والدتي، وهي امرأة نيجيرية، لاتزال تحمل لوحة تذكارية للأميرة ديانا والأمير تشارلز في 29 يوليو 1981 معلقة على جدار منزلها في غرب لندن، وظلت تنظفها وتصقلها بانتظام بكل فخر. وتصادف أن كنت في لاغوس، نيجيريا، في عام 1997 عندما توفيت ديانا، حيث شهدت بريطانيا سيلاً غير معهود من الحزن على وفاتها، ولكن على بعد أكثر من 3000 ميل رأيت رجالاً ونساء من السود يشعرون بالحزن كما لو أن أحد أفراد أسرتهم قد مات.
وبالنسبة للنساء السود على وجه الخصوص، كان وصول ميغان إلى قصر باكنغهام لحظة ذات معنى عميق حقاً. تساءلت النساء السود في عائلتي وفي مكتبي بصوتٍ عالٍ: هل ستهبط طائرة هليكوبتر في أحياء بيكهام أو سيفين سيسترز في لندن، لكي تتمكن ميغان من شراء منتجات العناية بالشعر والبشرة؟ هل سيُسمح لها بأن تصبح بشرتها طبيعية، أم سيتطلب البروتوكول الملكي أن تقوم بتسوية شعرها؟ هل سيسمح لها بالتحدث عن قضايا السود؟ عندما يحدث شيء ما في المجتمع، هل ستكون صوتاً لنا؟ كان بعض ذلك مزاحاً، لكن المعنى المقصود كان واضحاً: هل يُسمح لها بأن تظل هي نفسها، امرأة ملونة؟
المقابلة التي أجرتها أوبرا مع ميغان وزوجها، فجرت الآن خلاصة مدوية. كان ينبغي أن يقرب زواج ميغان وهاري الأمة من بعضها بعضاً، وأن تكتسب القوة البريطانية الناعمة دفعة هائلة لهذا البلد الذي كان واثقاً لدرجة كافية لاحتضان امرأة أميركية سوداء في مركز قوته الرمزية المتمثلة في العائلة المالكة. ولكن بدلاً من ذلك، حدث العكس.
فبدلاً من الدفاع عن ميغان ضد عدوانية الصحافة والأكاذيب والتطفل، منعتها المؤسسة الملكية من الدفاع عن نفسها من الهجمات، وذهبت حتى إلى تأليب الصحافة ضدها، وأسوأ من ذلك بكثير، وأدى الانقسام داخل المؤسسة نفسها أولاً إلى هروب ميغان وهاري فعلياً من البلاد، ثم انسحابهما اخيراً من الحياة والواجبات الملكية تماماً.
عندما ظهرا على شبكة «سي بي إس» مع وينفري، وضع البرنامج النقاط على الحروف، ورسم صورة لزوجين شابين محاصرين ومختنقين تُركا من دون حماية من قبل مؤسسة لا تتغير. وحاولت العلاقات العامة بالقصر بشكل استباقي انتزاع السرد من المقابلة المتلفزة من خلال الكشف في صحيفة التايمز عن أن ميغان كانت هي التي تتنمر منذ عامين، على مجموعة من موظفي القصر ما أدى لطردهم في ما بعد، ثم ادعى القصر أيضاً أنه سيبدأ تحقيقاً غير مسبوق في الأمر.
يعرف أي شخص أسود هذه القصة جيداً. إنه تكتيك شائع للمنظمات التي تستشعر سوء السمعة، أو الضرر الذي سيحيق بعلامتها التجارية بسبب عنصريتها، حيث تلجأ لتوجيه ضربة استباقية ضد الأقلية العرقية المتضررة.
وردّ ممثلو ميغان على الشكاوى التي عادت إلى الظهور الأسبوع الماضي، ووصفوها بأنها «حملة تشهير محسوبة تستند إلى معلومات مضللة وضارة».
