كبار أوروبا وإحباطات سوق الانتقالات

تاريخ النشر: 13 سبتمبر 2020 - 05:37 GMT
سوق انتقالات محبط لكبار أوروبا
سوق انتقالات محبط لكبار أوروبا

خلف فيروس كورونا آثاراً اقتصادية فادحة ومدمرة على كرة القدم، تجلت في سوق انتقالات لم يكن كالعادة ممتلئاً بنشاط الأندية، بل على النقيض، أصبحت الأندية تترك لاعبيها مجاناً لعدم قدرة الأندية الأخرى على دفع الأموال لاقتناء لاعبين جدد.

ليست فقط قيمة الصفقات ونشاط الأندية من تأثر، بل أن رواتب اللاعبين أيضاً تراجعت كثيراً، وهذا التضخم الذي عاشته كرة القدم في أسعارها على مختلف الأصعدة تراجع كثيراً وكأن الزمن قد عاد إلى عام 2010 عندما كانت الصفقات بـ 50 مليون تصنف بأنها الأغلى في التاريخ.

فيروس كورونا قضى على المورد الأهم للدخل بالنسبة للأندية، وهو الجماهير، فإغلاق الملاعب أدى إلى خسائر مضنية مادية للجميع، إلى جانب إغلاق المتاحف والمتاجر التابعة للأندية، حتى حقوق الرعاية تأثرت كثيراً من الوباء، وتراجع الوضع الاقتصادي بعد أن كان قد وصل إلى ذروته في السنوات الأخيرة.

لن نتحدث هنا عن الأندية الصغيرة محدودة الموارد فحسب، بل أن الأندية الكبيرة أيضاً كانت متضررة إلى درجة لا يمكن وصفها، في هذا التقرير نستعرض معكم بعض حوداث الانتقالات التي تطرح تساؤلاً حقيقياً، هل هذه هي السوق الأسوأ للكبار منذ سنوات طويلة؟

بعض الأندية الكبرى عانت من أزمة حقيقية ومعضلة اقتصادية بسبب كورونا، بالطبع يأتي في مقدمة تلك الأندية برشلونة، الذي قُدرت خسائره بنحو 300 مليون يورو، والذي بات لا يستطيع شراء أي لاعب في هذه السوق إلا إذا باع نجومه بالدرجة الأولى.

الأمر وصل في برشلونة إلى تقرير الاستغناء عن بعض اللاعبين مجاناً فقط لتوفير النفقات، هذا هو الحال حاليًا مع لويس سواريز، وعلى الأرجح سيكون نفسه مع سامويل أومتيتي وربما آرتورو فيدال، أمر يوضح للجميع ما آلت إليه الأمور بسبب كورونا في كامب ناو.

كان برشلونة يحلم بالتعاقد مع مهاجم صريح وتحديداً لاوتارو مارتينيز، لكن هذه الأحلام بددت بسبب الأموال.

الحال كان شبيهًاً لكن بدرجة أقل في يوفنتوس، الذي عمد هو الآخر على تخفيض فاتورة أجوره بالتخلص من لاعبين مجاناً كبلايز ماتويدي وغونزالو هيغواين ومحاولات جارية الآن مع سامي خضيرة أيضاً، كما بدأ في اللجوء إلى اللاعبين كبار السن غير المكلفين جنباً إلى جنب مع الإعارات كما حدث في صفقة ويستون ماكيني.

من جهة أخرى، عانت أندية أخرى من شرور كورونا لكن بدرجة أقل، وفضّلت الاعتماد على سياسة الحذر وأخذ الحيطة من الناحية الاقتصادية، في مقدمة تلك الأندية يأتي ريال مدريد، الذي تأثر نعم ولكن ليس بنصف قوة تأثر برشلونة مثلاً، ونتيجة لذلك كان قرار فلورنتينو بيريز وإدارته واضحاً بأنه لا صفقات هذا الصيف لتوفير الأموال وخوفاً من الدخول في أزمة اقتصادية.

لم يبرم بالفعل ريال أي تعاقدات بل أخذ في بيع لاعبيه الشباب والفائضين عن الحاجة كخاميس رودريغيز ومحاولات جارية الآن للتخلص عن غاريث بايل أيضاً، والهدف هو الحفاظ على هيكل النادي الاقتصادي من أضرار كورونا.

النادي الآخر الذي التزم سياسية الحذر كان ليفربول، فلم يخف يورغن كلوب رغبته في إبرام تعاقدات لكنه طرح فرضية تفسر الأزمة، كيف لناديه أن يضم لاعبيه والمستقبل بهذه الضبابية؟ لا أحد يعرف متى ستعود الجماهير ومتى يمكن للإيرادات أن ترتفع مرة أخرى، لذلك فالأفضل والأكثر أماناً الابتعاد عن الصفقات الضخمة، تماماً كما حدث في آنفيلد هذا الصيف.

ضم ليفربول فقط كوستاس تسيميكاس لدعم الجبهة اليمنى، ولا تزال الإدارة تخشى دفع قيمة 30 مليون يورو من أجل تياغو آلكانتارا، موقف أيضاً شبيه لموقف إدارة توتنهام وجوزيه مورينيو، صفقات رخيصة قدر المستطاع وإعلان عن الملأ أن النادي لا يمتلك أموالاً.

هذه السياسة وجدت أيضاً في مانشستر يونايتد الذي اكتفى بضم دوني فان دي بيك وعجز عن ضم جادون سانشو ليس بسبب عدم توافر الأموال، بل خوفاً من إنفاق 120 مليون في مثل هذه الظروف، ويمكن رؤيتها أيضاً في آرسنال وغالبية الأندية داخل وخارج إنجلترا، وليس أدل على ذلك من بايرن ميونيخ، الذي انتهج نفس النهج وحتى المعارين قرر عدم شرائهم.

لكل قاعدة استثناء، كما عانى الجميع هذا الصيف بسبب كورونا، كان الاستثناء هو تشيلسي، الذي أبرم 7 صفقات كلها من لاعبين مميزين، ربما يأتي إنتر كاستثناء أيضاً فقد حقق أنتونيو كونتي أغلب رغباته وإن تبقى البعض منها يحاول بيبي ماروتا تحقيقه رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.

يمكن ضم مانشستر سيتي إلى هذه الاستثناءات نوعاً ما، وإن كانت أهداف النادي السماوي كانت أكبر وأضخم من التوقيع فقط مع موهبتين مميزتين كفيران توريس ونايثان آكي.

في النهاية وبعد كل ما عرضناه، يبدو واضحاً أن الأندية كانت لها الكثير من الأحلام هذا الصيف ولكن لأسباب مختلفة تتراوح بين العجز والحذر والحسابات المعقدة، قررت أن تؤجلها أو تلغيها من الأساس باستثناءات محدودة كتشيلسي، ليبقى السؤال، هل هو حقاً السوق الأسوأ لكبار أوروبا بفعل كورونا؟