت أول رحلة خارجية يقوم بها الملك للقاء الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت على متن مدمرة أمريكية في قناة السويس عام 1945.
واعتمدت الولايات المتحدة على السعودية في لعب دور دافع للاعتدال داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) من خلال التصدي لمطالب من دول مثل ايران وفنزويلا برفع أسعار النفط أو استخدامه كسلاح سياسي للضغط على الغرب.
لكن التحالف الاستراتيجي بين البلدين تعرض لاختبار قاس بهجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة التي قام بها خاطفو طائرات معظمهم سعوديون موالون لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وهو سعودي أيضا.
واتخذ العديد من المسؤولين الامريكيين في ذلك الوقت خطا عدائيا وقالوا ان افتقار السعودية للحرية السياسية وولاءها للفكر الوهابي جعلاها مرتعا خصبا للمتشددين.
وتحسنت العلاقة بين البلدين بعد أن شنت الاسرة المالكة السعودية الحليفة لمؤسسة دينية متصلبة حملة على المتشددين الذين هاجموا أهدافا سعودية وغربية. وقامت الرياض بمراجعة نظامها التعليمي وفصلت المئات من رجال الدين لبثهم كراهية الغرب وبدأت برامج لاعادة تأهيل المتشددين.
كما بدأ الملك عبد الله أيضا حوارا بين الاديان مع المسيحيين واليهود ليظهر وجها أكثر تسامحا للسعودية التي ترى انها حصن المذهب السني.
-موضوعات سياسية:
في عام 2002 عرض الملك عبد الله خطة سلام عربية اسرائيلية تعرض على اسرائيل علاقات طبيعية مع العالم العربي مقابل اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية والاتفاق على حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
وتريد السعودية من أوباما أن يلعب دورا نشطا في الوساطة والضغط على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو كي يقدم تنازلات من أجل تحقيق السلام مع الفلسطينيين.
وحاولت الرياض احتواء قوة ايران الشيعية غير العربية. وتخشى السعودية أن يؤدي اتفاق بين الولايات المتحدة وايران أو مواصلة الاخيرة لنشاطها النووي الذي يشتبه الغرب في أن له أهدافا عسكرية الى الاضرار بمصالحها.
كما تخشى المملكة السنية أيضا حدوث خلل في التوازن الاقليمي بعد الاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003 ونظامه السني وحلول الهيمنة الشيعية.
-التجارة:
ظلت المملكة تشتري السلاح والبضائع الامريكية لعقود من الزمن لكنها عززت من علاقاتها التجارية مؤخرا مع اليابان والصين والدول الاوروبية. وتظل الولايات المتحدة الشريك التجاري الاكبر للسعودية لكن حصتها في الواردات الى السعودية انخفضت من 19.7 بالمئة عام 2000 الى 14.23 في المئة عام 2009.
وظفرت شركات اسيوية بتعاقدات في اطار خطة الاستثمار السعودية التي يبلغ حجمها 400 مليار دولار للتنويع في الاقتصاد السعودي الذي يهيمن عليه النفط. وحققت شركة (اي.أيه.دي.اس) الاوروبية العام الماضي اتفاقا ضخما للامن الحدودي. وقال دبلوماسيون ان وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس لم يوقع أي اتفاقات كبيرة خلال زيارتيه الاخيرتين.
وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي في الرياض "لا شك أن المنتجات الامريكية تفقد حصة من السوق بالاساس لصالح المنافسين الاسيويين والاوروبيين لكن العلاقات التجارية لا يمكن فصلها في الاهمية عن المظلة الجيوسياسية العامة التي تظلل العلاقات بين الدولتين."