أصدرت الحكومة الأردنية بيانًا يوم الخميس الماضي تنفي فيه بشدة وقوع أي إطلاق للنار بين الجهتين الأردنية والسورية. غير أن سكان المناطق الحدودية لا يفتأون يؤكدون حدوث إطلاق للعيارات النارية بشكل مستمر كل ليلة وتحت سمعهم وبصرهم أيضا.
أمضينا ليلة الجمعة الماضية في بلدة الطرة والتي تقع مباشرة على الحدود الأردنية السورية لنتحقق مما يحدث على أرض الواقع.
على الرغم من أنناوصلنا في وقت متأخر من الليل؛ إلا أن البلدة كانت تعج بالحياة فنتائج التوجيهي كانت قد أعلنت قبل ساعات قليلة، لكن سكان البلدة لم يخرجوا للاحتفال، ذلك أن أصوات الألعاب النارية اختلطت مع أصوات أخرى في الخلفية وهي أصوات المعارك التي تدور بالأسلحة النارية على بعد مئات الأمتار من بلدة تل شهاب.
وبحسب الناطق الرسمي للحكومة الاردنية السيد سامح المعايطة؛ فإن أي إطلاق للنار يتم سماعه هو نتيجة لاستهداف الجيش السوري لللاجئين الذين يحاولون الفرار من منطقة النزاع إلى الأردن.
ولكن أثناء جلوسنا في منزل الدكتور عمر، والذي يقع بالقرب من الحدود فإنه كان بإمكاننا تمييز صوتين مختلفين للرصاص حيث كان أفراد العائلة يقومون بإسكاتنا كي نتمكن من سماع الفرق جيدا بين الصوت العالي لإطلاق الذخيرة السورية وصوت اطلاق الذخيرة الاردنية المنخفض. أكدت لنا العائلة بأن هذه الطلقات النارية ليست بمتبادلة بين الجيش السوري الحر والجيش السوري النظامي بل بين الجيش السوري والأردني.
وفي الخلفية؛ كان بإمكاننا أن نرى أضواء حمراء تشعل السماء الدامسة لوهلة ومن ثم تظلم السماء قبل تكرار الكرة مجددا. وعلى حد قول الدكتور عمر وصديقه أبي نبيل فإن الجنود الأردنيين يطلقون النار للدفاع عن النفس ولتوفير غطاء للاجئين السوريين لتمكينهم من الهرب.
وقبل أن تسنح لنا الفرصة لتوجيه أسئلة أخرى إليهما؛ مرت أمامنا شاحنة بيضاء تنوء بحملها من الجنود الأردنيين المتجهين إلى طريق ذي وجهة واحدة فقط وهو طريق الحدود السورية.
ووفقًا للدكتور عمر؛ فإن هذه التعزيزات لن تكون ضرورية إلا في حال حدوث اشتباكات حقيقية.
وبلدة الطرة محاطة بالكامل بالأراضي السورية مما يبعث قلقا متزايدا في نفوس سكان المنطقة، وبينما كنا نستقل سيارة أبو نبيل والتي كان يقودها باتجاه الحدود؛ أوقف أبو نبيل السيارة فجأة مصرا على أن نستكمل الطريق سيراً على الأقدام.
وصلنا إلى الأرض المحرمة، أرض الشجيرات المتناثرة والمزارع المهجورة. يشير أبو نبيل إلى المنطقة التي يأتي اللاجئون منها سيراً على الأقدام، كما وتتوفر خدمة حافلات تعمل بصفة غير رسمية على الطريق الذي يفتقد لمعالم تميزه وصولا إلى الحدود. ويفيد سكان المنطقة بأنه يمكنهم مشاهدة الحافلة وهي تبدأ مشوارها فارغة لتعود في المساء وهي محملة باللاجئين.
يقوم الدكتور بالالتفاف ليرينا "موقع سوريا" وهي بالفعل موجودة في كل مكان نوجه إليه أنظارنا. وقال لنا ان ابنه قد تزوج حديثًا ولذا فهو يفكر أكثر فأكثر بسلامة عائلته. ويضيف بأن الدليل على تورط الجيش الاردني في المناوشات واضح للغاية ويعتقد أبو نبيل بأن هذه هي أولى علامات التعدي الفوضوي على الأراضي الأردنية.
لطالما كانت المملكة ملجئًا دائماً في منطقة تعاني صراعات مستمرة إلا أن العبء الاقتصادي يتعاظم أكثر فأكثر فالأردن الآن يأوي قرابة 150,000 لاجئ سوري ومن الواضح أنه يرغب بتجنب أي تورط إضافي في الصراع. أما بالنسبة للنفي الرسمي لحدوث هذه المناوشات الحدودية فهذه واحدة من الطرق التي يعتقد المسؤولون بأنهم يجنبون الأردن مزيدا من التورط من خلالها.