واقعية بايرن تقوده لثلاثية تاريخية وفليك من الظل إلى القمة

تاريخ النشر: 26 أغسطس 2020 - 11:25 GMT
تتويج مستحق للبافاري
تتويج مستحق للبافاري

سيبقى عالقاً في الأذهان أنه أغرب موسم في تاريخ دوري أبطال أوروبا؛ لكنه انتهى باسم مألوف ظفر بالكأس المرموقة، بعدما تفوق بايرن ميونيخ على باريس سان جيرمان 1–0 في المباراة النهائية التي أقيمت في لشبونة، ليتوج بذلك الفريق الأكثر جدارة بفضل جهود مدربه هانزي فليك.

وحسم هدف واحد النهائي؛ لكن لا توجد أي شكوك بشأن أحقية بايرن في التتويج بطلاً لأوروبا للمرة السادسة في تاريخه.

حقق بايرن ما لم يفعله أي فريق آخر في تاريخ البطولة القارية الأبرز للأندية، وهو التتويج باللقب بعد الفوز في كافة مبارياته.

وكان الأقرب من تحقيق السجل المثالي في حقبة دوري الأبطال ميلان بقيادة المدرب فابيو كابيلو؛ إلا أنه خسر في النهائي أمام أولمبيك مرسيليا في 1993.

ولم يتجرع بايرن مرارة الهزيمة حتى إن لم يكن في أفضل حالاته المثيرة للإعجاب.

ولم يقدم فريق فليك قوته الهجومية المذهلة في النهائي، مثلما فعل في الفوز الساحق 8-2 على برشلونة في ربع النهائي، أو سيطرته التي أظهرها في أغلب فترات فوزه 3-0 على أولمبيك ليون في نصف النهائي؛ لكن بمجرد أن انتزع التقدم في الدقيقة 59 عبر كينغزلي كومان (لاعب سان جيرمان السابق) لم يظهر أن بايرن سيرخي قبضته الحديدية.

ولم يخسر بايرن في 2020، وكان التعادل الوحيد له في الدوري الألماني أمام لايبتزيغ، وكان الانتصار على سان جيرمان الـ 21 له على التوالي.

وربما لا يملك بايرن نجوماً بارزين مثل أندية أخرى، فلا يوجد ليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو أو نيمار؛ لكنه أثبت أنه كفريق يملك كل شيء.

لكن ربما يفخر بايرن بأن بصفوفه مهاجم هداف لا مثيل له حالياً، هو روبرت ليفاندوفسكي الذي تصدر قائمة هدافي البطولة برصيد 15 هدفاً في 11 مباراة، ليرفع رصيده إلى 55 هدفاً بجميع المسابقات خلال الموسم.

وفي مشهد غير مألوف فرضه تفشي فيروس «كورونا» المستجد الذي علق الموسم منذ مارس قبل أن يستأنف ببطولة مصغرة في لشبونة بنظام خروج المغلوب من مباراة واحدة اعتباراً من ربع النهائي، كانت مكبرات الصوت في ملعب دا لوز الوسيلة الوحيدة لمنح الفائز مشاعر الاحتفال مع جمهوره.

كانت مدرجات الملعب الذي يتسع لـ 65 ألف متفرج، خالية، بسبب قرار إكمال الموسم خلف أبواب موصدة، تجنباً لانتشار العدوى، مما ترك فراغاً كبيراً كان لا مفر منه من أجل التمكن من استكمال البطولة التي وصلت إلى بر الأمان، وخرج بايرن رافعاً الكأس للمرة السادسة في تاريخه بفضل هدف كومان.

وأكد رئيس الاتحاد الأوروبي (يويفا) السلوفيني أليكساندر سيفيرين على أن صيغة البطولة المصغرة التي فرضها «كوفيد- 19» هذا الموسم لن تتكرر.

