نجح أياكس أمستردام في مباغتة ريال مدريد بطريقة لعبه، التي تعتمد على اللعب الجماعي وسرعة تناقل الكرة بين مختلف الخطوط، فضلاً عن اعتماده على سرعة الأجنحة من أجل التغلب على دفاع الملكي وتسجيل الأهداف وكان له ما أراد.
وقدم النجم حكيم زياش مباراة مميزة وساهم بشكل كبير في حجز الفريق الهولندي تأشيرة المرور إلى الدور المقبل، إذ سجل هدفاً في لقاء الذهاب، وأعاد الكرّة مجدداً في مباراة الإياب.
ومنذ الدقائق الأولى، أبى زياش إلا أن يفرض اسمه بقوة كواحد من نجوم اللقاء، فقد استقبل تمريرة محكمة من زميله دوسان تاديتش، ووضع الكرة بهدوء في شباك حارس ريال مدريد تيبو كورتوا.
وأزعج الدولي المغربي دفاع ريال مدريد، وشكل مصدر خطر دائم على فريق العاصمة الإسبانية، ولم يقتصر دور صاحب القدم اليسرى المميزة فقط على الربط بين خطي الوسط والهجوم، بل أيضاً الضغط على لاعبي ريال مدريد في حال فقدان أياكس للكرة.
وأثبت نجم الوسط علو كعبه فوق المستطيل الأخضر، حيث ساعدته مهارته الكروية في التغلب على لاعبي ريال مدريد، وخلق الفارق في أكثر من مرة، خاصة وأن المباراة كانت مفتوحة بشكل كبير.
وكان الدولي المغربي قريباً للغاية من تسجيل هدف آخر في دقائق المباراة الأخيرة.
ووصفت صحيفة “ليكيب” الفرنسية زياش بـ”الجوهرة”، وأكدت أن الدولي المغربي وزميله في أياكس فرينكي دي يونغ، من أفضل اللاعبين في دوري الأبطال.
فيما أشار موقع صحيفة "فرانكفورت" الألمانية إلى أن بوروسيا دورتموند يراقب زياش عن كثب، تمهيداً لضمه الصيف المقبل.
سيكون الدولي المغربي، مهندس خط وسط أياكس أمستردام منذ ثلاثة مواسم، أحد الأسلحة البارزة للفريق الهولندي في باقي المنافسة.
وإذا كانت الأضواء مسلطة في الآونة الأخيرة على المواهب الهولندية الجديدة من أمثال دي يونغ، وماتيس دي ليخت، ودوني فان دي بيك، فإن زياش بلا شك يتمتع بقدر كاف من الموهبة للبروز، فالدولي المغربي البالغ من العمر 25 عاماً كان قد برز بقوة في كأس العالم، وليس من باب الصدفة أن يكون من بين أكثر لاعبي أياكس شعبية في أوساط المشجعين.
وحصل زياش الذي يلعب بأريحية كبيرة في دوره بالجناح الأيمن في الخطة التكتيكية 4-3-3 التي تشتهر بها المدرسة الكروية الهولندية التقليدية، العام الماضي، على جائزة رينوس ميتشلز التي تمنح بعد تصويت جماهير أياكس، لأفضل لاعب في النادي. وفي الوقت نفسه، تم اختياره أيضاً أفضل لاعب في الدوري الهولندي.
ومنذ بداية مشواره مع أياكس عام 2016، مرّر زياش (23 مباراة دولية)، 35 كرة حاسمة وسجل 30 هدفاً في 85 مباراة في الدوري الهولندي.
أهداف زياش الذي يحمل أيضا الجنسية الهولندية حيث ولد في مدينة دروتن، لم تأت صدفة، فصانع الألعاب الذي فضل الدفاع عن ألوان بلده الأصلي المغرب، يشتهر بأسلوب متميز في السيطرة على الكرة وبلمساته الفنية العالية داخل المنطقة وقدرته على إيجاد الثغرات من الكرات الثابتة، فيما يعاتبه منتقدوه أحيانا على الإفراط في اللعب الفردي.
واستفاد أياكس أمستردام من قرار الاتحاد الهولندي لكرة القدم الهادف إلى إراحة الفرق الهولندية للحفاظ على الفرق المنافسة في المسابقات القارية، فلم يخض مباراته أمام تسفوله التي كانت مقررة نهاية الأسبوع الماضي ضمن المرحلة الرابعة والعشرين من الدوري المحلي.