كان من المفترض أن يساعد زواج ميغان وهاري في توسيع أهمية النظام الملكي وتمديد عهد آل وندسور لفترة طويلة قادمة. ربما لن يكون هاري وميغان ملكاً وملكة في المستقبل، لكنهما يمثلان بلا شك مستقبل النظام الملكي، ومع قوة فكر ميغان السياسي، وتمكينها الذاتي، وفكرها الناري، فإن مثل هذه الصفات المثيرة للإعجاب كان ينبغي أن تجعل ميغان إضافة رائعة للعائلة المالكة بدلاً من رفضها باعتبارها «مخططة لديها خطة رئيسة».
ويتجاهل تحقيق القصر بشأن ميغان المزاعم الأكثر خطورة ضد أفراد آخرين من العائلة المالكة، بما في ذلك المزاعم الجنائية الخطيرة بشأن علاقة الأمير أندرو المقلقة مع مغتصب القاصرات، جيفري إبستين. ونظراً لأن ميغان هي الشخص الوحيد الملون في العائلة المالكة بخلاف ابنها، فإن تصرفات القصر سعت للتشكيك من غير داع في صدقيتها، لكن هذه التصرفات عززت أيضاً ما كشفت عنه هي وهاري في مقابلة مع وينفري.
العنصرية منتشرة في المجتمع البريطاني لدرجة أن المحاولات لإعلام الناس وتثقيفهم عنها، أو على الأقل تقليل الضرر الذي تسببه العنصرية غالباً ما يُنظر إليها على أنها اعتداء على المجتمع البريطاني والتاريخ نفسه.
وكما ذكر هاري لوينفري، فإن القصر نفسه خائف من قوة الصحف الشعبية البريطانية، (لا تعد الصحف الشعبية البريطانية عموماً صحف فضائح خالصة مثل العديد من الصحف الأميركية). أحد أشهر الصحافيين في بريطانيا، بيرس مورغان، الرئيس السابق لصحيفة تابلويد، كان يستخدم برنامجه الصباحي اليومي باستمرار على قناة «آي تي في» وعموده في «ديلي ميل»، لشن هجوم مستمر على ميغان. اليوم، حتى الصحف العريقة مثل «التلغراف» تواصل الحرب الكلامية على ميغان، في محاولة لتصويرها على أنها صاخبة، ومتواطئة، وعدوانية، وتنكر دورها في إدامة العنصرية.
دفعت بلطجة الصحافة وسلوك القصر ميغان وهاري إلى أحضان أوبرا وينفري - مغناطيس التصنيف وقوة تمكين المرأة السوداء - حيث التقوا جميعاً داخل منزل يملكه قطب هوليوود، تايلر بيري (مثال آخر لتمكين السود). كانت المقابلة بأكملها بمثابة إحراج وطني دائم للمملكة المتحدة. كما مثلت أيضاً فرصة للكشف عن مدى خطورة مشكلة العنصرية في المجتمع البريطاني. كان من المفترض أن يوفر ذلك فرصة للتطور للأفضل، والشفاء، والمصالحة، لكنه غير مرجح.
ميغان ماركل، سليلة الأفارقة المختطفين الذين تم شحنهم إلى أميركا في قيعان سفن العبيد ثم استعبادهم لقرون عدة، أصبحت بطريقة ما جزءاً من العائلة المالكة البريطانية، وتشبه قصتها حكايات الجنيات السود (وقصص رعب عنصرية). كان من المفترض أن يشكل هذا الزواج بين ميغان وهاري فرصاً رمزية ودبلوماسية لا نهاية لها للملكية، ولبريطانيا، وللكومنولث، ومع ذلك فقد تم إهدار هذه الفرص.
كان ينبغي أن تعكس هذه المقابلة عظمة بريطانيا، كان من الممكن أن يكون ذلك بمثابة تعزيز للعلاقات العامة لدولة مثقلة بالهموم بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، لاتزال تعاني فيروس كورونا. لكن المقابلة كشفت بدلاً من ذلك أسباب اضطرار الزوجين للفرار من ظلمة بريطانيا التي لا توصف، والتي لا يمكن العيش داخلها.