أكد رئيس وزراء الأردن فايز الطراونة أمس، أن حكومته تنوي رفع أسعار بعض السلع الأساسية للحيلولة دون تصاعد العجز في الميزانية ليتجاوز أربعة مليارات دولار العام الجاري مما يضر بالاقتصاد الذي يعاني ركوداً.
وقال الطراونة إن اجراءات التقشف المتوقعة قبل نهاية الشهر ستشمل رفع أسعار الكهرباء والبنزين عالي الجودة، ولكن لن تؤثر في دعم الخبز للفقراء. ونقلت وكالة رويترز عن الطراونة قوله: "لابد من إجراءات سريعة محلياً كي نطمئن الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الإقليمية والدولية المانحة إلى أننا نقوم بواجبنا في ترتيب أوضاعنا الداخلية مالياً واقتصادياً".
ووصف محللان اقتصاديان تحرك الحكومة لرفع الأسعار بأنه خطوة متسرعة لن تحل المشكلة الاقتصادية في الأردن والمتمثلة في عجر متنام في الموازنة. وقال سامر الطويل وزير الاقتصاد الأسبق، إن الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها ستوفر لها 200 مليون دينار كإيرادات، ولكن في المقابل هنالك عجز في الموازنة يتجاوز أربعة مليارات دينار.
ورغم تحرير الأردن أسعار الطاقة قبل سنوات، فقد أعلن العام الماضي تجميد رفع آخر لأسعار البنزين وبعض السلع الأساسية لتفادي اضطرابات محتملة. ونقل عن وزير المالية سليمان الحافظ قوله إن رفع الأسعار المزمع الذي قد يشمل ضرائب أعلى على السلع الفاخرة ضروري لتفادي ارتفاع العجز في الميزانية إلى 2,03 مليار دينار (2,8 مليار دولار) بعد حساب المعونات الأجنبية التي عادة ما تغطي العجز في الميزانية.
وقال الحافظ إن عجز الميزانية قد يرتفع الى مستوى قياسي عند 2,93 مليار دينار إذا انخفضت بشدة أحجام المساعدات الأجنبية هذا العام ولم تنفذ إجراءات التقشف. وحددت ميزانية عام 2012 عجزا أقل كثيرا للميزانية عند 1.027 مليار دينار أو ما يوازي 4,6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتبنت حكومات متعاقبة سياسية مالية توسعية اتسمت بدعم كبير من جانب الدولة وزيادة الأجور بعد أشهر من الاحتجاجات منذ بداية العام الماضي استلهمت الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي. ومن أجل تفادي تصاعد الاضطرابات وفرت السلطات المزيد من الوظائف في القطاع العام المتخم بالفعل، وجمدت أسعار البنزين، وأبقت على الدعم للخبز.
وقال الطويل إن ما تفعله الحكومة هو "حلول تسكينية جانبية مؤقتة ولا تؤدي إلى حل كامل للمشكلة". وأضاف أنه لا بد من إعادة النظر في مجمل السياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومة والتي تتعلق بالإنفاق الحكومي والسياسة الضريبية والاستثمار دون التسرع في اتخاذ قرار رفع الأسعار التي ستؤثر في الفقراء والطبقة المتوسطة. ويرى الطويل أن الشارع الأردني لن يتلقى خبر الزيادة في الأسعار بإيجابية في أي ظرف من الظروف وستكون ردة فعله سلبية وخاصة في ظل "الحراكات المحلية المستمرة".
ووصف يوسف منصور المختص الاقتصادي هذه الخطوة بأنها حل جزئي من المحتمل أن تتبعه قرارات رفع مقبلة كون الإيراد من هذا القرار لا يشكل ربع عجز الموازنة. وقال منصور: "قرار الحكومة متسرع وستكون تكلفته كبيرة جداً، وسيؤدي إلى مزيد من التراجع للاقتصاد الأردني". وأضاف أن تنفيذ القرار برفع الضريبة على القطاع الصناعي سيؤدي إلى انتقال العديد من الصناعات الموجودة في الأردن إلى دول أخرى.