وقال زياش الذي يتميز أسلوب لعبه بالسرعة والحيوية اعتماداً على لياقته البدنية الجيدة عن ذلك في حديث لمجلة “فوتبال إنترناشونال” “هذا يمكن أن يصب في صالحنا”.
وأردف نجم منتخب “أسود الأطلس” الذي قدم أداءً جيداً مع المنتخب في نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، قائلاً: “أياكس سيلعب دون ضغوط لأن موسمنا الأوروبي ناجح بالنظر لما حققناه حتى الآن”.
مونشي يودع روما بعد فشله الذريع
والنتائج التي حققها في دور المجموعات لهذا الموسم دليل على ما قاله النجم المغربي كون أياكس أمستردام، ثاني الدوري في بلاده، أنهاه دون خسارة في مجموعة ضمت العملاق بايرن ميونيخ وبنفيكا وأيك أثينا (3 انتصارات ومثلها تعادلات).
ولكن هذه “القصة الناجحة” لأياكس أمستردام في مسرح مسابقة دوري أبطال أوروبا قد تكون ذات حدين لأن النادي الذي عرف بأكاديمية تخرجت منها أبرز الأسماء الهولندية، قد يخسر هذا الصيف أفضل لاعبيه بينهم زياش الذي أبدت أندية كثيرة اهتمامها بالتعاقد معه أبرزها روما ودورتموند.
ومن المرجح أن يحذو النجم المغربي حذو دي يونغ الذي حصل برشلونة على خدماته اعتباراً من الصيف المقبل.
لكن زياش إذا غادر أياكس أمستردام، سيبقى في قلوب المشجعين الهولنديين كون مبادراته لصالح المؤسسات الخيرية كانت عديدة. ذلك أن القلب النابض لأسلوب لعب الفريق هو أيضاً رجل يتمتع بقلب كبير.
كان من شأن ذلك أن يسعد الأسطورة الهولندي الراحل يوهان كرويف بأن يحمل التأهل الاستعراضي لأياكس إلى الدور ربع النهائي من دوري أبطال أوروبا على حساب ريال مدريد حامل اللقب في الأعوام الثلاثة الماضية، بصمات اللاعب التاريخي الذي رحل قبل ثلاثة أعوام.
ومع بداية العقد الثاني من الألفية، بدأ كرويف ورشة عمل وتحديدا في مدرسة الشباب “دي توكومست”، أو كما تعرف بمدرسة “المستقبل” في النادي المحبب إلى قلبه بعد تراجع أداء الفريق.
وانطلق كرويف من مبدأ “التركيز على الفرد. لأنه من خلال تدريب أفراد استثنائيين نبني فريقاً كبيراً”.
مدرسة “المستقبل” هي عبارة عن مجمع يتضمن 12 ملعبا تستقبل مواهب محلية، وتقع على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة. ويعمل ثمانية من الكشافين بدوام كامل لرصد هذه المواهب، إضافة إلى 90 متطوعاً سبق لمعظمهم أن مروا بالنادي.
وعلى الرغم من أن النتائج تأخرت، إلا أنها ظهرت بشكل ملفت حالياً: دي يونغ (21 عاما)، ودي ليخت (19)، وفان دي بيك (21)، وكاسبر دولبيرغ (21)، والحارس أندريه أونانا (22)، وراسموس كريستنسين (21) يشكلون العمود الفقري لفريق شاب، تحيط بهم بعض المواهب الأكبر سناً أمثال دالي بليند (28)، وزياش (25)، والمهاجم تاديش (30) الذي ساهم في ثلاثة أهداف من أصل أربعة سجلها فريقه الثلاثاء.
وكان المدرب لويس فان خال قد صرّح لمجلة “بانينكا” منذ فترة قائلاً: “هذا الجيل يكاد يكون بقوة جيل 1995. قلت ذلك في أكتوبر عندما واجه أياكس بايرن ميونيخ وقد سخروا مني”.
وفان خال هو آخر مدرب قاد أياكس للفوز بلقب دوري الأبطال مع لاعبين صغار السن حملوا حينذاك أسماء إيدوين فان دير سار، فرانك ورونالد دي بور وإدغار دافيدز وكلارينس سيدورف ومارك أوفرمارس وياري ليتمانين.
وعلى أياكس أن يستفيد من مواهب الجيل الحالي الاستثنائي لأنه لن يتمكن بالتأكيد من مقاومة الإغراءات المالية للأندية الأوروبية الكبيرة، مما سيؤدي إلى تفكيك هذه المجموعة الساحرة.