بغض النظر عن إمكانية تكرار هذا النظام في المستقبل، أو اعتماد صيغة مماثلة للتي استكملت فيها البطولة هذا الموسم، فإن بايرن بطل عن جدارة بالتأكيد، بعد أن خرج منتصراً من جميع المباريات الـ11 التي خاضها هذا الموسم في إنجاز لم يحققه سابقاً أي فريق، مكرراً سيناريو 2013 حين توج بالثلاثية للمرة الأولى بإحرازه أيضاً لقبي الدوري والكأس المحليين.

وسجل النادي البافاري بقيادة مدرب تسلَّم تدريبه قبل انتصاف الموسم خلفاً لنيكو كوفاتش، 43 هدفاً في طريقه إلى اللقب القاري، بينها سباعية في مرمى توتنهام (7-1)، وسداسية في مرمى ريد ستار (6-0) في دور المجموعات، وثمانية تاريخية في مرمى برشلونة (8-2) خلال ربع النهائي.

كان بايرن الطرف الأفضل في النهائي، أمام فريق يصل إلى هذه المرحلة للمرة الأولى في تاريخه، حتى إن كان محظوظاً بعض الشيء في مواجهة الهجوم الضارب للفريق المنافس بقيادة نيمار، وآنخيل دي ماريا، وكيليان مبابي.

لكن اللافت في حملة هذا الموسم ليس ما قدمه المخضرمون مانويل نوير وجيروم بواتينغ وتوماس مولر وحسب؛ بل المساهمة المميزة من الوجوه الشابة على غرار ألفونسو ديفيس، ابن الـ 19 ربيعاً الذي قال بعد اللقاء: «إنك تحلم بلحظات مماثلة حين تكون طفلاً. بصراحة، لا أصدق ذلك، الفوز بدوري الأبطال هو أعلى ما يمكن الوصول إليه».

ويستحق فليك نصيباً خاصاً في هذا الإنجاز؛ لأنه نجح في قلب الأمور بعد عام على خروج بايرن من ثمن نهائي الموسم المنصرم على يد ليفربول الذي توج لاحقاً باللقب، لا سيما أن الفريق البافاري بدا بعيداً كل البعد عن إمكانية الفوز بلقب المسابقة القارية تحت قيادة كوفاتش.

ولم يتوقع أشد المتفائلين أن ينجح فليك الذي تسلم منصبه في نوفمبر الماضي مدرباً مؤقتاً قبل تعيينه لاحقاً بصفة دائمة، في قيادة البافاري إلى الثلاثية، وهذا ما تطرق إليه مولر بالقول: «يا لها من فرحة هائلة، نشعر بأننا قطعنا شوطاً كبيراً منذ نوفمبر».

وتابع مولر الذي ارتقى عالياً بمستواه بعد تعيين فليك: «لا أعلم كيف بدا الأمر من الخارج؛ لكني أعتقد أننا نستحق اللقب بالطريقة التي لعبنا بها».

وفيما يخص تغيير المدرب في منتصف الموسم، فإن هذه الخطوة أعطت ثمارها في عديد من الأندية خلال المواسم القليلة الماضية، إذ بات فليك ثالث مدرب في العقد الماضي يحرز اللقب رغم تسلمه المهمة في منتصف الموسم، بعد الإيطالي روبرتو دي ماتيو مع تشيلسي موسم 2011 – 2012، والفرنسي زين الدين زيدان مع ريال مدريد موسم 2015 – 2016، ثم في الموسمين التاليين.

يبقى أن نرى كيف سيكون أداء بايرن الموسم القادم الذي ينطلق قريباً جداً، مع بدء الدوري الألماني في 18 سبتمبر، ودور مجموعات دوري أبطال أوروبا في أكتوبر.

سيكون البافاري بالتأكيد قوة ضاربة مرة أخرى، على غرار منافسيه، وفي مقدمهم باريس سان جيرمان الذي يتوجب عليه النهوض ومعاودة المحاولة مجدداً، رغم صعوبة السقوط عند العقبة الأخيرة.